“زووم” على الطفولة/ المتحف وسيط لترسيخ الذاكرة الجماعية والتربية على التراث لدى الطفل

بقلم الباحث في مجال الطفولة سهيل دحمان-
شهد القرن الماضي اهتماما متزايدا لمجالين متداخلين من مجالات العلوم الإنسانية هما التراث والذاكرة الجماعية تولد عنهما أعمالا بحثية وعلمية متنوعة أفضت إلى ظهور حقول معرفية جديدة اتسع اهتمامها بموضوع الذاكرة الجماعية ليطال مسالة الهوية والانتماء ومن ثمة التراث الذي يعد رافدا أساسيا يتأسس عليه البناء الثقافي ويتشكل المنتوج الكلي له.
لذلك أصبح الاهتمام بالتراث محليا ودوليا ينظر إليه بوصفه تعبيرا عن أسلوب متكامل للحياة تمارسه المجتمعات ويتمظهر من خلال استحضارها للموروث الثقافي، ويندرج موضوعنا الذي سنطرحه في إطار إشكالية الطفل والتراث وارتباطه المفصلي بالذاكرة الجماعية التي يمكن النبش فيها قصد الكشف عن خبايا هوية الطفل ومقومات انتمائه وتفاعله مع الواقع بكل أبعاده ومجالاته.
والتراث بهذا المعنى هو" كل ما وصل إلينا من الماضي داخل الحضارة السائدة فهو قضية موروث وفي نفس الوقت قضية معطى حاضر على عديد المستويات" بل انه "ليس قيمة في حدّ ذاته إلا بقدر ما يعطي من نظريات علمية في تفسير الواقع والعمل على تطويره فهو ليس متحفا للأفكار نفخر بها وننظر إليها بإعجاب ونقف أمامها بانبهار بل هو معطى للعمل وموجه للسلوك".
فعندما يكثر الحديث عن إحيائه ونشره والتربية عليه وعندما يعمد عديد الأفراد بمختلف مستوياتهم وأعمارهم إلى جمعه سواء بالصورة أو التوثيق المكتوب وتخزينه وعندما يتم رصد الأموال وتوظيف الباحثين حول هذا الموضوع بجميع تفرعاته فإننا نعي الأهمية التي يحظى بها.
اما الذاكرة فلما كان أي مجتمع بشري يتألف من مجموعات اجتماعية مختلفة تمتلك كل واحدة منها رصيدا داخليا ومشتركا يجمع بين أفرادها لحفظ ذاكرتهم ومعارفهم فموريس هالبواكس في كتابه "الذاكرة الجماعية"اعتبر "أن الذاكرة المشتركة لأي جماعة بشرية معينة شرط أساسي لوجود هذه الجماعة ذاتها"، تتأسس من خلالها هويتها وتضمن استمرارها والهوية بهذا المعنى هي ذات الإنسان تحتوي المعايير والقيم وتشكل معرفته وثقافته بالمجالات المختلفة ووعيه بقضايا المجتمع .
 إن التطرق لموضوع الذاكرة الجماعية وربطه بالتراث سواء المادي أو اللامادي يحتاج في جانب من الجوانب إلى وساطة فنية أو ثقافية خاصة بالنسبة إلى الأطفال والتي من شانها أن تثير  شغف البحث عن الأساليب المعتمدة في التربية على التراث مع العمل على إيجاد الطرق المناسبة والكفيلة بتنشيط الذاكرة الجماعية ومحاولة حفظها لتقوم بدور المراقب والمنبه أو المخزون الذي يلتجئ إليه الناس لحماية هويتهم.
وقد عبر هالبواكس عن ذلك من خلال قوله"بان ذاكرتنا إنما تستند إلى التاريخ المعيش وليس إلى التاريخ الذي نتعلمه" وعلى ذلك فمن الأسس التي تربط الأفراد ببعضهم البعض وجود تاريخ مشترك ومتشابه إلى حد ما حيث يصبح تفسير التاريخ والماضي تفسيرا متشابها مما يزيد من الارتباطات والعلاقات بينهم فتنشا الجماعات على أساس محاولة التفسير الموحد للموروث الثقافي أو ما يعرف بالذاكرة الجماعية التي توثق الماضي اعتمادا على الآثار التي يتركها السابقون "فالذاكرة تحفظ الماضي كما التاريخ يحفظ أحداثه" كل هذا يشكل مخزونا من الذاكرة الجماعية لدى الأفراد تشكل هويتهم وتحدد انتماءاتهم. 
