حديث مع فرج سليمان ومجد كيال عن حُلم مهرجان قرطاج وعن حيفا والروابط الإنسانية والفنية والمشاريع الجديدة

 يسرى الشيخاوي-

جنون الموسيقى، جموح الكلمة، وتمرّد الأسلوب، بعض من سمات المشروع الفني للفلسطينيين فرج سليمان ومجد الكيال اللذين احتفيا بمدينة "حيفا" على طريقتهما الفنية المارقة عن السائد والمألوف في ألبوم "أحلى من برلين".

لقاء فني وإنساني بين فرج سليمان ومجد كيال أفضى إلى مقطوعات موسيقية لا تخلو من فلسفة قوامها التجريب وكسر القوالب الجاهزة، مقطوعات تتداخل فيها الأحاسيس والانفعالات ويسكت الكلام لتنطق الموسيقي معاني عميقة تتجدّد مع كل نوتة وإيقاع وكلمة.

وفي ألبوم "أحلى من برلين" يرسم الثنائي بأسلوب مختلف مدينة حيفاء بكل تفاصيلها وناسها وما يحملون من قصص وهما يغازلان العواطف والذكريات والموشحة بالحنين لتغدو لوحة متحررة من الزمان والمكان.

 وبين ثناياه تتجلى تعبيرات عنهما وعن مساراتهما وعن اليومي وهواجس الفلسطينين وزادهما كلمات وانغام يطوعانها ليحكيا روايات حيفا بلغة شاعرية وبسيطة لا تحدها الأطر ولا تستوعبها التصنيفات وتجد طريقها إلى الشباب.

أغنيات تغوص في الواقع الفلسطيني وترسم من تفاصيلها الصغيرة صورا شعرية تغازل الذاكرات والقلوب، مدادها كلمات لكاتب يجيد اقتناص اللحظات الفارقة فيأويها مخيلته ويخلق لها أجنحة تجاوز بها كل الحدود، وأنغام لموسيقي يبدع في استنطاق الكلمات ليخلق منها أصواتا تكسر كل الحواجز.

للحديث عن اللقاء الفني والإنساني بينهما وملامح مشروعها وفلسفتهما وجديدهما وعن حضور فرج سليمان في مهرجان قرطاج الدولي تواصلت حقائق أون لاين مع فرج سليمان ومجد كيال وكان الحوار التالي الذي تقاسم فيه الأجوبة كما تقاسما الشغف والإبداع:

بعد أيام قرطاج الموسيقية، الفنان فرج سليمان يعود إلى تونس على ركح مهرجان قرطاج الدولي، ماذا تعني لك هذه الحفلة في مسيرتك؟

فرج سليمان: مهرجان قرطاج هو حلم، والعودة لتونس تسرّ القلب دائمًا، هي محطّة جديدة ومثيرة في مسيرة اي فنّان عربي

في نفس الحفل على قرطاج يغني الثنائي سليم عرجون ونور عرجون اللذين ينتهجا أسلوبا موسيقيا قريبا من عالم فرج سليمان، هل استمعت إلى موسيقاهما، ومن من الفنانين أو المجموعات التونسية التي تستمع إلى موسيقاها؟

فرج سليمان: نعم، استمعت اليهم مؤخرًا، ثنائي جميل جدًا. استمع للكثير من المشاريع بتونس، واحب مشروع الاصدقاء في "yuma"

العلاقة بين فرج سليمان وبين الكاتب مجد الكيال تجمع بين الفني والإنساني؟ كيف كان اللقاء بينكما؟ وكيف تطور الأمر إلى مشروع موسيقي لفت إليه الأنظار؟

مجد كيال: أثّرت العلاقة الشخصيّة بالمشروع الفنّي طبعًا، لأنّ الشغل الفنّي أتى، عمليًا، على أساس سنوات تبادلنا فيها، من دون أي هدف، معرفة فنيّة وأدبيّة وآراء عن كيف نرى ونشعر اتجاه أعمال فنيّة مختلفة، فبطبيعة الحال خلق هذا نوع من الفهم العميق لتوجّهات بعضنا البعض، وخلق أيضًا راحة وصدقًا في تقييم ونقاش الكلمات والألحان. طبعًا المشروع الغنائي بدأ دون قصد، لعبنا بالمواد وشعرنا أنّها تستحق الإنتاج.

