“بلدية القلعة الكبرى: مائة عام من العمل والأمل”.. حتى لا تكون الذكرى نسيا منسّيا..

محمد علي الصغير- 
في إطار الاحتفال بمائوية تأسيس بلدية القلعة الكبرى (19 فيفري 1921)، نظمت جمعية المحبّة، مساء الجمعة 25 ديسمبر، حفل تقديم كتاب "بلدية القلعة الكبرى: مسيرة مائة عام من العمل والأمل" للأستاذ والباحث جلال بن سعد. 
 
وتأتي هذه التظاهرة التي أشرف على ادارتها رئيس جمعية المحبة ورجل الأعمال وعضو مجلس نواب الشعب حافظ الزواري في سياق تمر فيه بلدية القلعة الكبرى بفترة فراغ تسييري بعد حل المجلس البلدي. وفي غياب أي مظهر من مظاهر الاحتفال بذكرى مرور مائة سنة على تأسيس مدينة القلعة الكبرى يأتي هذا المؤلف الجديد الذي تولى تقديمه عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة الأستاذ كمال جرفال كحركة رمزية لافتة حتى لا يمر مثل هذا الحدث الكبير في صمت.
 
ومن اللافت أيضا حرص منظمي هذا اللقاء على لم شمل بعض الرؤساء السابقين لبلدية القلعة الكبرى على غرار سالم الاوراجيني وعبد العزيز المبروك وعبد الحميد بن عافية الذين قدموا بسطة عن أهم الأحداث المفصلية التي ميزت العمل البلدي في الفترات المختلفة التي واكبوا فيها أنشطتهم على رأس البلدية.
 
يعد هذا العمل التاريخي المهم لبنة أخرى في بناء أرشيف جامع يوثق لتاريخ هذه المدينة الضاربة في القدم. ولعل ما يحسب للكاتب جلال بن سعد الذي ذاع صيته في مجال التأريخ والتوثيق واشتهر بولعه الشديد وشغفه اللامتناهي بالـ"التنقيب" عن الوثائق والمخطوطات النادرة أنه جعل من هذا الكتاب مرجعا مهما يوثّق لا فقط لتاريخ "المؤسسة" البلدية بل كذلك لإنجازاتها وانشطتها المؤثرة في حياة المواطن ولتفاعلها مع محيطها المواطني. 
 
وبالإضافة الى الوثائق النادرة التي تحصل عليها المؤلف ونشرها في كتابه من خرائط ومخطوطات ورسومات وغيرها فقد سعى الى انتهاج تمش زمني متماه مع تطور الاحداث وتطور المؤسسة البلدية. اذ انطلق الأستاذ بن سعد في عمله من مرحلة التأسيس مرورا بمرحلة التركيز والعمل ومرحلة تركيز المجالس البلدية وصولا الى آخر مجلس بلدي والذي تم حلّه كما ذكرنا بسبب استقالة أغلب أعضائه في انتظار انتخاب مجلس جديد في أوائل الشهر المقبل.
 
ولأن الأستاذ بن سعد، وهو الملم بتقنيات الكتابة التأريخية بحكم إصداره للعديد من الكتب في هذا المجال، يدرك ايما إدراك أنه من الصعب اختصار قرن كامل من تاريخ بلدية في حجم بلدية القلعة الكبرى في كتاب واحد، فقد عمل على اعتماد منهجية سلسة توجه القارئ مباشرة الى المعلومة الدقيقة وتجول به بين خبايا الكتاب بكل مرونة وبساطة. 
 
فقد اعتمد الأستاذ بن سعد في مؤلفه الذي اجتمع حول مناقشته عدد كبير من الحاضرين من مختلف الحساسيات الفكرية والاجتماعية والسياسية والثقافية ومن إطارات وكفاءات القلعة الكبرى المقيمين داخلها وخارجها، على عمل انتقائي بالأساس يقوم على تبيان الحجّة والابتعاد عمّا تشابه من المعلومات. "فما ثبت بالوثيقة ذكرناه وما لم يثبت اعتمدنا فيه صدق الشهادة الحية من الذين أخلصوا العمل في بلدية القلعة الكبرى" على حد تعبير الكاتب.
 
وعلى ذلك فقد قسّم الأستاذ بن سعد كتابه الى 13 عشر بابا او قسما تعرض من خلالها خصوصا الى تبيان أهم أسماء المدينة عبر التاريخ والنظم التي قامت عليها عملية تسيير المدينة مثل نظام الخليفة والمشايخ ثم لجنة المجالس المحلية. كما تطرق الكاتب في هذا العمل المرجعي الذي تم توزيع العشرات من النسخ منه على الحاضرين بصفة مجانية من قبل جمعية المحبة، الى تطور العمل البلدي وسياقاته من مرحلة ما بعد الاستقلال وتحديدا من سنة 1957 تاريخ تأسيس أول مجلس بلدي برئاسة عبد الستار عاشوراء الى حدود اندلاع ثورة 2011 والتي تم على إثرها تم حل كل المجالس البلدية القائمة في كامل تراب الجمهورية ليحل محلها النيابات الخصوصية تحت اشراف المعتمدين.
 
 كما عاد الكاتب بالنص حينا وبالصورة حينا آخر على تفاصيل وأسماء معظم الذين تقلدوا مناصب عليا في صلب المجالس البلدية من رؤساء ورؤساء مساعدين ومستشارين من الجنسين. ولعل ما يجب الإشارة اليه في هذا الصدد أن تاريخ انخراط المرأة في العمل البلدي في مدينة القلعة الكبرى يعود بحسب الكاتب الى سنة 1980. 
 
كتاب "بلدية القلعة الكبرى: مسيرة مائة عام من العمل والأمل" الصادر في 446 صفحة بالألوان ليس مجرد رقم جديد في اصدارات الأستاذ جلال بن سعد التاريخية بل هو كنز من الوثائق متاح ليس فقط للباحثين في الشأن البلدي الخاص بمدينة القلعة الكبرى بل ايضا لابنائها حتى يفتخروا حقا بأصالة وعراقة مدينتهم.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.