حمة الهمامي: سعيّد لم يصعد للرئاسة بكوب قهوة.. المعارضة ليست قادرة على إخراج الملايين للشارع

تحدث الأمين العام لحزب العمال حمة الهمامي في حوار مع الجزيرة نت عن تقييمه موقف اتحاد الشغل من مسار 25 جويلية 2021 وعن أبرز أخطاء اليسار  خلال العشرية الأخيرة، 

 

وفي هذا الحوار ، اعتبر حمة الهمامي أن الدول التي تريد الحفاظ على سيادتها واستقلالها من الأفضل ألا تلجأ إلى صندوق النقد الدولي لأنها تسهم في تكبيلها.

وقال "أتحدى أيا كان يعطيني مثالا أو تجربة واحدة مع صندوق النقد الدولي أدّت إلى ما فيه خير لهذا البلد أو ذاك، بل بالعكس تؤدي دوما إلى تعميق الأزمات والانفجارات الاجتماعية".

وقال "قيس سعيّد وحكومته دخلوا في مفاوضات ويتحدثون عن اتفاق مع صندوق النقد الدولي من دون الكشف عن هذا الاتفاق، وهم يخفون مضمونه لأنه مرفوض شعبيا، ولكننا نعرف الخطوط الأساسية التي يصفونها بالإصلاحات أو الإجراءات الموجعة؛ وأهمها رفع الدعم وخصخصة المؤسسات العمومية والأولوية فيها للرأسمال الأجنبي، وهو ما سيحوّل الدولة التونسية إلى مجرد دولة بوليس تجمع الجباية فقط. ثم إن قرض الصندوق ضئيل جدا ولن يوجّه إلى الاستثمار حسب الخبراء".

وبخصوص وصف المعارضة بكونها ضعيفة، قال حمة الهمامي " صحيح أن المعارضة اليوم ليست قادرة على إخراج الملايين إلى الشارع،" ولكن السياسة لا يُنظر إليها بهذا الشكل؛ إذ لا بد من التراكم. لدينا فئات وطبقات شعبية يجب أن ينتقل وعيها من حالة إلى حالة، فزين العابدين بن علي لم يسقط بين عشية وضحاها بل بعد تراكمات عدة".

وأضاف "صحيح أن الشعب التونسي عانى من بن علي ومن حكموا في العشرية الماضية، لكن سعيّد لم يأتِ بحلول، بل استغل الوضع ليستبدله بحكم فردي مطلق على رأسه شخص متألّه، مع مواصلة نفس خياراتهم الاقتصادية، و الحالة الشعبية اليوم تغيّرت عما كانت عليه بعد 25 جويلية 2021، فقد بدأ التذمّر يكثر والوجه الحقيقي لقيس سعيّد بدأ يظهر من خلال قمع التحركات الشعبية والتضييق على الحريات".

وتابع حمة الهمامي قوله "بالنسبة لليسار "الثوري" الذي أنتمي إليه -خاصة الجبهة الشعبية- اكتست مواقفها بكثير من التردد والغموض، ونحن في حزب العمال قمنا بعدة أخطاء؛ فلم نقدم للشعب برنامجا متكاملا وواضحا، وكان علينا أن نستغل الوضع من أجل أن نلتحم أكثر بالعمال والكادحين؛ فالجبهة كادت أن تتحول إلى مجرد معارضة برلمانية، وكان علينا أيضا أن ننظم صفوفنا أكثر".

واعتبر " أن الجبهة السعبية واقعيا انتهت منذ 2016 وليس 2018 عندما حصل الخلاف حول حكومة يوسف الشاهد وإلى يومنا هذا ما يزال قائما"، مضيفا" هناك من انساق وراء قيس سعيّد رغم أنه وجّه إليهم الصفعة تلو الأخرى، وهو يريد تصفية كل المكاسب الديمقراطية التي أتت بها الثورة. إذا كنت لا تريد "النهضة" فلا تبحث عن بديل أسوأ".

وبشأن رأيه في المشاركة في الانتخابات ، أجاب حمة الهمامي "في الحقيقة الانتخابات في تونس كانت تتيح للجميع الترشح والقيام بحملة انتخابية، ولكن المناخ الانتخابي هو الذي يحدد النتائج. والعامل الذي كان يتحكم في الانتخابات هو المال الفاسد؛ فهي غير نزيهة، خاصة انتخابات 2019 التي كانت الأسوأ على الإطلاق، والانتخابات برمتها فاسدة، ولعل أفضلها نسبيا انتخابات 2014 التي شهدت مراقبة موازين القوى لبعضهم البعض، وقيس سعيّد لم يصعد بكوب قهوة كما يروّج".

وفيما يخص  تقييمه لموقف اتحاد الشغل من مسار 25 جويلية،قال إن "موقف الاتحاد العام التونسي للشغل موقف نقدي، ولا يمكن أن يكون إلا نقديا؛ لأن رفع الدعم وتجميد الأجور وخصخصة المؤسسات العمومية ضرب للقاعدة الاجتماعية للاتحاد؛ فقاعدته النقابية الأساسية موجودة في المنشآت العمومية،ومن الناحية السياسية نتمنى أن يكون موقف الاتحاد واضحا من الانتخابات القادمة لأننا سنكون أمام مجلس "بيادق" يتلاعب بها الرئيس".

وفي سياق متصل، اعتبر حمة الهمامي أن البرلمان المقبل سيكون مجرد "سيرك"، قائلا "يكفي أن ننظر إلى بعض العيّنات التي بدأنا نراها تظهر في وسائل الإعلام والتي تنذر بمشهد شعبوي بائس من دون برامج ولا تنافس. فالرئيس في حد ذاته حين وصل إلى السلطة صرّح بأنه لا يوجد برنامج لديه ولا وعود. وهذا البرلمان لن تكون له سلطة تشريعية، ولا سلطة رقابة على الرئيس، ولا على الحكومة. إذًا هذا المجلس هو محاولة من الرئيس لتمرير مشروعه، وبالتالي لن يكون له وزن في الحياة السياسية، والسلطة ستبقى كاملة بيد شخص "متألّه".

وبخصوص موقفه من قيس سعيد، قال زعيم حزب العمال " قيس سعيّد شعبوي، والشعبوية من أخطر الأيديولوجيات؛ لأنها تُعادي الحريات والديمقراطية والنخب، وكما قال أحد المفسرين: نحن أمام رجل لا يمكن تصنيفه، وهو يستلهم نظرته للعلاقة بين الحاكم والمحكومين من علاقة الله بالناس التي لا تحتاج إلى واسطة حتى يتواصل الإنسان مع خالقه. وبهذه الفكرة البسيطة يؤصّل سعيد نظرته للحكم وفهم الدولة وهي نظرة تقوم على فكرة أن الرئيس لا يحتاج إلى أجسام وسيطة كالإعلام والمجتمع المدني والأحزاب السياسية والطبقة المثقفة".

وأضاف "من الناحية الأيديولوجية السياسية، قيس سعيّد قريب من فكرة "ولاية الفقيه"، وكما قال الصادق بلعيد سيكون لنا رئيس فوق المؤسسات؛ مما يعني أنه شخص "متألّه" لا تحكمه المؤسسات، فهو أقرب لفكرة المرشد أو السلطان، وقد أخرج تونس من معجم الجمهورية".

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.