يسرى الشيخاوي-
"خاوة خاوة" هذه التعبيرة التي يتداولها التونسيون والجزائريون ليختزلوا عمق التضامن بين البلدين الشقيقين سواء تعلق الأمر بالرياضة أو أي من الأحداث التي يواجهها إحدى البلدين وتستدر موجة من الإسناد والتضامن من الشعبين.
وهذه التعبيرة التي تحمل في طياتها أبعاد تاريخية على اعتبار أن الدماء الجزائرية والتونسية تماهت في محاربة الاحتلال الفرنسي باقية وتتمدد لتشمل الدراما بعد إيقاف قناة حنبعل بث مسلسل "حب ملوك" للمخرج نصر الدين السهيلي على شاشتها بعد أن اتخذ قناة النهار القرار ذاته قبلها بيوم.
وفي متابعة الجدل الحاصل بشأن المسلسل في الجزائر لم يخطر بباله أن تعلن قناة حنبعل عن إيقافه ليأتي القرار مفاجئا وغير مبرر وإن كانت تعلة قناة حنبعل هي التضامن مع قناة النهار الجزائرية.
في حركة تضامنية، أوقفت قناة "حنبعل" البث مؤقتا للحلقات الجديدة من مسلسل "حبّ ملوك" بداية من الليلة واستئنافها مع قناة النهار يوم الأحد 17 أفريل 2022، معبرة عن احترامها لقرار توقيف بث المسلسل في الجزائر.
وليس من منطق يمكن أن يفسر الانصياع لقرار سلطة جزائرية بإيقاف البث، إذ جاء في البيان أنه و" ان تعبر القناة عن احترامها لهذا القرار، فإنها تؤكد احترام ثوابت الأسرة والمجتمع والقيم الأخلاقية، من الضوابط الأساسية لخطها التحريري، وتحرص دوما على أن تكون إنتاجاتها الرمضانية، ومنها مسلسل حبّ ملوك، متلائمة مع خصوصيات هذا الشهر الفضيل وانتظارات العائلات فيه."
في البيان ذاته، عبرت قناة حنبعل عن "اعتزارها وتمسكها بالشراكة التونسية الجزائرية في الإنتاج الدرامي التلفزي والتي أثمرت عديد الأعمال الراقية والمتميزة التي تم بثها في قناة حنبعل وقناتي النهار والشروق الجزائريتين".
وكانت قناة "النهار" الجزائرية قد أعلنت عن وقف مسلسل "حب الملوك" الذي يعرض في كل من تونس والجزائر خلال شهر رمضان، معتذرة عما تضمنه من مشاهد وُصفت بغير المناسبة، وذلك استجابةً لقرار سلطة الضبط.
وفي الجزائر يعرض "حب الملوك" للمخرج نصر الدين السهيلي على قناة "النهار الجزائرية"، فيما يعرض في تونس على قناتي "حنبعل" و"نسمة"، وهو مسلسل يشهد مشاركة لممثلين تونسيين وجزائريين ويروي علاقة شائكة بين "عيشة" و"كريم" القادمين من وسطين مختلفين.
على إيقاع هذه العلاقة التي تتحدى كل الظروف من حولها، تتجلى حكايات أخرى عن العلاقات الأسرية والحب وعن عالم الأعمال وترتسم ملامح مواقف تجمع بين الدراما والكوميديا لتنقد بعض الظواهر المجتمعية دون إغراق في المباشرتية.
وقرار إيقاف المسلسل خلف عديد التساؤلات التي تحمل في طياتها استغرابا من هذا القرار، وربما يعود هذا الاستغراب إلى طبيعة الوضع في تونس أو في المشهد الدرامي الرمضاني العربي عموما.
ففي تونس بعض المسلسلات محل استهجان من المتابعين الذين يغرقون مواقع التواصل الاجتماعية بالتذمر وينصبون أنفسهم أوصياء على الأحياء والأخلاق الحميدة ويبكون فساد المجتمع بسبب بعض المسلسلات ولكنهم لا ينقطعون عن مشاهدتها.
لكن في تونس لم يصل الأمر إلى الصنصرة والإيقاف، ففي حالات كثيرة تلفت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهايكا) نظر بعض القنوات بخصوص بعض النقاط أو تطالب بعضها بتغيير توقيت البث وإرسالها بشارة أقل من 18 سنة أن كانت تتضمن مشاهد عنف أو غيرها من المشاهد الممنوعة على الأطفال.
وفي بيان تداولته وسائل إعلام جزائرية أوضحت سلطة الضبط أنها سجّلت "مشاهد يتنافى محتواها مع قداسة الشهر الفضيل وتمس بالقيم الدينية والأخلاقية للمجتمع الجزائري، خاصة ضمن حلقته الثالثة" فيما "اعترف بالخطأ المرتكب رغم المجهودات التي تقوم بها القناة لتقديم برامج ترقى وتتماشى ومقومات المجتمع، خاصة في شهر رمضان الكريم".
وأما قرار الهيئة فيقضي ب "توقيف بث حلقات مسلسل حب الملوك لمدة أسبوع ابتداءً من تاريخ اليوم الاثنين حتى الجمعة المقبل، مع تقديم اعتذار من طرف القناة للرأي العام والتزامها الصارم بعدم ارتكاب مثل هذه الأخطاء بالمراقبة القبلية للبرامج المختلفة، خاصة في شهر رمضان المقدس"، وأما إدارة "النهار" فتعمل على مراجعة المسلسل حلقة بحلقة، وذلك إثر إيقافه واعتذارها من المشاهدين.
