عن الأزمة داخل النهضة والخيارات الخاطئة

 أمل الصامت –

تواجه حركة النهضة العديد من الصعوبات منذ انطلاق مسار تشكيل الحكومة سواء خارج مؤسساتها أو داخلها، إذ لم تنجح إلى حد اللحظة في تجميع آراء موحدة حول شكل الحكومة التي يفترض أنها معنية بها وفق ما ينص عليه الدستور.

وبعد أن فشلت النهضة في تشكيل حكومة ائتلافية تشارك فيها أغلب الأحزاب الفائزة بالمراتب الأولى في الانتخابات التشريعية، يبدو أنها تعيش تجاذبات داخلية إثر إعلان رئيس الحكومة المكلف اتجاهه نحو تشكيل حكومة كفاءات وطنية لعلها باتت جاهزة للخروج إلى العلن رسميا خلال الساعات القليلة القادمة.

وحسب مصادر مقربة من النهضة، لم تبت مؤسسات الحركة وعلى رأسها مجلس الشورى في قبول قرار الجملي من عدمه، إذ كان من المبرمج عقد اجتماع للتباحث في هذه المسألة نهاية الاسبوع الجاري إلا أنه تأجل لمبررات وصفت بأنها كانت "تفرض التعجيل لا التأجيل".

ولئن عُلّل تأجيل اجتماع مجلس شورى النهضة بما تتسم به المرحلة السياسية الحالية من حساسية ودقة، فإنه بات من المقلق لعدد من قيادات الحركة طريقة إدارة الحوار والخيارات المتبعة صلب الحزب والتي انطلقت بحكومة سياسية بإجماع أغلب أعضاء مجلس الشورى وانتهت إلى حكومة كفاءات لم يستشر فيها الجملي مجرد الاستشارة الحزب الذي رشحه لمنصبه، وفق ذات المصادر.

ورئيس الحكومة المكلف، نفسه، كان قد أكد أنه لم يستشر حركة النهضة التي كلفته بتشكيل الحكومة، عند اتخاذ قراره بتشكيل حكومة كفاءات وطنية من خارج الأحزاب.

وربما كان عضو مجلس شورى حركة النهضة العربي القاسمي يعوّل -ولعله ليس الوحيد- على اجتماع المجلس للبت في مسألة التصويت لصالح الحكومة، التي بات الاعلان عنها وشيكا، من عدمه، إذ قال في تدوينة نشرها على حسابه الخاص على الفايسبوك قبل يومين إنه "يرى أن عدم التّصويت للحكومة أصبح واردا، وربّما يصبح واردا جدّا أو قرارا بعد اجتماع الشّورى".

وأعقب القاسمي هذه التدوينة بسلسلة من التدوينات التي تعبر عن غضبه سواء من الجملي أو من خيارات الحركة، حتى انه ألمح في آخر ما كتب اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر 2019، إلى إمكانية مغادرته الحركة، وذلك بالقول: "نرحل ولا نحمل الذّل ولا نحمل كلام العزارة. الواد إذا فاض وحْمل يجرح يخلّف أمارة".

من جهته اعتبر النائب عن حركة النهضة بالبرلمان ناجي الجمل ان حكومة سياسية يختار رئيسها رئيس الجمهورية بالتشاور مع الأحزاب الممثلة بالمجلس نواب الشعب، ستكون اقدر على رفع التحديات، قائلا: "ليس من مصلحة تونس أن تسيرها حكومة إدارة دون دعم حزبي وليس من مصلحة حركة النهضة أن تتحمل لوحدها وزر حكومة لم تشارك فيها ولم تستشر في إختيار أعضائها".

وإن لم تتجرأ قيادات نهضوية أخرى غاضبة على الجهر بمواقفها لأسباب أو لأخرى، فإنه بات من المؤكد وجود تجاذبات صلب الحركة تتعلق أساسا بشكل الحكومة والأسماء التي اختارها الجملي دون العودة إليها، حتى ان هناك من يتوقع أن تكون سنة 2020، التي ستشهد مؤتمر حركة النهضة الحادي عشر، صعبة داخليا على الحزب الذي صمد في وجه الانشقاقات والصراعات الداخلية والخارجية منذ 2011 إلى اليوم. 

وعلى الاغلب لا يعلم الجملي، الذي أكد بالأمس أنه لا صحة لما تم تداوله بخصوص سحب حركة النهضة دعمها له، بالتجاذبات التي سببها صلب مؤسسات الحركة التي رشحته لمنصبه، إذ شدد على أنها تواصل دعمها له وستستمر في ذلك في جلسة منح الثقة في البرلمان.

وفي انتظار الاعلان الرسمي عن تركيبة الحكومة خلال الساعات القليلة القادمة، وفق ما أكده الجملي نفسه أمس في تصريح لوسائل الاعلام المرابطة منذ ما يزيد عن الشهر بمقر دار الضيافة بقرطاج لمواكبة مشاورات تشكيل الحكومة ومسارها، يبقى السؤال المطروح: هل تخير النهضة الابقاء على الجملي أم على قياداتها الغاضبة؟

 

 

 

 

 

 

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.