في موسيقى فرج سليمان وفي كتابة مجد كيال بحث عن أجوبة لأسئلة عالقة برأسيكما، هل وجدتم بعضا من هذه الأجوبة في إنتاجكما المشترك وفي الجولات التي عقبته؟

مجد كيال: لا أعرف إذا كنّا نبحث عن الاجوبة أصلًا. الشغل الفنّي وظيفته أن يدفع إلى السؤال، أن يؤجج التناقضات لا أن يقدّم أجوبة.

ماهي مصادر إلهامكما؟

فرج سليمان: ليس لدينا ادنى فكرة.

كيف تنشآن الروابط بين الإلهام الفني كتابة وموسيقى وبين الهموم الاجتماعية والسياسية؟

مجد كيال: الروابط موجودة رغمًا عنّا. الهموم الاجتماعيّة والسياسيّة تشكّل حياتنا، شخصيّاتنا وأحاسيسنا وقصصنا اليوميّة. السياسة ليست شأنًا محصورًا بنشرات الأخبار، السياسة تؤثر على أكلنا وحركتنا وإمكانيّاتنا ومشاعرنا وأحلامنا، بالتالي فهي مكوّن نفسي وإنساني مركزي، والرابط طبيعي ودائم.

موسيقى فرج سليمان قريبة من عالم زياد الرحباني تحمل الكثير من السريالية والشاعر لكنها متمايزة عنها، كيف تمكنت من تشكيل ملامح هذا النهج الموسيقي الخاص بك؟

فرج سليمان: اعتقد الموضوع ببساطة يحتاج لدراسة كل انماط الموسيقى وفهمها ومن ثم التنكّر لكل شيء والمحاولة بالبحث عن الخاص.

هذا المشروع الفني عبارة عن طريق ثالثة بين الشعبي والنخبوي؟

مجد كيال: نتمنّى لعملنا الفنّي أن يكون شعبيًا من الدرجة الأولى وبجودة فنيّة عالية جدًا. وحبذا لو أزعج النخبويين.

حيفا هي الكلمة المفتاح، حتى من لا يعرفها ولم يزرها يوما يمكن أن يرسم في مخيلته صورة عنها، هل ما يصلكم من أصداء يحاكي الصور الشعرية والموسيقية التي انطلقتما منها في البداية؟

مجد كيال : تصل أصداء كثيرة عن مشاعر الناس التي لم تزر حيفا اتجاه المدينة، وأيضًا مشاعر ممن عاشوا في المدينة لكن الأغاني جعلتهم يرونها بطريقة مختلفة. أعتقد أن المدن، إلى حد بعيد، تمتلك صورتها في المخيال الجماعيّ ليس من واقعها فقط، بل من قدرة الأدب والفنون والإعلام على تشكيل خيالات الناس اتجاه المدينة. حين تُعطي مدينتك مساحة في خيال العالم فأنت تساهم في بناء قصّتها، وتعطي أهلها ثقة أكبر بكل ما يحيط بهم. هذه واحدة من الوسائل لنشعر بقيمة المكان المهدور الذي نعيش فيه.

الحب والفقد والرثاء والحنين تعبيرات كثيرة في ألبوم "أحلى من برلين" وكأن الامر يشبه البوح، هل تخففتما من بعض الحمل عند صدور الألبوم؟

مجد كيال: هذا السؤال عاطفي أكثر من اللازم. رجّعونا على السياسة!

"أحلى من برلين" ليس مشروعا موسيقيا فحسب بل هو امتداد للمقاومة والتعريف بالقضية الفلسطينية بأسلوب مغاير وغير مباشر؟

فرج سليمان: ليس هناك أي هدف سياسي للألبوم. وتعاملنا معه كمشروع موسيقي وأدبي صافي. ولكن لأنه مشروع موسيقي وأدبي صادق، فهو بطبيعة الحال يحمل هموم سياسيّة يعيشها كل فلسطيني. نحن أولاد هذا المكان وناسه، وبالتالي نحمل نفس همومه، ببساطة شديدة جدًا.

رحلة المقاومة والفن والحياة ممتدة، ماذا في المرحلة القادمة منها، هل هناك مشاريع قيد الإنجاز؟

مجد كيال: نعمل على مشروع موسيقي للأطفال سيرى النور في الأشهر القريبة. وهو استكمال لمشروع "فهيم" الذي أنتجناه العام الماضي. ومن المتوقّع أن يُطلق فرج ألبوم موسيقى جاز (انسترومنتال). أما مجد فليس لديه مشاريع مستقبليّة على الإطلاق، وسعيد جدًا بهذا الرواق.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.