في سياق آخر وبين قطبي الزمان والمكان تقف الذاكرة كوسيط وذلك بما تحتويه من النسيان نفسه الذي يشكل في النهاية الأفق المحدود لكل التجارب الإنسانية في امتدادها الزمني وذلك على خلفية أن المجتمع العصري يشهد انتقالية ذات وتيرة متسارعة جعلت الهوية الجمعية تسير نحو الاضمحلال التدريجي. فنحن نعاني من "النسيان الجمعي" كما عبر على ذلك بيير نورا مما جعل "أماكن الذاكرة" بما هي تلك الأمكنة الجغرافية والبنايات والتماثيل والأعمال الفنية وكذلك الشخصيات التاريخية والأنشطة الرمزية وغيرها… بأبعادها المادية والوظيفية والرمزية ذلك البديل الحسي والاصطناعي والضامن الوحيد لاستمرار الارتباط الجمعي بالماضي وتأسيس الهوية المشتركة.
معنى هذا أن للمجموعة رابطة معنوية يتطلب وجودها كما اشرنا سابقا إلى الذاكرة الجماعية والنسيان الجماعي وبعد أن تتحقق هذه الرابطة تتحول في جانب منها إلى مؤسسات متميزة بحيث تأخذ "محيطات الذاكرة" بالتناقص وتأخذ الحاجة إلى "أماكن الذاكرة"بالتزايد وهنا يصبح المتحف كبيت للذاكرة من أهم هذه الأماكن التي تستعيد فيها الذاكرة الجماعية الممارسات والأنشطة …لتعيد إنتاجها من جديد.
نخلص من خلال ما ذكرنا إلى نتيجة تفيد بأنه لا بد من اعتماد معايير موضوعية لإدراك كنه التراث والتي نلخصها في الشعور الذي يعبر عنه الأفراد تجاه شواهد الماضي فأما أن يعيروها الأهمية التي تستحقها ويعتبروها مكونا من مكونات ثقافتهم وهويتهم وأما أن يعتبروها خارج التراث الثقافي الذي ينتمون إليه والخارج عن وجدانهم. وبحكم أن التراث الثقافي متحرك ويمتاز بالحيوية فان احتضان شواهد الماضي يواجه على نحو مستمر التساؤل حول حتمية استمراره وحول إمكانية تطعيمه بشواهد جديدة نتيجة الاكتشافات التاريخية الجديدة وكذلك في القيمة التاريخية للشواهد التي تتخطى في عديد الأحيان عائق المكان والزمان خاصة إن لم تحظ هذه الشواهد بالعناية اللازمة في المكان الذي وجدت فيه.
ومن المعايير أيضا هي التكامل بين عناصر التراث حيث يتعين أن ينظر إلى شواهد الماضي في إطار متكامل وبالعلاقة مع مثيلاتها وما يقدمه كل منها من خصوصيات لكي يستطيع الشخص المهتم تحديد مكانها في التراث وأهميتها كذلك فان بعض الشواهد يمكن أن تزيد قيمتها إذا ارتبطت بالجانب العاطفي الذي يتصل بتاريخ عائلة أو منطقة معينة أو ما شابه ذلك ويبقى المعيار الأخير هو المتعلق بالحوار بين الثقافات فإذا كان التراث هو المحدد ليتعرف كل شعب إلى نفسه والى أبعاد هويته فانه هو الكفيل بدفعه لمحاولة التعرف على التراث المشترك مع سائر الشعوب  وما يميزه عنها قصد اكتشاف التنوع الثقافي والذي من شانه أن يسهل حواره مع الآخر المختلف عنه وحثه على احترامه وقبوله وعلى تقبل أوجه الاختلاف معه.
واستنادا لما ذكر يمكن تعريف التراث من حيث احتوائه على شواهد مادية وغير مادية لحضارات وثقافات غابرة أو حديثة وصلت إلى المجتمع الحالي عبر الأجيال المتعاقبة والتي يعتبرها الناس رافدا لهويتهم وعنصرا من عناصر انتمائهم. وحتى نتمكن من الإحاطة بشكل أفضل بمفهومه لا بد من أن نعرج على ميادينه والتي تنقسم إلى تراث مادي يشمل الآثار الثابتة مثل بقايا المدن التاريخية والمواقع والصروح الدينية ذات القيمة التراثية والمواقع التراثية الطبيعية…وكذلك الآثار المنقولة مثل المنحوتات والمواد المنقوشة والمخطوطات والأدوات الفخارية والخزفية.
