منشور عدد 20: بودن تحرق المراحل في اتجاه الاصلاحات الموجعة وتواجه اتحاد الشغل

هبة حميدي-

تتواتر أصوات الخبراء الماليين ورجال الاقتصاد المحذرة من تداعيات الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تتخبط فيها الدولة التونسية.

ويتفق الجميع حول حساسية المرحلة التي تعمّقت خاصة بالعزلة الاقتصادية التي اصبحت تتخبط فها تونس، خلال عملية البحث عن دائنين.

ولئن كانت الوضعية الاقتصادية الصعبة قديمة متجددة الا أنها متواصلة الى تاريخ اليوم ووصلت الى ادقّ مراحلها خلال هذا العام، ما دفع رئيسة الحكومة نجلاء بودن الى المضيّ  بكل جرأة في اتخاذ قرارات موجعة ولكنها ضروريّة لابعاد شبح الافلاس عن البلاد.

وفي آخر التصورات التي حددتها الحكومة للخروج من الازمة الاقتصادية والتي قد تصير في القريب واقعا مفروغا منها، طلبت الحكومة من اتحاد الشغل الموافقة على برنامج اقتصادي يشمل التخفيض بنسبة 10 بالمائة في أجور الوظيفة العمومية.

ووفق الامين العام لاتحاد الشغل فان البرنامج الاقتصادي، الذي قدمته الحكومة، يقضي كذلك بتجميد الأجور لخمس سنوات قادمة ورفع الدعم عن المواد الأساسية والتفويت في عدد من مؤسسات القطاع العام.

وفي إطار التفاوض مع صندوق النقد الدولي استعرض مؤخرا رئيس الجمهورية ورئيسة الحكومة ومحافظ البنك المركزي، برنامج الإصلاحات الاقتصادية الذي تقترحه حكومة بودن لإعادة تحقيق النمو الاقتصادي، وتفادي التضخم المالي فضلا عن آليات استعادة المالية العمومية لثوابتها.

ولعلّ أنّه من أوّل سياسات هذه الاصلاحات الكفّ عن توقيع اتفاقيات قطاعية تستجيب لمطالب الاجراء، لكنها اتفاقيات مفخّخة للحكومة التي تجد نفسها عاجزة عن تحقيقها وهو ما يولد حالة من التشاحن والصدام الاجتماعي بين الحكومة والشعب.

ويبدو أنّ الحكومات السابقة وسعيا منها لتوفير استقرار اجتماعي وخوفا من المواجهة الشعبية، وقعت على اتفاقيات مع الشريك الاجتماعي ممثلا في اتحاد الشغل أو منظّمة الاعراف لكنها لم تسطيع الالتزام بها بسسب تدهو المالية العمومية وشح الموارد المالية.

وفي هذه النقطة وضعت رئيس الحكومة حدا واعلنت عن قرار جريء ووجّهت رئيسة الحكومة نجلاء بودن، منشورا عدد 20 مؤرحا في  9 ديسمبر 2021، إلى كافة الوزراء وكتّاب الدولة والمديرين العامين والرؤساء المديرين العامين للمؤسسات والمنشآت العمومية، حدّدت فيه شروط وضوابط التفاوض مع النقابات.

ودعت في المنشور إلى ضرورة التنسيق بصفة مسبقة مع رئاسة الحكومة وعدم الشروع في التفاوض مع النقابات سواء فيما يخص مجال الوظيفة العمومية أو المؤسسات والمنشآت العمومية إلا بعد الترخيص في ذلك من قبلها، اضافة الى دراسة دراسة الطلبات المقدمة من النقابات وموافاة رئاسة الحكومة بتقرير مفصل في الغرض حول مطابقتها للنصوص القانونية مع بيان كلفتها وذلك بالتنسيق مع المصالح المختصة بوزارة المالية.

ويأتي قرار بودن جريئا لكي لا تجد الحكومة نفسها في صراع مع الراي العام لعدم ايفائها بالتزامتها مع الشريك الاجتماعي، واستباقيا ايضا للاصلاحات الاقتصادية والتي من بنودها  بتجميد الأجور لخمس سنوات قادمة، وهو ما سيتوقّف آليّا بعدم توقيع الاتفاقيات دون الرجوع للحكومة.

قرار بودن سيكون محل جدل لدى المنظمة الشغيلة (حاولت حقائق اون لاين، رصد موقف الاتحاد لكن لم يتسن لنا ذلك) لما فيه من حدّ لمجال التحركات النضالية للاجراء ولكنه قرار لم يجرا أي رئيس حكومة منذ عشرية مضت السير فيه مما ضرب بمصداقية الحكومات المتعاقبة التي لا تطبق ما تتلتزم به وتتفق عليه.

وتفاعلا مع المنشور عدد 20 الصادر  عن نجلاء بودن،  افاد الناطق الرسمي للاحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري خلال تدوينة على صفحته الرسمية، أن وزارة الشؤون الاجتماعية كانت تسهم بالمصالحة في فض النزاعات الشغلية وإلغاء الإضرابات بما يفوق 75% بعد حصول اتفاقات مرضية لجميع الأطراف، وبعد أن كانت مهدا للحوار لاجتماعي وراعية للمفاوضة الجماعية، ستتحول إلى أكبر مشجع على إنجاز الإضرابات بالمنشور 20سيء الذكر، وسيصبح فض النزاعات في رحاب منظمة العمل الدولية..!

 

 

 

 
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.