حينما يستجير محكوم بـ20 سنة سجنا بالكتابة من ضيق الزنزانة ..

 يسرى الشيخاوي-

في سجن برج العامري حيث اختتمت أيام قرطاج السينمائية في السجون الدورة السادية تتخذ الحرّية وجوها كثيرا، يتجلّى بعضها في صور ولوحات يخطّ بها النزلاء رحلتهم خارج الأسوار، وبعضها الآخر في النصوص التي يكتبها بعضهم ليتحرر من الجدران التي تكتم أنفاسهم.

وللكتابة تعبيرات كثيرة فهي تحل محل الدموع إن عزّ البكاء ومحل البوح إن خان اللسان ومحل الحرّية إن تعالت القضبان، وفي السجن يهرع بعض المودعين إلى الورقات يخطون عليها هواجسهم وآمالهم وأوجاعهم.

وفي السجون خلق الزندالي او تراتيل الزنزانات، ووراء أسوارها تشكّلت ملامح أدب السجون، وبين مساحاتها الضيقة انهمرت الحروف وخط منها بعض المودعين نصوصا مسرحية وسيناريوهات وأغان.

وفي ورشة الكتابة السينمائية في سجن برج العامري يخلق بعض النزلاء مساحات من الحرية ويتحررون من ضيق الزنزانات ويشرعون أبواب الخيال فيتجاوزون أسوار السجن العالية ولا تترك الأسلاك الشائكة أثرها في أرواحهم المحلقة بأجنحة الكلمات.

فيما المخرجين حبيب المستيري ومروان المدّب يفسران للمودعين بعض المسائل الخاصة بالسينما والكتابة السينمائية والفرق بين المسرح والسينما، تبرق أعين الحاضرين في القاعة التي لن تشكّ لحظة أنها في قلب السجن.

ومن بين الـ311 مستفيدا من ورشات الكتابة السينمائية في السجون، مودع بسجن برج العامري محكوم بـ20 سنة سجنا قصى منها 8 سنوات لم يجد سوى الكتابة ملاذا ينسيه ضيق الزنزانة.

سيناريوهات وأغان كثيرة كتبها وهو يحاول ان يعانق الحرّية من زاويته، كتابات يتحدّث عنها بتأثر كبير تعجز لغات العالم مجتمعة عن وصفه او ترجمته، كتابات يرى فيها خلاصه ونجاته من الضيق والسجن.

ولعل ورشة الكتابة السينمائية والمخرجين المشرفين عليها تجعل من هذه الكتابات مشاريع اعمال سينمائية أو موسيقية، الأمر الذي حفّزهم على الهروب إلى حضن الفنون بدل اليأس.

 

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.