هل تونس دولة قانون ومؤسسات؟

 يسرى الشيخاوي- 

"هل تونس دولة قانون ومؤسسات" سؤال يقفز إلى ذهنك كل ما اعترضتك أخبار من قبيل تدخل أحد النافذين للحول دون محاكمة متهمين أو تدخل أحد السياسيين في قضية ما أو تعيين على أساس الولاءات والمحاباة أو تدخّل لفائدة أحدهم لتسوية أمور إدارية عالقة أو خرق القانون في تجليات مختلفة.

سؤال لن تتردّد كثيرا في الإجابة عنه بـ"لا"، فالامر لا يعدو ان يكون حبرا على ورق ولكن في الواقع تتعدد مظاهر تدجين مؤسسات الدولة وخرق القانون من قبل الكل ولعل أشدّ الخروقات وجعا تلك التي يأتيها من يعدّون حماته والساهرين على تطبيقه.

ولكن في أحيان كثيرة يحيد هؤلاء عن المبادئ والقيم ويبحثون باب الاجتهادات التي تؤدّي إلى ممرات خرقه وتقويض مؤسسات الدولة والدخول في متاهات فساد لا أول لها ولا آخر.

من ذلك أن رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي كشف في ندوة صحفية عن تدخّل الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بنابل، مباشرة في قضية التحرش المتهم فيها النائب زهير مخلوف وقضية هروب رجل أعمال  من الحجر الصحي الاجباري. وقضية حادث مرور أودى بحياة ستة أشخاص.

هي عينة من تجليات الفساد في أروقة القضاء الذي مازال يتحسس طريقه نحو الإصلاح بفضل جهود جمع من القضاة الشرفاء الذين لا تزيغ الاموال ولا المصالح ولا المناصب أبصارهم.

من القضاة إلى الأمنيين، لا تنقطع سلسلة خرق القانون إذ تفنن بعض الأمنيين في الآونة الاخيرة، من اقتحام مكتب محامية من اجل الضغط للتنازل عن قضية ضد زميلهم إلى اقتحام محكمة بن عروس إلى الاعتداء على مواطنين بالعنف، ربّما يصفون هذه الممارسات بالفردية والمعزولة لكنها في الواقع تدحض كذبة الأمن الجمهوري.

وفي أكثر من مناسبة تقترف صفحات النقابات الأمنية جرم التشهير بمواطنين ألقوا القبض عليهم، ولعل آخر حادثة أثارت ردود أفعال غاضبة هي تلك المتعلقة بنشر صور فتاة تبين فيما بعد انها تعاني من اضطرابات نفسية.

وأمام سيل من التعليقات المستنكرة للتشهير بالفتاة من قبل الأمنيين القائمين على الصفحة، انخرط عدد منهم في موجة من التهديد التي طالت عديد الناشطين حتّى ان بعضهم تلقوا اتصالات هاتفية للحضور إلى مركز الشرطة في علاقة بتعليقاتهم.

ومن الواضح ان معرفة بعض الأمنيين بقانون حماية المعطيات الشخصية منعدمة، فهم يعتبرون نشر الصور من باب إشهار نصرهم على المواطنين ولا يعلمون- وربما يعلمون ولا يمتثلون للقانون- أن الفصل الثالث والتسعين من القانون ينص على أنه " يعاقب بالسجن ثلاثة أشهر وبخطية قدرها ثلاثة آلاف دينار كل من يتعمّد بمناسبة معالجة المعطيات الشخصية نشرها بطريقة تسيء لصاحبها أو لحياته".

وجولة أخرى من خرق القانون اتاها امنييون أمام مجلس نواب الشعب في وقفة احتجاجية لحملة " حاسبهم" ضد تمرير قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين، اعتداء بالعنف وتعذيب لبعض المحتجين واحتجاج هارج السياق القانوني ومنع هيئة الدفاع من الإطلاع عليهم.

تجاوز قانون التناسب في استعمال العنف وغيرها من الممارسات والاعتداءات التي أتاها الأمن ضد مواطنين احتجوا بطريقة سلمية ضد قانون جائر، هذه عينة من ممارسات بعض الامنيين بلا قانون يؤوي هذه الاعتداءات فكيف سيكون الحال إن مر القانون- ولن يمر مادام في الوطن أنفاس حرّة-.

وفي باب التجلّي الصارخ لتقويض مؤسسات الدولة وخرق القانون، تندرج تدوينة النائب يامينة الزغلامي التي تحدّثت فيها عن إطلاق سراح المحتجين  على قرار زجر الاعتداءات بعد اتصالها بمدير الإقليم والحال أن نواب ومحامين وممثلين عن منظمات وطنية تنقلوا على عين المكان وتوصلوا الى اتفاق مع رئيس الإقليم ومدير المنطقة أفضى إلى اطلاق سراح الموقوفين والموقوفات، وفق ما ورد في صفحة " حاسبهم".

وربّما تكون نية النائب يامينة الزغلامي حسنة ولكن مثل هذه الممارسات تشرّع لانتهاك القانون خاصة وأن المحتجين لم يستعملوا العنف ومارسوا حقهم الدستوري بطريقة سلمية وبمجرّد الاحتكام للقانون كانوا سيغادرون مركز الاحتجاز، ولكن مادام هناك مواطنون مؤمنون بمؤسسات الدولة والقانون ومستمرون في النضال من اجل مكتسبات الثورة يظل الأمل قائما في إرساء الدولة المنشودة.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.