يسرى الشيخاوي-
في الوقت الذي تغيب فيه السلسلات البوليسية عن الإنتاجات التونسية، تأتي سلسة " 13 نهج غاريبلدي" لتقطع مع هذا الغياب ومع موسمية عرض الإنتاجات التلفزيونية خلال شهر رمضان.
وفي غرة أفريل الجاري، صافح الجمهور السلسلة التي تجمع ممثلين تركوا بصمتهم في الأعمال التي شاركوا فيها وأثبتوا في كل مرة أنهم من طينة الفنانين الذين لا يستنسخون حضورهم وهم لسعد بن عبدالله و نجلاء بن عبد الله و خالد هويسة وبلال سلاطنيّة وإباء الحملي وزياد عيادي و ليديا العسلي.
"13 نهج غاريبلدي" من إخراج أمين شيبوب وإنتاج شركة "فرتيغو فيلم"، وفيها مشاركات شرفية لعدد من الممثلين التونسيين على غرار عيسى الحراث ونجيب بلقاضي وجمال المداني وليلى الشابي وهالة عياد.
ولخلق الإطار البوليسي القائم على التشويق والإثارة، اعتمدت الرؤية الإخراجية على إقحام المشاهد في كل التفاصيل من خلال الاعتماد على الكاميرا المحمولة واللقطات القريبة التي توغل في تعابير الوجه ومعاني النظرات وكل رجفة جفن مما يسرّع في النسق الدرامي للسلسلة.
وفي كل حلقة من السلسلة المتّصلة في موضوعها المنفصلة في أحداثها، تتجلى جريمة قتل غامضة يرتكبها مجهول وتتولّد الأحداث تباعا ويشرع المحقق الرئيسي (الممثل لسعد بن عبد الله)، ومساعدوه (الممثلون بلال سلاطنية وإباء حملي وزياد عيادي) في التحري في الجريمة لفكّ شيفراتها وملابسات ارتكابها والكشف عن الجاني.
مغامرة..
وفي حديثه عن هذه السلسة يقول الممثل لسعد بن عبد الله لحقائق أون لاين، إنها مغامرة على اعتبار أن العادة اقتضت أن تكون الإنتاجات التلفزية في رمضان لارتباط ذلك بالاستهلاك والدورة الاقتصادية في علاقة بالاشهار، بالإضافة إلى أن الجمهور لم يعتد على الإنتاج خارج الموسم الرمضاني.
والسلسة التي عرضت منها ثلاث حلقات قبل شهر رمضان، أثارت الاستغراب لأنها قطعت مع السائد في علاقة بالإنتاجات التلفزية وراهنت على العرض خارج الموسم الرمضاني رغم أن هذا الامر لا يندرج في إطار تقاليد المستشهرين، وفق حديث بن عبد الله.
ومردّ المغامرة، يكمن أيضا في غياب السلسلات البوليسية التونسية منذ فترة الثمانينات التي شهدت سلسلة " ابحث معنا" والتي أدى فيها الممثل عبد المجيد الأكحل دور الكوميسار، حسب محدّثنا الذي يؤكّد ان توزيع الإنتاجات على مدار السنة يمكن أن يكون منطلقا للحديث عن صناعة تلفزيونية تونسية ويمكن المتابعين من المشاهدة بروية والنقاد من العمل خارج سياق التخمة والفنان من لعب دور.
في سياق متّصل، لم يشارك الفنان لسعد بن عبد الله سوى في سلسلة " 13 نهج غاري بلدي" على اعتبار أنه يؤدّي دورا رئيسا ولم يكن بإمكانه المشاركة في أعمال أخرى، وفق قوله.
ملامح السلسة..
في "13 نهج غاريبالدي"، يجسّد الفنان لسعد بن عبد الله دور الكوميسار محرز بلهادي الذي يقود عملية الكشف عن تفاصيل الجرائم صحبة فريقه المتكوّن من المساعدين نبيل وطاهر(الممثلان بلال سلاطنية وزياد عيادي) والمنسقة حنان (الممثلة إباء الحملي).
وفي إطار السعي لإماطة اللثام عن الحقيقة، يتعامل الكوميسار وفريقه مع طبيبة التشريح درة (الممثلة نجلاء بن عبد الله) ووكيل الجمهورية (الممثل خالد هويسة)، وفي حضور ليديا عسلي وكلثوم حندوس في هذه السلسلة تعريج على العلاقات العائلية والاجتماعية لرجال الأمن الذين تنشطر مساراتهم إلى مسارات خاصة بالمهنة وأخرى شخضية ذاتية.
وإلى جانب الحيث في الجرائم، يشير الفنان لسعد بن عبد الله إلى أن السلسلة ستخوض في الجوانب الذاتية للشخصيات من خلال تطور العلاقات بينها، وإلى أن المواسم اللاحقة من السلسلة ستشهد تطور الشخصيات.
تجربة مختلفة..
في علاقة بتجربته في هذه السلسلة يعتبر أنها مختلفة إذ جمعته بمخرجين وممثلين يصغرونه سنا وأن التفاعل فيها بين الأجيال مهم ، مشيرا إلى أن دوره مغاير لسابقيه وأنه يعتمد في اختياراته على اختلاف الأدوار ويؤمن بالتنوع.
في الصدد ذاته، يلاحظ محدّثنا الأداء الجيد واللافت للممثلين الذين مثل التعامل معه اكتشافا بالنسبة له مع الإشارة إلى أن مسلسل "نوبة" جمعه سابقا بالممثل بلال سلاطنية، مبيّنا ان ثقل العمل منكب على فريقه القار.
وعدد الشخصيات القليل في المسلسل، يساهم هو الآهر في اختلاف التجربة التي شهدت انسجاما بين الممثلين الذين عاشوا التفاصيل مع بعضهم البعض وكانهم في فرقة مسرحية، وفق حديث لسعد بن عبد الله.
رؤية جديدة..
اللافت في السلسلة البوليسية أن المخرج أمين شيبوب راهن على تفاعل الجمهور من خلال المشاركة في الكشف عن هوية المجرم الذي يتم الكشف عنه في اليوم الذي يلي بث الحلقة إلى جانب عرض لحظة القبض على القاتل والمواجهة بينه وبين فريق المحققين وبثّ لقطات مصوّرة تعيد تجسيد جميع اطوار جريمة القتل قبل أن يتم الإعلان عن اسم الفائز من جمهور السلسلة البوليسيّة.
والمخرج اعتمد في هذه السلسة على القرب من الممثلين لاستنطاق تعابير وجههم ونظراتهم وفق حديث الممثل لسعد بن عبد الله الذي يعتبر أنه من غير المألوف التعامل مع هذا النوع من الشخصيات وان اداءها يتطلب الدقة ولا يستوعب المبالغة.
في سياق متصل، يشير بن عبد الله إلى أن أداء الممثلين اتسم بالعمق والصدق لأنه يعبر عن أحاسيس وغرائز مرتبطة بالجريمة والفضول وإلى أن طريقة القرب من الممثل المعتمدة في الإخراج تقحم المشاهد في التفاصيل وتعطي معنى لكل حركة ورعشة في الوجه والجسد.