معارك لينا بن مهني من أجل الحياة مستمرّة

 يسرى الشيخاوي- 

صورتها في قاعة الندوات بمقر نقابة الصحفيين تحيلك إلى معاني كثيرة وتستبطن كلاما كثيرا لا تترجمه إلا ابتسامتها التي تزيّن محياها وتروي قصصا عن الجلد والصبر، أما عيناها فتؤويان حديثا عن المقاومة وعن الحرية والثورة والحياة والأمل وفي ابتسامتها جلد وصبر.

 

لينا بن مهني، "البنية التونسية" التي رحل جسدها عن  هذا العالم ولكن ظلت أفكارها تسكن كل معارك الحقوق والحريات وروحها ترفرف حول الحملات التي أطلقتها من حملة " وينو الدواء" إلى "جمع الكتب للسجون" وغيرها.. 

 
هي المناضلة الحالمة ببلد الحقوق والحريات، هي التي خاضت معارك كثيرة وقاومت الظلم والقمع وانتهاكات حقوق الإنسان وقالت  "لا" في وجه من قالوا " نعم"، هي  أعظم من الحياة وأبقى من الموت. 
 
غصبا عن الموت، هي حيّة أبدا في عائلتها ورفيقاتها ورفاقها وكل من أحبوها وقاسموها فصولا من الحياة، هي حيّة في جمعية لينا بن مهني، الجمعية التي ستواصل خوض معاركها من أجل الحياة. 
 
لينا حيّة في نظرات والدها الصادق بن مهني ووالدتها آمنة غربال وكلمات أصدقائها وصديقاتها وكل من آلى على نفسه أن يواصل معاركها من اجل الحقوق والحريات، من أجل الإنسان، من أجل الحياة.
 
"مواصلة مسيرة لينا بن مهني: نضال مدني ووعي ثوري"، هو العنوان الذي اختاره القائمون على الجمعية في أوّل ندوة صحفية للإعلان عن برنامج عملها وأهدافها وأنشطتها.
 
الحفاظ على تراث لينا وذكراها ومواصلة نضالاتها، هما غرضا الجمعية اللذين خاض فيهما صادق بن مهني وهو يذكّر في كل مرة أن العمل صلبها تشاركي ونتاج لنقاشات مستمرة.
 
وفيما يخص تصوّر العمل صلب الجمعية، يشير بن مهني إلى أنها أفقية لا مجال فيها لقيادات وتقسيم هرمي وأن أعضاءها يتشاركون مع لينا في الخيارات والمنهج وهو ما جعلهم يستكملون مسيرة جمع الكتب التي بدأتها.
 
ولم يخف فرحه بوجوده في نفابة الصحفيين التي مازالت تجمل ذكرى لينا بين زواياها، وقد عرّج على معركة لينا في علاقة بالجسد والمواطنة، مشيرا إلى أنه تم تحديد جلسة يوم 30 سبتمبر في مدنين  للنظر في مطلب اعتراض عون الأمن الذي اعتدى عليها وإثرها جلسة أخرى لعون الأمن الثاني المتهم في القضية والذي قدّم هو الآخر اعتراضا.
 
ومن المنتظر أيضا أن يتم بعث منصة بعنوان " وينو الدواء" لاستكمال الحملة التي أطلقتها والتي طفت إلى السطح حينما تعالت صرخات مواطنين مصابين بمرض الذئبة الحمراء مطالبين بحقهم في الحياة في الموجة الأولى من الجائحة إذ اختفى دواء "بلاكينيل" (plaquenil 200) من الصيدليات.
 
من جهتها، تحدّثت آمنة غربال عن حملة جمع الكتب للسجون والتي ولّت وجهها شطر القرى النائية والمهمشة إذ تم تجهيز مكتبة في دوار الهوايدية بعد أن اكتفت السجون كما أعلنت عن مشروع مكتبة في إحدى أرياف جربة، مكتبة  بطاقة استيعاب عشرة آلاف كتاب بعثت يها الحياة انطلاقا من مستودع وزيّنت رفوفها بألف وخمسمائة كتاب في انتظار نقل بقية الكتب إليها.
 
وحملة جمع الكتب لفائدة نزلاء السجون، فانبثقت من فكرة أن الحرمان من الحرية لا يعني أبدا الحرمان من المعرفة والثقافة، ومن هنا بادرت لينا بإحداث مكتبات ودعم أخرى بمختلف سجون تونس.
 
