فيديو/ المخرجة دارين سلّام: “فرحة” هو الفرحة التي سُرقت من الشعب الفلسطيني.. كصانعة سينما لا أحمل شعارات.. ولا أريد أن أضع نفسي بقالب واحد

يسرى الشيخاوي-
 
هي مخرجة مختلفة، تنظر إلى العالم من حولها من زاوية مغايرة، تستلهم الحكايات التي ترويها في أفلامها من محيطها وتضفي عليها الكثير من روحها ومن شغفها بعالم السينما.
 
عبر الأفلام التي تنسج ملامحها بكل دقة ولا تتنازل في عناصرها عن أي تفصيل، تتخطى الواقع وتنشد تحريك الرواسب وتوثق للذاكرة على طريقتها وتتحدى النسيان والتناسي.
 
هي المخرجة الأردنية من أصول فلسطينية دارين سلام التي تشهر عدسة كاميراها في وجه الركود والتنميط وتنبش دائما في الذاكرة لتعلن الرفض والثورة بأسلوبها المتفرد الذي ظهر في أفلامها القصيرة على غرار "لازلت حيا"، و"الظلام في الخارج، والببغاء وغيرها من الأفلام التي  مكنتها من ان تصنع لنفسها بصمة مختلفة.
 
بعد تجارب مختلفة في عالم الأفلام الروائية القصيرة، تحدّت فيها نفسها وقدرتها على استنباط الأفكار وخلق جمالية لا تشبه إلاها، خاضت تجربة الروائي الطويل عبر فيلم "فرحة"، الفيلم الذي روت فيه النكبة من زاوية أخرى.
 
وللحديث عن الفيلم المشحون بالمشاعر، وعن تفاصيله التي تقحم المشاهد في دوامة من الوجع والقهر على إيقاع قصة مستوحاة من الواقع، وعن رؤية المخرجة وعن مشاريعها المستقبلية، التقت حقائق أون لاين دارين سلام وكان معها الحوار التالي:
 
الفيلم عنوانه ‘فرحة" ولكنه لا يحمل من الفرح سوى اسم البطلة لماذا هذا الاختيار؟
 
"فرحة" هو الفرحة التي سُرقت من الشعب الفلسطيني، وحينما كان أجدادي يحدّثونني عنها ومن خلال التاريخ الشفوي الذي يبلغني عن فلسطين أشعر دائما أن هناك فرحة سُلبت او لم تكتمل، وأول ما خطرت لي فكرة الفيلم اخترت "فرحة" عنوانا.
 
في الفيلم جانبين ذاتي وموضوعي، في الجانب الموضوعي هناك اهتمام بالأزياء والديكور واللهجات، كيف كان العمل على اللهجات؟
 
مهم جدا بالنسبة لي ان تكون هناك أمانة في الفيلم، وعلى عاتقي مسؤولية كبيرة كمخرجة لذلك كنت أقرأ كتبا عن الموضوع وأسمع التاريخ الشفوي للنكبة وأسأل الأشخاص الدين عايشوا نفس الفترة، كنت أحاول معرفة تفاصيل كثيرة لأكون مخلصة لهذه الفترة وللقصة وللحدث.
 
بخصوص الملابس هي من تصميم جميلة علاء الدين  التي أنجزت تصاميم رائعة، وكنا ندرس رسوم التطريز والغرز الفلسطينية، ومن فصلن الفساتين نساء فلسطينيات من مخيم غزة بجرش في الاردن، وكانت تجربة جميلة.
 
فيما يتعلّق باللهجة من المهم جدّا أن تكون متقنة، وألا تتبدى فيها اللهجة العمانية الأردنية، عملنا على هذا الأمر وتدربنا كثيرا خاصة وأن هذا الجيل يتحدث الانجليزية كثيرا، كان هناك دروس قرآن من اجل تصحيح مخارج الحروف ومن ثم اتجهنا إلى اللهجة الفلّاحية.
 
هذه الدقة والأمانة في التفاصيل جعلت مشاهد الفيلم وكأنها مقتطفة من الذاكرة، للإضاءة هنا دور بارز يؤجج الحنين إلى الماضي؟
 
الإضاءة طبعا كانت عنصرا مهما، منذ البداية كان من المهم بالنسبة لي ان يكون هناك مصمم إضاءة وهو فرنسي، كان مهما أن أشرح له الإضاءة داخل الغرفة التي توجد بها "فرحة"، من المهم معرفة بماذا توحي الإضاءة في الداخل ومن لمهم أن يحس الجمهور الجالس خارج الغرفة بما تحس به فرحة داخلها، الألوان والإضاءة جزء من اللغة والشعور الذي يساعدك على أن تعيش حالة "فرحة".
 
القضية الفلسطينية مصدر إلهام لكثير من المخرجين، دارين سلام هنا اختارت أن تنطلق من قصة سمعتها كثيرا لكن أضفت عليها جزءا من شخصيتها المتمردة الثائرة؟
 
تحليل في محله، أنا أقول دائما إن المخرج الذي لا يمكن له ان يجد شيئا منه في القصة أو الشخصيات أو العمل الذي ينجزه لن يكون صادقا كثيرا، أنا أحاول كثيرا أن اجد هذا الشيء وإذا هو موجود أصلا أستكمله لأنه من الضروري أن أشعر مع الشخصية كي أجعل الناس يشعرون معها.
 
 كرم طاهر (التي أدت دور فرحة في الفيلم) لديها هذه "الشقاوة" التي توجد في "فرحة"، كنتٌ اشعر أن شيئا في "فرحة" يشبهني وشيئا في يشبهها وأحببتُ هذا التشابه، وأنا أحب ان تكون الشخصيات النسائية بشكل عام أوفي الأفلام أو المسلسلات فاعلة وعندها طموح وتحاول أن تغير،لا شخصية موجودة فحسب وتتقبل الأشياء كماهي.
 
