الانـقـلاب الناعـم فـي تـونـس

 بسام حمدي-

انقلاب خفي لكنه معلوم، خفي من حيث شكله لكن آثاره معلومة للجميع، نجحت في تنفيذه معظم مكونات المشهد السياسي في تونس من أحزاب وائتلافات بمختلف توجهاتها الإيديولوجية وتكتمت عنه طوال السنين التي تلت الثورة لشرعنته والتطبيع معه.

هو الانقلاب الناجح في تونس، بدأت في تكريسه أغلبية الأحزاب والتيارات السياسية بعد الإطاحة بالرئيس الدكتور الراحل زين العابدين بن علي، وخططت له في أول استحقاق انتخابي تلى الثورة واستمرت في القيام به في الانتخابات التي جرت سنة 2014 و2019.

صحيح أنه انقلاب ناعم، لكن آثاره خلفت الكثير من الضحايا وشردت الكثير من العائلات ودفعت شباب تونس لركوب قوارب الموت بحثا  نحو جنتهم المنشودة، فنسب الفقر ارتفعت واقتصاد تونس تضرر وعدد موتى الهجرة غير النظامية في تزايد مستمر، في حين ينعم مدبري هذا الانقلاب بخيرات البلاد والعباد.

واعتناقا لإستراتيجية الإلهاء السياسي، يناور الكثير من السياسيون ويزعمون في كل مرة وجود مخططات لحدوث انقلاب في الحكم في البلاد لإخفاء جريمة انقلابهم على وعودهم الانتخابية التي استمالوا بها ملايين الناخبين التونسيين وتنكروا لبرامجهم فور وصولهم سدة الحكم.

وكل مزاعم التخطيط للانقلاب التي رُوجت في البلاد، سواء التي اتهم فيها وزير الداخلية الأسبق لطفي براهم أو التي نُسبت لقيس سعيد هي، وحسب رأيي، استنجاد باستراتيجية تحدث عنه  المفكر، نعوم تشومسكي، وهي الإلهاء كخطة دهاء ومكر يتم استغلالها من طرف الماسكين بخيوط اللعبة السياسية بهدف مغالطة الجماعات واغفالهم عن البرامج الانتخابية التي صوتوا من أجلها لمترشحين ولم تُحقق.

وما يلفت الانتباه في الترويج للتخطيط للانقلاب في تونس، أن هذه المزاعم تنفجر عبر وسائل إعلام أجنبية بريطانية أو فرنسية، وفي ذلك محاولة لإضفاء المصداقية والنجاعة على خطة الإلهاء بمزاعم الانقلاب الدستوري أو الأمني.

لو تمعَنا بعمق في الوضع الذي تحتكم إليه البلاد، لكنا قد اكشتفنا أن الانقلاب الذي حصل في تونس هو الانقلاب على الوعود الانتخابية والتنكر لكل التعهدات، حتى أن الحملات الانتخابية في تونس أضحت كحصان طروادة الذي يتخفى داخله المتسابقون على الحكم لكسب ود الناخبين ثم الانقلاب عليه فور المسك بزمام الأمور.

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.