دفع الرشوة للأمن: العاصمة في المرتبة الأولى.. والظاهرة تفرّخ المجرمين والارهابين

 بسام حمدي –

حلّ قطــاع الأمــن في المرتبة الأولى ضمن ترتيب القطاعات القطاعات التي تتفشى فيها ظاهــرة الفســاد  والرشـوة وذلك  بنسـبة ناهــزت 20 .% وهي نسبة عاليـة مقارنـة ببقيـة القطاعـات، وفق دراسة تحليلية صادرة عن الجمعية التونسية للمراقبين العموميين.

وأظهرت الدراسة التي صدرت تحت عنوان "الفساد الصغير في تونس" أن 71 % مــن الذيــن دفعــوا رشــوة فــي قطــاع  الأمــن دفعــوا مبالــغ أقــل مــن 50 دينــارا .

وتعمل الجمعية التونسية للمراقبين العموميين « ATCP » على النهوض بالوظيفة الرقابية وكشف الفساد والرشوة في المؤسسات العموميّة مُراهنة على دور الإعلام في نشر ثقافة المراقبة والنزاهة، وفق التعريف الوارد بوثيقة تأسيسها.

وأظهر استبيان تم إجراؤه ضمن هذه الدراسة الحديثة أن 97 % مــن الذيــن دفعــوا رشــوة فــي قطــاع الأمــن هــم مــن الرجــال ويعود ذلك خاصة إلى أن الرجــال أكثــر نشــاطا مــن النســاء فــي ســوق  الشــغل وإلى طبيعــة عمــل الرجــال خاصــة فــي المناطــق الحدوديــة والتنقــل داخــل تــراب الجمهوريــة وإلى رفض النســاء التعــرض لمخاطــر إعطــاء رشــوة واحترامهن المبـادئ المجتمعيـة أكثـر مـن الرجال.

ويتوزع دافعي الرشوة إلى الأمن إلى 72 % من الكهول و28 % من الشباب.

وصــرح 27 % مــن المســتجوبين أنهــم دفعــوا رشــوة مــرة واحـدة فـي قطـاع الأمـن، بينمـا صـرح 66 % أنهـم دفعـوا  أكثـر مـن مـرة، مـن بينهـم 38 % دفعـوا أكثـر مـن خمـس  مــرات وهــو عــدد مرتفــع ومؤشــر علــى حجــم استشــراء  الفسـاد فـي هـذا القطـاع.

ويعــود ذلــك خاصــة إلــى أن تونــس العاصمــة تتميــز  بكثافــة ســكانية عاليــة هــذا بالإضافــة إلــى تعــدد  الأنشــطة الإقتصاديــة والتنقــل وإرتفــاع تواصــل  المواطنيــن مــع رجــال الأمــن. 

يتبيــن مقارنــة بالدراســة التــي قامــت بهــا الجمعيــة  التونسـية للمراقبيـن العمومييـن حـول الفسـاد الصغيـر  سـنة 2014 وكذلـك الدراسـة التـي قامـت بهـا الهيئـة  الوطنيــة لمكافحــة الفســاد ســنة 2020 ،أن قطــاع  الأمــن لازال يحافــظ علــى المرتبــة الأولــى مــن حيــث  تفشـي ظاهـرة الفسـاد. وفـي ظـل غيـاب دراسـات على  المســتوى الوطنــي حــول تفشــي الفســاد فــي قطــاع  الأمـن فـي تونـس، ونظـرا لكـون تفشـي ظاهـرة الفسـاد فـي هـذا القطـاع لـه تداعيـات سـلبية علـى الاسـتقرار فــي البــلاد والتنميــة الاقتصاديــة والإجتماعيــة، فــإن  ذلــك يســتدعي منــا البحــث عــن الاســباب والعوامــل  التــي تســاهم وتســهل انتشــار ظاهــرة الفســاد فــي قطــاع الامــن.

فساد يتسبب في ارتفاع خطر الارهاب والجريمة

تسبب ارتفاع ظاهرة الرشوة في قطاع الأمن في انعــدام الثقــة حيث أدى تفشــي الفســاد فــي  قطـاع الأمـن إلـى فقـدان المواطـن الثقـة فـي الأمـن  وهــو مــا يغــذي الشــعور بالخــوف وعــدم الأمــان وتسبب كذلك تفشـي الجريمـة والعنـف إذ أظهرت الدراسة أن تفاقم الفساد في هذا القطاع يـؤدي عـدم تطبيـق القانـون علـى المخالفيـن إلـى زيـادة خطـر الجريمـة  والعنـف والإرهـاب والتهريـب والإفـلات مـن العقـاب.

ويترتب عن ارتفاع دفع الرشوة لرجال الأمن هـدر المـوارد حيث يتـم عـادة تمكيـن قطـاع الأمـن مــن تجهيــزات وإمكانيــات لوجســتية ضخمــة مــن أجــل تطبيــق القانــون وبســط الأمــن، وفــي الــدول متوســطة المدخــول عــادة مــا يكــون ذلــك علــى حسـاب أوليـات أخـرى كالتعليـم والصحـة، وبالتالـي فــإن الانحــراف عــن هــذه الأهــداف عبــر ممارســات الفســاد تعتبــر إهــدارا للمــال العــام دون تحقيــق الهــدف المنشــود.

ماهي عقوبة الرشوة في صفوف الأمنيين ؟

يعرف القانون التونسي "الرشوة" كونها جريمة يعاقب عليها القانون وتنظمها المجلة الجزائية وفق الفصلين 83 و84.

وينص القانون على أنه إذا ثبتت جريمة الرشوة على عون الأمن وهو موظف عمومي حيث يفرض الفصل 83  عقوبة سجنية تحدد بـ" 10 سنوات سجنا إذا كان العون وسيطا في عملية الرشوة" ويمكن أن تحرمه المحكمة من مباشرة وظائفه العمومية وذلك كحد أدنى للعقوبة.

وفي حالة ثبوت أن العون هو الذي طلب الرشوة وأصر على قبولها ولم يكن في وضعية المتلقي فإنه بناء على الفصل 84 من المجلة الجزائية تتضاعف العقوبة لتصبح 20 سنة سجنا مع حرمانه من الوظائف العمومية باعتباره مؤتمنا على أسرار الدولة وتسمى هذه العقوبة "حالة تجديد ".

وتطبق العقوبة السجنية على المرتشي وذلك بقطع النظر عن قيمة الرشوة التي تحصل عليها أثناء أداء مهامه.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.