تونس تخسر عضوية محكمة الجنايات الدولية.. فشل في حشد الدعم أم أن السبب أعمق؟

 مروى الدريدي-

لم يتمكن مرشح تونس أستاذ القانون الدولي هيكل محفوظ، من الفوز في انتخابات عضوية محكمة الجنايات الدولية يوم 23 ديسمبر 2020، وذلك بعد خسارته التصويت في الدور الثامن والأخير أمام مرشحة دولة السيراليون. 
 
هيكل محفوظ الذي يتمتع بسمعة طيبة من الاوساط القضائية والديبوماسية وكان كان محلّ استقبال من رئيس الحكومة هشام المشيشي ورئيس الجمهورية قيس سعيد لابلاغه دعمهما له، خسر المنافسة، حيث اعتبر العديد من المراقبين أنها خسارة متوقعة أمام ضعف التحضير والحشد لهذا الموعد الكبير، وعدم دعم رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية لمرشحها.
 
وقد ذهب البعض أيضا إلى وصف فشل مرشح تونس امام مرشحة السيراليون، بالفضيحة الديبلوماسية وأن تونس لم تمكّن هيكل محفوظ من ميزانية للقيام بحملة انتخابية، وقد حاولت حقائق أون لاين الاتصال مرارا بوزارة الخارجية لرصد موقفها من خسارة تونس للمنصب وللرد على الاتهامات بالتقصير الموجهة إليها، إلا أنه لم يتسنّ لها ذلك.
 
تشتت السياسة الخارجية والداخلية
وعن هذه الخسارة قال عاطف حمزاوي، مختص في علم الإجرام والعلوم الجنائية، وخبير دولي في الأمن وقضايا الإتجار بالبشر والجريمة المنظمة، لمجلة ليدرز: "يمكن القول عموما أن الأستاذ هيكل محفوظ كان ضحية ضعف الأداء الديبلوماسي للخارجية التونسية، حيث اكتفت رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية بتوجيه رسائل خطية لمختلف دول العالم لدعم المرشح التونسي، في حين إستماتت دول أخرى في الدفاع عن مرشحيها من خلال إعتماد إتصالات مباشرة والتسويق لحملتهم، على غرار سيراليون التي أصدرت بيانا لدعم مرشحها خلال الإجتماع السنوي لأعضاء محكمة الجنايات الدولية يوم 17 ديسمبر الماضي، في حين لم يصدر عن الجانب التونسي أي بيان وربما يعود ذلك لغياب وجود سفير تونسي بلاهاي وهو الذي تعود على تلاوة البيان، وهذه قضية أخرى تطرح أيضا عديد نقاط الإستفهام."، من وجهة نظره.
 
من جهته اعتبر الدبلوماسي السباق عبد الله العبيدي، في تصريح لحقائق أون لاين، أن عدم فوز المرشح التونسي هيكل محفوظ بعضوية محكمة الجنايات الدولية، أمر متوقع، مشيرا إلى أنه حتى وإن دعمته رئاسة الجمهورية والخارجية التونسية فلن يمرّ، لأن السبب أعمق من ذلك بكثير.
 
وأوضح العبيدي "أن مثل هذه المشاركات يتم دعمها عبر شبكة علاقات قويّة، والحال أن تونس اليوم مشتتة داخليا وخارجيّا، ولاحظنا كيف أن زيارة رئيس الحكومة إلى فرنسا تحوّلت من عرس إلى مأتم"، على اعتبار أن هناك من في السلطة لا يريد لهذه الزيارة النجاح.
 
وتابع في ذات السياق بأن الديبوماسية التونسية اختلطت بالسياسة، حيث هناك سياسة خارجية لقيس سعيد وسياسة خارجية لراشد الغنوشي وسياسة خارجية لهشام المشيشي، وهو ما أضعف البلاد وقلّل من حضورها في المحافل الدولية والاقليمية، وانتفى بذلك الصوت الواحد لتونس في الخارج، وفق محدثنا.
 
وقال العبيدي: "عادة عندما يتقدم أي تونسي للترشح لمركز دولي أو اقليمي تتحرك بعثاتنا الديبلوماسية والقنصلية لابلاغ سلط الاعتماد وتحسيسهم وتعبئة أصواتهم لصالح مرشح تونس، ونحن لا نستغرب إذا ما قام سياسيون من تونس بالاتصال بسياسيين في بلد الاعتماد لدفعهم لعدم التصويت لمرشح تونس لانه غير موال لهم، وفق تعبيره.
 
وتابع العبيدي: "لم يعد لتونس أيّ وزن في المحافل الخارجية، نظرا لتشتت سياستها في الداخل وهذا ينعكس على حضورها ووزنها في أي محفل خارجي، وصار موقف تونس يتحدّد ايديولوجيا وعقائديّا أكثر من أن يتحدّد على أساس المصلحة الوطنية، مضيفا أن مثل هذه المواقع الدولية على غرار محكمة الجنايات الدولية، توزّع كالجوائز وإذا كان حكم تونس مشتّتا فلن تحصل على هذه الجائزة، على حدّ تعبيره.
 
وبين العبيدي أن هناك أمرا على غاية من الأهمية ويجب توضيحه، وهو أن الدبلوماسية التونسية ليست نفسها السياسة الخارجية، فالدبلوماسية هي تسويق لسياسة البلاد الخارجية، وإذا لم تكن لدى تونس بضاعة في هذا المجال، فالدبوماسية لن تجد ما تسوّقه، وفق قوله.
 
نتائج الانتخابات
 
يذكر أنه تم تأسيس المحكمة الجنائية الدولية عام 2002 في لاهاي بهولندا، وتختص بمحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ويبلغ عدد قضاتها 18 قاض، ويتم تجديد انتخاب 6 قضاة كل 3 سنوات.
 
وتحظى الانتخابات الأخيرة لمحكمة الجنايات الدولية بأهمية كبيرة، لأنّه سيعقبها انتخاب مدّع عامّ جديد ورئيس جديد للمحكمة وانتخاب رئيس عصبة الدول الأعضاء في اتفاقية روما.
 
وقد حصل المرشح التونسي هيكل بن محفوظ على 42 صوتا في الدور الأول، و39 صوتا في الدور الثاني، و48 صوتا في الدور الثالث، و42 صوتا في الدور الرابع، و40 صوتا في الدور الخامس، و38 صوتا في الدور السادس، و42 صوتا في الدور السابع.
 
ونظرا إلى عدم الحصول على أغلبية الثلثين في الدور السابع (76 مرشحة ترينيداد وتوباغو و42 لمرشح تونس) أعيدت الجولة لتفوز منافسة هيكل بن محفوظ بـ86 صوتا.
 
وأصبحت تونس بعد الثورة أول دولة في شمال إفريقيا وخامس دولة عربية، تنضم إلى المحكمة الجنائية الدولية، لتصبح الدولة العضو رقم 116. فقد صدر في 14 ماي 2011 الأمر عدد 549 لسنة 2011 المتعلق بالمصادقة على انضمام الجمهورية التونسية إلى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وإلى اتفاق امتيازات المحكمة وحصاناتها.
 
 
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.