“فينيكس” أو حينما تسرّب رانيا طراد الأمل إلى “الإصلاحية”

 يسرى الشيخاوي-

مستأنسة بفكرة طائر الفينيق المنتفض من رماده حيا وحرّا، ترسم الناشطة رانيا طراد ملامح مشروع يطغى عليه الجانب الإنساني، مشروع " سيفنكس" الذي تسّرب من خلاله الامل إلى مؤسسة إصلاحية في المروج.

حلم يسكن خيالها منذ وقت طويل، تختلي به في كل مرّة وتلوّن بعض تفاصيله وفي الأثناء تتحسس الفضاء من حولها لتجدّد نقطة تحريره من مخيلتها حتى بدأ الحلم يجد طريقه إلى الواقع مع "Active Citizen Ben arous"، و"LearnEnglish – British Council".

مشاريع وأفكار، وجولات بين المجتمع المدني والنشاط التطوّعي، وصولات بين الحقوق والواجبات، كانت سببا في تمسّكها بحلمها رغم بعض الهواجس التي خفتت لكنّها لم تتلاشى حينما وجدت من يقاسمها الحلم.

بكثير من الأمل والإصرار، ترسم طريقا مختلفة إلى المركز الإصلاحي بالمروج1، طريق يؤدّي إلى عمق النزلاء الذين ستشملهم الدورات التكوينية ومنه إلى أحلامهم وطموحاتهم حينما يلتحمون بالمجتمع من جديد،

بفكرتها ستخترق أسوارا من حديد، وستحاول أن تحيي أحلام النزلاء وهي تضع أسطورة الفينيق نصب عينيها، ولن تقتصر الدورات التكوينية على فضاء السجن بل ستمتد خارجه، وفق حديث صااحبة الفكرة رانيا طراد.

دورات متنوعة المضامين تراوح بين التأطير والتثقيف والتوعية، يؤمنها فريق من المؤطرين يشاركونها نفس الرؤية والتصور، مؤطرون يؤمنون بحق النزلاء في فرصة أخرى وفي قدرتهم على تجاوز تجربة السجن إن وجدوا أفكارا تحتويهم.

وبعد أن حالت جائجة كورونا دون عديد الأنشطة، عادت بارقة الأمل من جديد في شهر أوت وشرعت رانيا طراد في وضع لبنات فكرتها على أرض الواقع، وهي التي كانت منخرطة في حملة جمع الكتب للسجون التي أطلقتها لينا بن مهني واستمرّت بعضها رحيلها.

وعبر مشروع "سيفنكس" الذي حاز المرتبة الثانية على ولاية بن عروس والخامسة على كامل تراب الجمهورية، تخوض طراد تجربة لن تكون سهلة على الصعيد النفسي، وفق حديثها، ولكنّها ستتجاوز الأمر لأنّها محمّلة برسالة إنسانية ومحاطة بفريق سيكون سندها في تنفيذ الفكرة.

من المفارقات في مشروع سيفنكس أن "الإصلاحية" التي ستؤويه تقع في خلفية فضاء ترفيهي عائلي في منطقة المروج1، وربّما تتناهى أصوات الأطفال وأقربائهم إلى النزلاء حينما يخرجون إلى الساحة.

هو مشروع محلي أطلقته رانيا طراد، وبثّت فيه كل آمالها بعد أن تخلّت عن حلم أوّل في بعث مركز خاص بالأطفال ذوي التوحّد لأن الأمر يتطلّب تمويلا ضخما وزاد تمسكها بـ"سيفنكس" وصار الأمر رهانا وتحدّيا بدأت مؤسرات كسبه تلوح في الأفق.

تكوين مختلف يطرحه المشروع، الهدف منه إفادة النزلاء على المدى الطويل وإغراقهم في إحساس الأمان وتجاوز تبعات العقاب السالب للحرية وفكرة الوصم الذي سيكون في انتظاره في مجتمع قد ينكر عليك فرصة ثانية لترتيب خطواتك.

وفي حديثها مع حقائق أون لاين لم تخف صاحبة المشروع رانيا طراد توجّسها من التجربة خاصة أنها تريد أن تلامس دواخل النزلاء وتعرف نظرتهم للحياة وتمثلاتهم عن المجتمع وعن مراكز الإصلاح.

وتوقع نسبة الفشل داخلها يغلب النجاح، وفق قولها، وربّما هو دليل على خوضها التجربة بعمق وإصرارها على بذل ما في وسعها من مجهودات لتتمكن من مرافقة عدد من النزلاء (بين 13 و17 نزيلا) الذين سيغادرون "الإصلاحية" في مدة لا يتجاوز أقصاها الشهرين.

والمرافقة لن تنتهي بانتهاء مدّة السجن، إنما تستمر خارج أسوار "الإصلاحية" من اجل ترميم ثقة المستهدفين بالدورات التكوينية في انفسهم وستكون البداية بحركة تحفيزية من خلال دورة تكوينية في الإسعافات الأوّلية بإشراف الهلال الأحمر يتحصلون بموجبها على شهادة مشاركة قد تكون بداية التغيير بالنسبة لهم.

 "فكرتك باهية اما عندهم كل شي في الإصلاحيات"، جملة اخترقت أذني رانيا طراد وهي تجري عددا من اللقاءات في علاقة بمشروعها ولكنها لم ترم المنديل وواصلت رسم ملامح فكرة تقوم على التغيير العميق لا تقتصر فقط على السطحي والظاهر، وهي اليوم تلقي بذرة حلمها في ارض خصبة بالأمل والعزيمة غير عابئة بمنابع الإحباط.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.