عندما رُويت لك القصة تربت معك فوبيا من الاماكن المغلقة، بعد ان صورت المشاهد المغلقة  هل تخلصت نوعا من ما من هذا الخوف؟
 
مائة بالمائة،  كان عندي هذا الخوف لا أحب الأماكن المغلقة، ولما كنا نلعب واختبئ بمكان اكشف عنه بسرعة لأنني غير قادرة على الاختباء بصندوق أو مكان مغلق، أخاف العتمة والأماكن الضيقة وهذا ما شدّني إلى قصة "فرحة" صار عندي فضول ورغبة ملحة في فهم ما حصل معها وتخيل بماذا أحست.
 
عندما صوّرنا " فرحة" صورنا لفترة طويلة داخل الغرفة، وكنت في كل مرة أخرج لأني أحس بالاختناق وأريد أن أتنفس أكثر، بعد فترة تمكنت من البقاء في الغرفة لا اعرف إن كان هذا نوع من العلاج فبعد الفيلم لم اعد أخاف من العتمة والأماكن المغلقة كما السابق.
 
السينما أداة للتوثيق، حافظة للذاكرة ومذكرة بوجع النكبة والشتات، بل هي أيضا علاج؟
 
نحن نموت لكن السينما والافلام تعيش، يبقى هذا الفيلم ويُشاهد، يظل حتى يتذكر الناس ماللّذي حصل، ومن لا يعرف يعرف، في الأخير أتمنى أن يحصل ذلك ويترك الفيلم أثرا.
 
في أداء الممثلين هناك تركيز على تعبيرات الوجوه ولغة العيون، خاصة في المشاهد في الغرفة المغلقة العين كانت مرآة ؟
 
بالنسبة لي، لا أحب أن يعتمد العمل على الحوار، إذا ليس له ضرورة أفضل ألا يكون موجودا، أفضل قليلا من الحوار، وفرحة لا يوجد فيها حوار مستفيض بحيث أن شخصا لا يفهم اللغة ويشاهد الفيلم يتمكن من فهمه والإحساس بتفاصيله.
 
اعتمادي فعلا كان على لغة العيون، الهدف ان يحس المشاهد بما تمر به "فرحة" داخل الغرفة دون كلام بل عن طريق  لغة الجسد وحركاتها وتصرفاتها.
 
في فيلمك الروائي الأول جازفت ببطلة (كرم طاهر) تقف لأول مرة أمام الكاميرا، كيف خضت هذه المغامرة؟
 
هي مغامرة، وبالنسبة لي صناعة الأفلام مغامرة ويجب أن نجازف ونجرّب ونثق بحدسنا، أنا بشكل عام أحب أن اعمل مع غير الممثلين، ومع الممثلين طبعا، ولكن عملي مع غبر الممثلين فيه متعة معينة على اعتبار أنني أبدأ من الصفر وأكون الشخصية التي يؤديها الممثل، هي تجربة ورحلة حلوة استمتع بها كثيرا خاصة في ما يخص الفرق بين البداية والتحول أمام الكاميرا.
 
كرم بنت شغوفة وملتزمة والعمل معها جعلني أتحمس أكثر وأستثمر فترة جيدة في العمل معها، بالنسبة لي كان مهم أن تعرف كيف تقف أمام الكاميرا وتعيش اللحظات التي تمر بها بواقعية بعيدا عن التمثيل، وتركنا كل شيء له علاقة بالنص إلى التصوير، أردت أن يكون عفويا وحقيقا قدر المستطاع.
 
حضور الشخصية التي يؤديها علي سليمان(واش) في الفليم يبرز لنا الصراع بين الولاء والخيانة، مالرسالة؟
 
 بالنسبة لي، هذه الشخصيات موجودة وجزء من الواقع أنا كسينمائية وكصانعة أفلام ضروري أني لا احمل شعارات ولا أن أحكي ما أريده فقط، انا أحكي القصة  بكل عناصرها التي تعجبني والتي لا تعجبني وهذه الشخصية موجودة بكل العالم، ليس في فلسطين فقط، هي ليست سببا فيما حصل ولكنها موجودة، أردت ان اظهر ان هناكمن قاتل ومن ضعف، ألوان مختلفة وشخصيات مختلفة بالفيلم، صراع بين الخيانة والولاء،وحتى من نعتبره خائن وصل إلى مكان لم يكن أمامه إلا أن يفزع  لهذه العائلة ( عائلة كان يريد جيش الاحتلال قتلها.
 
هل سيعرض الفيلم في تونس؟
 
أتمنى، ويجب أن أكون موجودة مع الفيلم لأني أحب الجمهور التونسي، دائما لا أنسى الجمهور بأيام قرطاج السينمائية وشغفه وحبه للأفلام وتفاعله العظيم، يهمني أن أكون موجودة في تونس وأعمل على الموضوع ان شاء الله.
 
ماذا عن مشاريعك المستقبلية ؟
 
هناك مشاريع قيد الكتابة
 
طويلة او قصيرة؟
طويلة، عن قريب عندما يطبخ الامر جيدا سنعلن عنه
 
هل ابتعدت دارين سلام عن المجال السياسي؟
 
على الأغلب،  لا أريد أن احصر حالي بمكان، أريد أن أحكي قصصا مختلفة، لا أريد أن أضع نفسي بقالب واحد، أريد تنويع أعمالي وتجريب أشياء مختلفة كفنانة، وإن شاء الله يكون شيئا مختلفا.
 
وفيما يلي الحوار مصورا:
 
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.