“سهريات الحانوت”.. بريبري وأصدقاؤها يصنعون مهرجانا على طريقتهم

 يسرى الشيخاوي-

كثيرة هي التظاهرات الثقافية التي رأت النور مع انطلاق شهر رمضان، تظاهرات تلتقي وتتشابه في تفاصيل كثيرة من ذلك أنها تعود جميعها بعد انقطاع دام سنتين بسبب كورونا.

ولعل هذه التظاهرات تشترك أيضا في طبيعة العروض المبرمجة وفي كونها تنتظم في العاصمة لتبدو برامجها مجتمعة وكأننا مستنسخة مع بعضها البعض باستثناء بعض الاختلافات التي قد تتوه وسط زحام التشابه.

في الأثناء، ارتسمت ملامح تظاهرة ثقافية اتخذت من الأسماء "سهريات الحانوت"، هي تظاهرة بسيطة في تحضيراتها عميقة في تفاصيلها، ثرية في الرسائل والمعاني الكامنة خلف العروض التي احتضنها حانوت "بريبري" كما يحلو للكل أن يسميه أسوة بصاحبته مريم بريبري.

في الواقع، حانوت بريبري خرج من حيز الملكية الفردية لصاحبته ليصبح فضاء جمعيا مشتركا يتقاسم فيه رواده الأحلام والهواجس والمخططات ويهربون إليه كلما ضاقت بهم السبل في الخارج ولا يخرجون منهم إلا وتخففوا من أعبائهم.

من  ماركة ملابس أطلقتها مريم البريبري وطرزت تفاصيلها بكل ما اوتيت من إصرار وشغف ومحبة إلى فضاء ثقافي يجمع أشخاص يؤمنون بأن الفعل الثقافي سبيلهم إلى الخلاص وإلى التحرر من كل القيود وفرصتهم ليثبتوا أنهم أحياء وأحياء بما يكفي ليعبروا عنهم بطريقتهم.

كما فلسفة علامة بريبري التي قررت من خلالها مريم بريبري أن تخوض معركتها بنفسها ولم تكن تعلم أن أصدقاءها سيشدون عضدها في كل خطوة، كانت فلسفة "سهريات الحانوت" التي راوحت بين فنون مختلفة من الموسيقى إلى السينما.

فكرة "سهريات الحانوت" ليست غريبة عن المكان الذي احتضن مناسبات كثيرة عنوانها الفرح منذ افتتاحه الذي زينته إيقاعات الطبل وصوت الزكرة، ففيه يجتمع الكثيرون ليخوضوا نقاشات فكرية وسياسة ويخلقون موسيقاهم ويرقصون ويشاهدون أفلاما ويحلّلونها.

في الحانوت الذي تجاوز حدود حيطانه واقفه وصار أكثر امتداد واتساعا كلما نبض فيه قلب زائر جديد، تحتفظ كل التفاصيل بالضحكات وبالعبرات والآهات والصرخات وكل الانفعالات لتظل شاهدة على أن هذا المكان
"ثورة غير درج" لرضا التليلي و"نحن هنا" لعبد الله يحي والوجه الآخر" لمروى طيبة وغيرها من الأفلام عرضت في رحاب بريبري وخاض جمهورها نقاشات عميقة وتردد صدى أصواتهم في المدينة العتيقة بصفاقس حيث  ينتصب الحانوت.

و"سهرات الحانوت" لم تقتصر على الافلام فحسب بل تعدتها إلى الموسيقى حيث شهدت عروضا من طينة المكان على غرار عرض لمجموعة "أنخاب" وإلى المسامرات التي تخوض في التجارب الذاتية بعيدا عن منطق التعالي أو التنظير المفرغ من أي معنى من ذلك الجلسة التي أمنها حمدي مجدوب.

ومنذ ثاني أيام رمضان تتواصل فعاليات المهرجان الذي صنعته بريبري وأصدقاؤها على طريقتهم، مهرجان دعمه الوحيد المحبة والشغف والرغبة في خلق بديل يشبه بريبري وأصدقاءها.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.