وكانت لينا تكدّس الكتب حتى تحملها بحب وابتسام إلى نزلاء الوحدات السجنية وتشرّع أمامهم أبواب الحرية عبر الكلمات، وكم من نزيل آنست وحدته وانتشلته من دوامة الحيرة من خلال الكتب التي زيّنت بها السجون.
 
وعن أنشطة الجمعية، تشير المكلفة بالإعلام هندة الشناوي إلى مشروع الجامعة الصيفية والتي تمتد على اسبوع وهي جامعة نسوية تقاطعية يشارك فيها الكويريات وسيشمل التكوين عديد المجالات وتهدف إلى خلق شبكة نشطاء لديهم مشاريع فنية ونضالية.
 
ومن المنتظر أن تشمل الجامعة الصيفية، أيضا، ورشات عمل ونقاشت بخصوص عدد من الأفلام، وفق حديث الشناوي التي أكّدت أن أنشطة الجمعية تهدف إلى إعطاء فرصة للشباب وفسح المجال لتعلو الأصوات التي لم تبلغ الأسماع بعد.
 
هم "عائلة لينا بن مهنّي ورفيقاتها ورفاقها وبعض ممّن يرون فيها أيقونة ثورة شعبنا الّتي لا ولن ُتنسى يسعون  إلى أن تكون للينا مؤسّسة تخلّد ذكراها وتواصل شيئا من مبادراتها وأعمالها"، تعريف ورد عند الإعلان عن الجمعية.
 
وفي نفس الخانة تحدّد نشاط المؤسسة والذي يرتكز في فترة أولى على تجميع المؤلّفات والمقالات والبحوث والفيديوهات والأشرطة والصوّر الّتي أنجزتها لينا و/أو الّتي للينا حضور أو إسهام فيها.
 
ومنوط بعهدة المؤسسة بعث هياكل افتراضيّة و/ أو مادّيّة غايتها مواصلة أعمال لينا بمختلف أصنافها الفكريّة والاجتماعيّة والنّضاليّة والعمليّة وتطويرها، ومنها التشهير بالتعذيب والعنف البوليسي ومرافقة العائلات التي ترعى مصابين بأمراض مزمنة ودعم نضالات النساء والأقلّيات وبرمجة وإنجاز دراسات متنوّعة ذات صلة بالثّورة عموما وبمسيرة لينا ومتابعة مجريات القضيّة الّتي رفعتها لينا ضدّ من اعتدوا عليها في جربه من أعوان الشّرطة.
 
ومن الأنشطة الأخرى تركيز مقرّ تجمّع فيه الجوائز والتشريفات الّتي حصلت عليها لينا، ومكتبتها وبعض ممّا يحتفظ بشيء من أنفاسها والمحافظة على بعض من الأنشطة الّتي بادرت أو ساهمت لينا بإنشائها ورعتها أو ساندتها مثل جمع الكتب للسجون و "حملة وينو الدّواء" ومجموعة "مرض الذّئبة الحمراء، لنتحدّث عنه" ومساندة أسر شهداء الثورة وجرحاها.
 
وفي صفحة المؤسسة تعريف بحملات " جمع الكتب للسجون" و"وينو الدواء" ومجموعة " مرض الذئبة الحمراء لنتحدّث عنه"، محطّات قاومت فيها المرض لتدافع عن حق الآخرين في الصحة وفي الثقافة وفي الحياة.
 
وفيما يخص مجموعة " مرض الذئبة الحمراء.. لنتحدّث عنه"، فكانت وليدة تجربتها الشخصية مع هذا المرض ذي الأوجه المتعدّدة الذي تعلّمت معه لينا ان الحديث عنه إفادة لضحاياه فاجتمعوا في هذه المجموعة.
وفي فترة الحجر الصحي، كانت هذه المجموعة متنفسا للمصابين بهذا المرض وخاصة المصابات به، إذ وجدوا فيه فضا لإصلاق صرخات الوجع مع غياب الدواء الذي يتعاطونه عن الصيدليات.
 
وإن رحلت لينا فإنها مازالت حيّة في مؤسسة لينا بن مهني وحضور والدها الصادق بن مهنّي  الذي لا  يدّخر جهدًا ليواصل معاركها، وبقية عائلتها، ورفيقاتها، ورفاقها وكل من شاركها  ساحات النضال وآمن بحقوق الإنسان وحرياته.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.