مشاهد رمزية في المسيرة الاحتجاجية بشارع الحبيب بورقيبة

 يسرى الشيخاوي- 

في شارع الحبيب بورقيبة حيث علت الهتافات منادية برحيل بن علي ذات جانفي، صدحت حناجر شبان ضاقوا ذرعا بالتهميش والتفقير والإذلال وسئموا سياسات الحكومة و"السين" و"سوف" والوعود الواهية.

هي مسيرة دعا إليها بعض الشباب الملتزم بالقضايا السياسية والاجتماعية في محاولة لقطع الطريق أمام "تجريم" التحركات الاحتجاجية وشيطنتها إثر الأحداث الليلية التي جدّت ببعض المناطق وانجر عنها تخريب وسرقات.

دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي وجدت لها صدى على أرض الواقع وترجمتها الشعارات والهتافات في قلب شارع الحبيب بورقيبة حيث تواترت مشاهد رمزية وشت ببقاء الوضع على حاله رغم التغييرات التي يبدو أنها لم تلامس العمق.

في البدء حالت الوحدات الأمنية دون تقدم المسيرة التي توقفت على مستوى "الباساج"، ليتفرق المحتجون ويلتحقون بشارع الحبيب بورقيبة فرادى ومثنى في إصرار على "استرداد" شارع الثورة كما جاء في الدعوة إلى الاحتجاج.

على امتداد شارع الحبيب بورقيبة رابطت الوحدات الامنية ونتشرت سياراتهم ودراجاتهم الهوائية، وفي الأثناء تجمع المحتجون الذين كانوا قد تفرقوا والتحموا وكأنهم رجل واحد يتقدمهم سياسيون يساريون من بينهم المنجي الرحوي والجيلاني الهمامي ونزار عمامي وأيمن العلوي.

هي اولى المشاهد الرمزية، فمنذ انطلاق الاحتجاجات التي تتزامن كل سنة مع الفترة التي تمتد من انطلاق شرارة الثورة في سيدي بوزيد وصولا إلى هروب بن علي، تشارك بعض الوجوه السياسية في تحرك احتجاجي.

وحضورها في شارع الحبيب بورقيبة في الصفوف الأولى للمحتجين لا يخلو من رسائل أولها أنهم يساندون التحركات الاحتجاجية المطالبة بالتغيير وأنه لا سبيل لشيطنة التحركات الاحتجاجية وايقاف مدها.

ومع محاولات الوحدات الأمنية الحول دون مضي المحتجين نحو وزارة الداخلية وارتفاع وتيرة التدافع كان حزام سياسي يتشكل في المقدمة لحماية المحتجين، وسط تعاقب الشعارات التي تحصر رئيس حزب حركة النهضة راشد الغنوشي في زاوية المسؤولية عما آلت إليه البلاد.

من المشاهد الرمزية حضور كل الفئات العمرية في شارع الحبيب بورقيبة احتجاجا على الأوضاع المزرية للبلاد على جميع الأصعدة، أطفال وشباب وكهول ومواطنون بلغوا من العمر عتيا فرقتهم الأعمار وجمعهم الحنق على حال تونس اليوم.

شعارات ضد قمع البوليس واخرى ضد حركة النهضة ورئيسها وأخرى مع سراح المعتقلين وإسقاط النظام، شعارات تختزل واقع البلاد وتمثلات جيل كامل لواقع تونس اليوم تردد صداها في شارع الحبيب بورقيبة.

وكعادتها، تظل المواطنة رانيا العمدوني خزانا للطاقة ومنبعا للشعارات التي تثير الحماس في المحتجين وتهز صفيح الوضع المتحرّك، حاضرة هي دائما لفي كل التحركات المطالبة للتغيير، مناصرة لقضايا الحقوق والحريات ووفية لمبادئ الثورة ولحضورها رمزية لا تترجمها الكلمات.

أما صورة وديع الجلاصي محمولا على الأعناق، في يده علم تونس وقفص شرّع بابه حينما بلغت الاحتجاجات ذروتها في 14 جانفي مون سنة 2011 في إحالة على الحرية فتحمل هي الأخرى أكثر من رمزية، " العصفور" كما ينادونه كان حاضرا بالأمس ليخبرنا أن الثورة مسار لا بد من استكمالها والا اختنقت الحرّية.

*صورة: شاذلي عرايبية

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.