وتراث فكري يعنى بالممتلكات الثقافية التي تعرض عادة أو تحفظ في المتاحف والمكتبات الوطنية ودور المحفوظات أو في ممتلكات خاصة أو عامة إضافة إلى التراث الاجتماعي والذي يحوي الموروثات الشفاهية كالحكايات والأمثال واللّهجات وكذلك العادات والأزياء والفنون الشعبية كالغناء والموسيقى والرقص والأهازيج… "التراث إذن ليس له وجود مستقل عن واقع حي يتغير ويتبدل،يعبر عن روح العصر وتكوين الأجيال ومرحلة التطور التاريخي.التراث إذن هو مجموعة التفاسير التي يعطيها كل جيل بناء على متطلباته."
وهو" ليس قضية دراسة للماضي العتيق فحسب الذي ولّى وطواه النسيان ولا يزار إلا في المتاحف ولا ينقب عنه إلا علماء الآثار بل هو أيضا جزء من الواقع ومكوناته النفسية…فالتراث في الحقيقة مخزون نفسي"(2) وهنا يبدو أن التراث يمكن أن يمثل عنصر التواصل بين الأفراد والجماعات ذات الخصائص والسمات المشتركة وهو تواصل يتم من خلال عملية إعادة الإنتاج التي يقوم بها الفرد معبرا عن الجماعة التي ينتمي إليها وعن سماتها الجمعية التي تنعكس في عدة مجالات كالحرف اليدوية والموسيقى والأمثال….
وهو بهذا المعنى يمكن أن يساهم في ترسيخ الذاكرة الجماعية باعتبارها الموسوعة الحاضنة لجميع ما يمتلكه المجتمع من تراث فهي ذاكرة حية تعيد صياغة الماضي دون الذوبان فيه ليبقى الإطار الزمكاني يمثل المحور الرئيسي الذي تدور في فلكه.وفي هذا الإطار حظي موضوع التربية على التراث بمختلف أوجهها باهتمام كبير من قبل المهتمين بالتراث وقد كان لليونسكو والاتحاد الأوروبي السبق في هذا المجال من خلال تعزيز التنوع الثقافي وحوار الثقافات والمحافظة على التراث الثقافي لجميع الشعوب وكذلك صيانته بكل أشكاله المادي واللامادي، الثقافي والطبيعي،المنقول وغير المنقول.
ومن اجل حماية التراث تم عقد عديد الاتفاقيات الدولية وإنشاء مركز للتراث العالمي وكذلك تم إصدار قائمة للتراث العالمي تؤمن حماية دولية للمواقع المدرجة فيها ونشير هنا إلى أن هذه المنطلقات والمقاييس كلها عناصر لازمة غير كافية لإيجاد طرق وسبل للتعريف بالتراث وتعزيز القدرة على الإسهام في صيانته وحمايته والاهم من ذلك هو التربية عليه من خلال تخصيص مناهج صلب البرامج التعليمية.
هذا التوجه له أسباب عديدة من ضمنها القدرة المحدودة للمتاحف مثلا على استخدام التقنيات الإعلامية وتقنيات المعلومات والاتصال من اجل حشد المجتمع وحث الأطفال والشباب على المحافظة على آثار العصور القديمة وعلى التراث الثقافي الحي المحلي والعام ومحاولة الترويج لهما كذلك فان افتقار المعلمين والمربين بمختلف اختصاصاتهم إلى المصادر والإمكانيات لتوظيف مواقع التراث الثقافي ومؤسساته كبيئة تعلّميّة يمثل احد ابرز الصعوبات التي تعيق السعي للاهتمام بالتراث ينضاف إلى ذلك عدم تشريك مؤسسات التراث الثقافي المحلية في تحديد كيفية توثيق التراث وسبل ترسيخه في الذاكرة الجمعية مع عدم توفر مساعي حقيقية لرسكلة الأطفال والشباب حتى يتمكنوا من توثيقه في بيئتهم المحلية باعتماد الوسائط المتعددة وإيصاله إلى المجموعات وذلك بالتعاون مع الجمعيات المدنية والمؤسسات التربوية والمتاحف.
عند الحديث عن مناهج التربية على التراث لا بد من تحديد الأوجه المتعددة له والتي سبق ذكرها في محور تعريف التراث ونضيف هنا العناصر الأساسية مع بيان ترتيبها حيث يتصدر القائمة التراث العالمي ويشمل المواقع المدرجة في قائمة مركز اليونسكو للتراث العالمي يليه التراث الوطني الذي يشكل جزءا لا يتجزأ من التراث الثقافي الإقليمي مثل تراث بلدان البحر الابيض المتوسط والتراث العربي الإسلامي…ثم التراث الخاص بجماعات معينة داخل الوطن الواحد مثل تراث المناطق أو تراث مجموعات عرقية أو دينية محددة…وأخيرا التراث المحلي الذي يكتسي قيمة محلية داخل المجموعات الفرعية المحددة.
