مشروع لخلافة الشيخ “المُدان”.. المرزوقي رهان لانقاذ “الإخوان”

 بسام حمدي-

حليف الأمس قد يكون خليفة اليوم، ما دامت التوجهات ذاتها والقناعات نفسها، فلا فرق اليوم في المواقف الفكرية والايديولوجية بين المنصف المرزوقي وراشد الغنوشي، بل إن المرزوقي أصبح اليوم المرآة التي تعكس أكثر من الغنوشي الخيارات الداخلية والخارجية لحلف الاسلام السياسي وذلك بمعاداته لكل الخصوم السياسيين المنافسين للأحزاب الإسلامية في البلدان العربية وانتصاره لكل من هيكل أو حزب متشبع بالفكر اليميني الإسلامي.

 

وقد تكون النهاية السياسية لراشد الغنوشي، انطلاقة جديدة للمزروقي، فالأول طوى مسيرته بفشل ذريع في إدارة حزبه وفي منصب رئيس البرلمان وانتهت تجربته بالتجميد، والثاني لم يفقد الأمل في العودة إلى قصر قرطاج، وأضحى يعتنق أفكارا وخيارات يغازل بها طيفا واسعا من التونسيين حبا في تفويضه من جديد رئيسا للدولة التونسية.

 

المرزوقي الذي أقاله الشعب التونسي من المشهد السياسي خلال الانتخابات الرئاسية لسنة 2019، استمر في التودد للأنظمة السياسية الداعمة لأذرع الإسلام السياسي وعاد اليوم إلى المشهد السياسي في تونس راغبا في التحول إلى "زعيم إخواني" يتسلم مشعل القيادة من راشد الغنوشي الذي بات مُدانا سياسيا ومتهما بالفشل حتى من المقربين منه والمحيطين به.

 

المرزوقي وبعد نكسة 2019، أعلن انسحابه من العمل والنشاط السياسي معترفا بعدم نيله ثقة الشعب التونسي وغاب لأشهر طوال عن تطورات الوضع في تونس، واختار التكتم عن موقفه تلت الفترة التي تحالفت فيها النهضة مع حزب قلب تونس ولم ينبس ببنت شفه بأي رأي يخص تبييض الفساد وتحصن الفساد بالبرلمان، وأغمض عينيه عن تهاو مؤسسات الدولة وانهيار الاقتصاد وتفقير الشعب.

 

اليوم أثيحت الفرصة للبروز مجددا، لهذا السياسي الذي يتغاضى عن كل تجليات الفساد والارهاب ويهوى معارضة الرؤساء فقط، فرصة تاريخية بالنسبة له قد تعيده إلى الصف الأول، فمع انكسار الغنوشي وتقلص شعبيته وتدني ثقة قادة النهضة فيه، وكذلك انهيار وزنه السياسي أمام الرأي العام الدولي وأمام حلفائه في المنطقة، تركيا وقطر، وبعد فشله في إدارة البرلمان التونسي وفي إدارة حزبه، وجد المرزوقي منفذا جديدا للعودة إلى "قلب الرحى" وبدأ منذ أشهر  في الاستعداد الجيد للبروز الجيد كمدافع أول عن منظومة حكم النهضة وحلفائها واستغل اعتراضه على تدابير الحالة الاستثنائية التي أعلنها رئيس الجمهورية قيس سعيد، لكسب مآرب سياسية ونيل ثقة الكثير ممن يوافقونه الرأي، وعاد متصدرا للمشهد الاعلامي ولمواقع التواصل الاجتماعي معانقا حلم قيادة تيار واسع يعارض سعيد ويحيي أمله للعودة لكرسي قرطاج.

 

ولا يبدو أن صمت الغنوشي الذي قابله تصعيد من المرزوقي، اعتباطيا، بل هو من صميم الرهان الإقليمي السياسي والاستعداد لمرحلة خلافته في زعامة تيار إسلامي أنهكه فشله في الحكم وتبعثرت أوراقه.

 

ويبدو أن خلافة المرزوقي للغنوشي لن تكون على رأس حركة النهضة الإسلامية، وقد تكون في مشروع سياسي جديد يعكس التوجهات العامة الإقليمية والداخلية لرجب طيب أردوغان وكل حلفائه من الإسلاميين، وربما سيكون الرئيس التونسي المؤقت السابق رهانا جديدا لانقاذ ما تبقى من فكر "الإخوان" في تونس.

 

وإزاء كل هذا التموج السياسي، يحق لكل شخص الحلم لبناء مشروع سياسي يجسد أفكاره وشهواته، لكن هذا الحق مشروط باحترام سيادة الدولة ولا يمكن أن يكون مدخلا للدعوة للتدخل الأجنبي في أوضاع تونس مهما بلغت التقلبات السياسية حدتها.

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.