شذى الخياري-
تمر ليبيا بمخاض سياسي صعب وصولا إلى الانتخابات العامة (النيابية والرئاسية) المقررة 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، مرورا بإقرار قاعدة دستورية والقوانين اللازم لها في ظل محاولات لعرقلتها وإقصاء مرشحين عن غيرهم.
ورغم انعقاد الملتقى السياسي في جنيف برعاية البعثة الأممية لإقرار قاعدة دستورية متفق عليها ضمن الحل السياسي المدعوم دوليا الذي ارتضاه الليبيون وشكل لهم سلطة تنفيذية مؤقتة، لكن أطرافاً سياسية خلال الجلسات المباشرة للملتقى تسعى بشكل واضح لإفشال الحل السلمي.
هذه الأطراف نصبت نفسها وصية على إرادة الليبيين وتضغط نحو تأجيل الانتخابات وتعطيلها وبعضها يحاول إطالة عمر الحكومة المؤقتة بعد الـ 24 من ديسمبر المقبل فيما قامت مجموعة معينة بجمع توقيعات داخل ملتقى الحوار السياسي للمطالبة بتأجيل الانتخابات.
ويرى العديد من المتابعين للشأن الليبي، أن القاعدة الدستورية نفسها يشوبها العديد من الغموض وعلامات الإستفهام، فهي تُعتبر إقصائية لبعض فئات المجتمع، وليست شاملة لجميع أفراد الشعب، فإحدى بنوده تتعلق باليمين القانونية التي تشترط أن يكون اليمين لثورة فبراير وليس للإخلاص للوطن، وبالتالي فهو يقصي أنصار نظام القذافي مباشرة، واشتراط الجنسية الواحدة، الذي بدوره يقصي معارضي النظام السابق الذين اضطروا للعيش بعيداً عن وطنهم وحمل جنسيات الدول التي كانوا مقيمين فيها.
ويعتبر البند المتعلق بخلو السيرة الذاتية للمرشح من قضايا في المحاكم، بنداً غير عادل، وذلك لأن العديد من القضايا تحتاج شهوراً وحتى سنيناً لإغلاقها، بغض النظر عن التهمة أو القضية، كما أن هذا البند يستهدف سيف الإسلام القذافي ويقصيه من الترشح، وبذلك تحطيم آمال العديد من أنصاره خصوصاً وأن شعبيته كبُرت خلال سنين الأزمة.
كما أن بنوداً عديدة تم وضعها بسبب ضغط من قبل جماعة الإخوان المسلمين الذين أساساً يحاولون عرقلة إجراء الإنتخابات بحسب تسريبات أخيرة فضحت مشاريعهم، البنود وضعت خصيصاً لإقصاء عدوهم اللدود قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، الأمر الذي بإمكانه تأجيج الوضع شرق البلاد مجدداً بسبب شعبيته العالية في تلك المناطق.
والجدير بالذكر أنه حتى يصل الليبيون إلى هذا الاستحقاق الهام عليهم وضع القاعدة الدستورية للانتخابات في موعد أقصاه الأول من يوليو/تموز المقبل، كما على مجلس النواب الليبي وضع قانون للانتخابات وقانون للعمل السياسي والأحزاب، وعدة قوانين أخرى يشكك البعض في قدرة المجلس على اعتمادها، خاصة أنه يناقش قانون الميزانية منذ أشهر إلى الآن.
ويخشى الليبيون من الذهاب إلى الانتخابات مباشرة دون التوصل للقاعدة الدستورية واعتماد القوانين اللازمة كي لا تتعرض للطعون والرفض مثل الحكومات السابقة والدخول إلى مرحلة جديدة من الفوضى.