ويمكن تلخيص الأهداف المرجوة من التربية على التراث في محاولة تعريف الأطفال بماهية التراث وأشكاله ومظاهره وتنمية قدراتهم على اكتشافه والتعرف عليه في محيطهم المباشر وحياتهم اليومية وتعريفهم بأنواع التدابير لحمايته من المخاطر جراء العوامل الطبيعية وسلوك الإنسان إضافة إلى رسكلة وتدريب الأطفال والشباب على استغلال الوسائط المختلفة لتوثيق التراث والترويج له مع تعزيز الشعور لديهم بالانتماء والهوية من ناحية والانفتاح على التراث العالمي وتنمية المواقف الايجابية تجاه تراث الشعوب والجماعات المختلفة من ناحية أخرى ونذكر هنا على سبيل المثال كيف "اهتم متحف اللوفر الذي يحتوي روائع التراث الإنساني بموضوع التربية فانشأ مدرسة اللوفر لتقوية دراسة تاريخ الفن والآثار والمتاحف وللتعمق في دراسة التحف الموجودة بالمتحف ".
كما أن بعض الدول " سارت في طريق التربية المتحفية شوطا أوسع عندما أسست متاحف خاصة للطفل المتعلم تقدم الشواهد التاريخية والأثرية وفق أسس تعليمية خاصة تنسجم مع درجة إدراكهم في إطار من التشويق والتبسيط."
الوساطة المتحفية:
الوساطة هي مجمل العمليات والإمكانيات والمبادرات المعتمدة بالمتاحف لوضع المضامين الثقافية في متناول الجميع والوساطة الثقافية هي من الآليات التي تنقل محتويات تراثية إلى عامة الناس  وهي بصفة أخرى تلك العملية التي تسهل للأفراد  المفاهيم الثقافية وتبسطها لهم بطرق ميسرة ومشوقة ويتفق علماء المتاحف على أن الموروث الثقافي لا يمكنه أن ينتقل من جيل لآخر إلا باعتماد وسائط  ثقافية وفنية أهمها المؤسسات المتحفية.
" فالثقافة عملية معقدة تستوجب وسائط متعددة وجب ترميزها وتبسيطها إلى عامة الناس"كما أن المتحف هو الوسيط بين الثقافة والفرد يعطي للعينات معاني ويضفي عليها دلالات معبرة. فما هو مفهوم الثقافة؟ لعله من أقدم التعريفات للثقافة وأكثرها ذيوعا حتى الآن لقيمته التاريخية تعريف ادوارد تايلور الذي قدمه في أواخر القرن التاسع عشر في كتابه  "الثقافة البدائية" والذياعتبر فيه الثقافة :"كل مركب يشتمل على المعرفة والمعتقدات والفنون والأخلاق والقانون والعرف وغير ذلك من الإمكانيات أو العادات التي يكتسبها الإنسان باعتباره عضوا في مجتمع"  ولعل من ابسط تعريفاتها وأكثرها وضوحا تعريف عالم الاجتماع روبرت «بيرستد» الذي ظهر في أوائل الستينات حيث ذكر "أن الثقافة هي ذلك المركب الذي يتألف من كل ما نفكر فيه أو نقوم بعمله أو نتملكه كأعضاء في مجتمع".
يبرز هذان التعريفان الصيغة التاليفية للثقافة كظاهرة مركبة تتكون من عناصر بعضها فكري وبعضها سلوكي وبعضها مادي أفرزت عديد المفاهيم الجديدة كديمقراطية الثقافة والثقافة العالمة والوسائط الثقافية … والتي من أهمها المتاحف التي لعبت ولازالت دورا كبيرا في توثيق  ونشر الوعي بأهمية المحافظة على التراث الثقافي و تشجيع البحث العلمي في مجال حفظه وتوثيقه باعتبارها وسيلة للتواصل ونقل المعارف بين الأجيال والاهتمام بالموروث الشعبي المرتبط بحياة الآباء والأجداد كمحاولة لحمايته من الاندثار والتعريف به ليكون حلقة تواصل وترابط بين الأجيال المتعاقبة ضمن إستراتيجية عملية يعتبر فيها المتحف الوسيط الأمثل لتوضيح الرؤية في العلاقة بينها كشكل ثقافي بإمكانه أن يطبع الذاكرة الجماعية للأطفال وان يتجاوز المفهوم التقليدي السائد للمتحف على أنه مغازة للموروث المادي واللامادي والشاهد الصامت على حقبات من التاريخ والحاضن الأساسي للموروث الثقافي وعليه يبقى من الضروري اعتماده على ما يعرف بالمعارض المتنقلة ذات البعد التحسيسي والتربوي قصد نشر ثقافة المتاحف وتشريك الجمهور في تصور البرامج وإعداد المقترحات من اجل تركيز ما يطلق عليه بالمتاحف المتحركة.
