“هل سأكون الضحية القادمة؟”.. عين على حركة إضراب نسائي عام في الوطن العربي

 يسرى الشيخاوي

يكاد اليومي في البلدان العربية لا يخلو من الحديث حوادث قتل النساء التي تتخذ أشكالا مختلفة، والأمر لا ينتهي بموت الضحية وإنما يستمر إلى ما بعدها لينصب المجتمع محاكمه ويمعن في محاسبتها وهي التي أسكتوا صوتها إلى الأبد.

كثيرات هن ضحايا المجتمع يعيشون الموت يوميا بتمظهرات مختلفة تمتد من الوصاية إلى التصفية الجسدية وما بينهما من سطوة ذكورية، يواجهن العنف في تفاصيله الصغيرة وينمو يوما بعد يوم أمامهن وإن نجون من تجلياته المادية فإن الهروب من تبعاته النفسية يدنو من المستحيل.

في أحيان كثيرة يبدو الواقع سرياليا جدا في علاقة بالتعاطي مع المرأة إذ ينظر إليها على  أنها كائن ثانوي لل يمكن بأي شكل من الأشكال أن تكون ندا للرجل وهو ما يعطي "شرعية" ملغومة لأرباب السلطة الذكورية ليزرعوا ألغام الخوف داخلها وإن صرخت ب"لا " وضاددتهم كان مصيرها الموت.

لأجل وضع حد لاشكال الموت الذي ابتكرتها الذكورية لتسكت أصوات النساء، اجتمعت نساء من المحيط إلى الخليج، من بينهن التونسيتين إيناس الشيحاوي وآمنة الشيحاوي،  ليصرخن على طريقتهن ضد العنف من خلال حركة احتجاجية مبتكرة بعنوان " إضراب نسائي عام".

"هل سأكون الضحية القادمة؟"، السؤال الذي صار خبزا يوميا لنساء كثيرات أرهقتن فكرة الحديث عن قتل النساء أكثر من مرة قبل الموت وبعده وسئمن من محاولة وضع حدود لحريتهن في محاولة لتركيعهن ودفعه دفعا إلى التسليم بقواعد المجتمع الجائرة.

وفيما يلي نص البيان الذي يحاكي صرخات النساء من المحيط إلى الخليج:
 

"ها نحن، النساء في المنطقة من المحيط إلى الخليج، نواجه معاً إلى جانب المجموعات المضطهدة الأخرى عنفاً ذكورياً متواصلاً ضدنا، يريد بوحشية ترسيخ سيطرته علينا وعلى حيواتنا وخياراتنا، عنفاً يضطر كل منا أن تسأل نفسها كل يوم: هل سأكون الضحية القادمة؟

بأسف وخيبة وغضب، كنا ولا زلنا نشاهد مؤسساتنا تتواطأ ضدنا، ولا تلتزم بمسؤولياتها بوجوب حمايتنا، وتتركنا باستهتار لمصائرنا أمام العنف، تكتفي بالطبطبة على المفجوعين إن فضحت الجرائم، بدلاً من القيام بتغييرات جذرية وهيكلية وقانونية لوقف قتلنا سراً وعلناً وضمان عدم تكراره، تاركة إيانا مضطرات لخوض معاركنا بمفردنا للدفاع عن حقنا بالحياة، تترك من نجت منا عرضة للعنف كل يوم في الأماكن العامة والخاصة، وعلى يد القريب والغريب، وتكتفي بعد ذلك بملاحقة قلة من الجناة الذين لا تحميهم مواقعهم وسلطتهم والذين يصدف أن تكشف جرائمهم.

حان الوقت لنغضب بصوت مرتفع من كوننا ذوات أهمية ثانوية لدولنا ومجتمعاتنا وقوانيننا ومؤسساتنا، حان الوقت لنقول علناً أننا لن نقبل بعد الآن بحلول فردية عشوائية غير كافية لمواجهة عنف وظلم ممنهجين، حان الوقت لنعلن تضامناً وتنظيماً وغضباً عابراً للحدود، تضامناً يؤمن بقوة الأفراد، تضامناً يدق نواقيس الخطر بشأن الإباحة المباشرة وغير المباشرة لكافة أشكال العنف والتمييز ضد النساء في المنطقة.

أيتها النساء، إذا كنا لا نملك أمننا وحياتنا فماذا نحن إذاً خاسرات؟
أيتها النساء ندعوكنّ جميعاً، وندعو كل الجماعات النسائية والنسوية والحقوقية والمدنية والسياسية للاستنفار والتضامن والتحشيد من أجل إضراب نسائي عابر للحدود في دول المنطقة يوم السادس من تموز، نمتنع فيه نحن النساء فيه عن القيام بأعمالنا ومهامنا (إن أمكن)، إضرابٌ نسائي نعبر فيه مركزياً عن تضامننا، ونترك حرية الخيار لا مركزياً لأي تعبير احتجاجي، يتضمن كل أشكال إبداء التضامن من الوقفات الصامتة أو التظاهرات أو أي أدوات ووسائل أخرى قد تعطي زخماً إعلامياً للإضراب الذي يهدف إلى الدعوة لوقف كافة أشكال العنف ضد النساء، وكافة أشكال تبريره الواضحة والضمنية. علماً أننا ننوه إلى أننا نثمن التفاعل مع الإضراب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ونرى أن مجرد التعاطف يعد فعلاً نضالياً وانخراطاً ذا قيمة في بيئات القمع المتداخل."

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.