بين تطمينات وزارة الفلاحة وتخوفات المجتمع المدني.. أزمة المياه في تونس تراوح مكانها

 مروى الدريدي-

أثارت المعطيات التي كشف عنها وزير الفلاحة والموارد المائيّة والصّيد البحري محمود إلياس حمزة، في" نقطة اعلامية بشأن الوضعية المائية الحالية، حفيظة البعض ممن اعتبر أن البلاد تعيش أزمة مياه حقيقية وجب الاعتراف بها وتداركها من قبل السلطات الرسمية، على غرار المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وعلى عكس تصريحات الوزير، شدد المنتدى، على أن آلاف التونسيين محرومين من حقهم في الماء الصالح للشرب ومن خدمات الصرف الصحي، وهو ما يعد انتهاكا صارخا لحقوقهم الكونية مثل الحق في الصحة وفي العيش الكريم، مضيفا أن التونسيون يعيشون تحت خط الفقر المائي حيث لا يتجاوز نصيب الفرد 400 م3 سنويا وهي كمية اقل بكثير من 1000م3 في السنة الموصى بها من طرف منظمة الصحة العالمية. 

أزمة تلوث المياه

وبشأن أزمة تلوث المياه التي نفاها الوزير أثناء الندوة، مشددا على أن "الستاغ" حريصة كل الحرص على توفير مياه صالحة للشرب تستجيب للمواصفات الجاري بها، بيّن المنتدى أنه لا تتم مراعاة الجانب الصحي في تزويد السكان بالماء بأغلب الجهات، حيث أن نسب العينات الغير مطابقة للمواصفات من الجانب البكتريولوجي تظل مرتفعة وفي نسق تصاعدي حيث ارتفعت من 9.9% سنة 2019 الى 10.1% سنة 2020. كما أن نسب غياب الكلور الحر المتبقي (chlore libre résiduel) مرتفعة بعديد المناطق كما هو الشأن في تطاوين (33%) وأريانة (21%) مقارنة بالمعدل الوطني (5.4%)، وفقا للمنتدى.

وأشار في بيانه، الذي تلقت حقائق أون لاين نسخة منه، إلى أن "تحاليل تم اجراؤها على مياه الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه بمنطقة حاجب العيون من ولاية القيروان، اثبتت عدم مطابقتها لجميع المعايير الصحية إذ تم اكتشاف عدة شوائب ومواد ملوثة في الماء وفق الخبير المكلف من طرف المحكمة الادارية بالقيروان، وذلك إثر الدعوة القضائية التي رفعها فرع المنتدى التونسي بالقيروان ضد الشركة المذكورة".

ويؤدي تردي جودة مياه الشرب في تونس الى تخوف المواطنين من آثار شربها على صحتهم، ما جعل تونس تحتل المركز الرابع عالميا في استهلاك المياه المعلبة ب 227 لتر سنويا للفرد الواحد حسب نفس التقرير السنوي لقسم العدالة البيئية بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

قنوات ربط للمياه بالية

أما بالنسبة للانقطاعات التي تشمل المؤسسات التربوية، فذكّر المنتدى بأنه الى حد شهر أكتوبر 2020، لا تزال 1415 مدرسة عمومية غير مرتبطة بالماء الصالح للشراب، أي ما يعادل ثلث المؤسسات التربوية بالبلاد، وعليه فإن ربط 859 مدرسة بمياه الشرب كما صرح بذلك الوزير يظل غير كاف بما أن عدد المدارس التي تفتقر الى الماء الصالح للشرب لا يزال مرتفعا خاصة في ولايات الوسط الغربي والشمال الغربي أين لا تتجاوز نسبة ربط المدارس ال 28% بالقصرين على سبيل المثال.

واشار المنتدى إلى الأرقام التي قدمها وزير الفلاحة في علاقة بتركيز وتجديد الشبكات، معتبرا أنها تظل غير كافية بالنظر إلى نسبة إهدار الماء على مستوى شبكات الربط والتزويد والتي تصل الى 40% بسبب قدم الشبكة وتهالكها ونقص أشغال الصيانة. 

وأفاد بأن القنوات المائية بمنطقة الحوض المنجمي من ولاية قفصة لم يتم تجديدها منذ تاريخ تركيزها في الثمانينات كما أن العديد من الأعطاب بالشبكة يجعل الماء ينساب لأيام متواصلة دون أي تدخل من أعوان الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه في الابان.

ماذا جاء في النقطة الاعلامية لوزير الفلاحة؟

وكان وزير الفلاحة قد قال في نقطة اعلامية بتاريخ 02 أوت 2022، إن النّقص الحاصل في الموارد المائية تسبب في انقطاع المياه في بعض المناطق خلال الذروة الصيفيّة، وأنّ الوزارة عملت على تدارك هذا النقص من خلال وضع برمجة لتقسيط المياه في بعض الجهات التي لا تتوفر فيها موارد مائيّة كافية.

وفيما يخصّ الجانب الصحي، أكّد الوزير أن كل ما يروج له حول امكانيّة تلوث المياه نتيجة تسرب داخل القنوات غير واردة تماما باعتبار أن قنوات شبكة توزيع مياه الشرب تعمل بالضّغط (RESEAU SOUS PRESSION) لذا لا يمكن حصول تسرّب للتلوّث من الخارج.

وشدد على أن الشركة الوطنيّة لاستغلال وتوزيع المياه حريصة كل الحرص على توفير مياه صالحة للشرب تستجيب للمواصفات الجاري بها العمل، حيث تقوم بالمراقبة اليومية للمياه الموزعة بكامل تراب الجمهورية انطلاقا من المصدر وصولا إلى الحريف عبر التحاليل البكتريولوجية Bactériologique Analyse لما يقارب 53 ألف عينة سنويا عن طريق مصالح الشركة و 35 ألف عينة عن طريق وزارة الصحة حيث أثبتت التحاليل أن نسبة العينات المطابقة بلغت %97,2 .

وبالنسبة لتزويد المدارس بالماء الصالح للشرب والصرف الصحي، أفاد السيد محمود ألياس حمزة أنّه في إطار معاضدة المجهودات التّي تقوم بها وزارة التربية في مجال تزويد المدارس الريفيّة بالماء الصالح للشرب والصرف الصحي، تم منذ سنة 2016 تزويد 859 مدرسة بمياه الشرب وإنشاء نظام صرف صحي على مستوى 831 مدرسة بتكلفة حوالي 46 مليون دينار في إطار برنامج وطني. 

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.