وبالتالي يبقى العمل على إيجاد وسائط فنية جديدة لجلب الأطفال والكبار كوسائل الإيضاح التفاعلية والأفلام والمجسمات والنصوص والصور والورشات الحيّة… من المطالب الملحة والأساسية بغية الوصول إلى جميع فئات المجتمع دون أن يحلّ محل المؤسسات التربوية والتعليمية الأخرى أو يعوض المشرفين عليها أو العاملين في حقلها باعتبار أن "أعظم انجازات العقل اليوم تجاوزت جميعها نطاق قدرة أي فرد يعمل مستقبلا دون معاونة" كما عبر عن ذلك تشارلس ساندر زبيرس.
وعلى ذلك نقترح أن تعمل المتاحف مستقبلا وبالاشتراك مع كل مكونات المجتمع المشابهة والمكملة لها على:
– توطيد العلاقة بالإعلام و الانفتاح عليه من خلال التعريف بخططها وبرامجها .
– الاهتمام بالتربية المتحفية باعتبارها من أهم سبل التنشئة والتعليم والتثقيف .
– بناء علاقة مع المؤسسات التعليمية وذلك بجعل المتاحف تتكامل مع المناهج الدراسية
و المساهمة في تدريب المعلمين لتطوير خبراتهم في مجال استخدام التربية المتحفية.
– توظيف التكنولوجيا الحديثة قصد  تسهيل إيصال المعلومات للطفل وجعله يتفاعل عن طريق الشاشات الالكترونية والألعاب التفاعلية ومكتبات الذاكرة وغيرها من الوسائط.
–  ربط الطفل بموروثه الثقافي وتراثه الفكري من اجل المحافظة على خصوصياته الثقافية والقيميّة.
– تنمية ملكات الطفل في البحث والاكتشاف والتفسير والمقارنة والتحليل والتمييز من خلال التربية المتحفية.
– صيانة الذاكرة الجماعية وربط الطفل بتاريخه حتى يحقق تواصله بين الماضي والحاضر بما يساعده على المحافظة على انتمائه المحلي وبالتالي الوطني.
– تنمية رصيد الطفل المعرفي والوجداني والنفسي والحركي
وتبقى المعضلة الأساسية التي تواجه مجتمعاتنا المعاصرة اليوم ترتبط أيّما ارتباط بسرعة توليد وتداول المعلومات التي تبني الذاكرة والتي تطورت إلى الدرجة التي جعلت القدرة على التذكر تقل وتضمحل.
وقليلة هي المجتمعات التي استطاعت أن توازن بين معدلات تضخم الذاكرة والاحتفاظ بالقدرة على التذكر،ويبقى حسن التصرف في استخدام تقنية المعلومات والاتصالات من الحلول الناجعة للخروج من هذه المعضلة وذلك بالسيطرة على هذا التضخم بالشكل الذي يضمن الحفاظ على الذاكرة الجماعية خاصة وأنها سمحت بتحويل الأشياء التي تشكلها من صورتها التقليدية الجامدة في عديد الأحيان سواء على الورق أو الجدران أو النقوش أو الأحجار قديمة كانت أم معاصرة إلى صورة رقمية قابلة للتخزين خاصة إذا  تم تحويلها إلى العاب تتجاوز اعتبارها مجرد مواد تشكل الذاكرة إلى معارف قادرة على بناء شخصية الطفل.
ويمكن أن تمثل الألعاب الإعلامية في هذا الصدد الوسيلة الأنجع والأكثر تكاملا في حل هذه المشكلة وهذا ما يجعل مشروعات رقمنة محتويات المتحف واحدة من الممارسات المرشحة "لرقمنة الذاكرة" أيضا إن صح التعبير. يقول بول ريكور في هذا الصدد:"البشر بشكل عام على حافة حضارة عالمية وحيدة تمثل على الفور تقدما ضخما بالنسبة إلى الجميع ومهمة كبيرة من اجل البقاء وتكييف موروثنا الثقافي حسب هذا الوضع الجديد."
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.