قيس سعيد.. والأبعاد الرمزية لحركات ظاهريا شعبوية

عبد السلام بن عامر-

عاب الكثيرون على الرئيس قيس سعيّد إثارته لاستعداد العديد من المواطنين التبرع بأجرة يوم عمل شهريا طيلة خمس سنوات.. كما عاب عليه الكثيرون إصراره على الإقامة بمحلّ سكناه في المنيهلة.. وبالأمس عاب بعضُهم على الشبان القادمين من قفصة على الأقدام الدخول إلى القصر الرئاسي بأحذية غير لائقة.

 
ورأيي أن نُبل البعد الرمزي لهذه الحركة أو تلك يبرّر القيام بها. فالدخول إلى مكتب رئيس الدولة بأحذية جديدة كان سيخفي الدماء التي تنزف من أقدام بعض أولئك الشبان.. وتلك الدماء كان يجب أن تنزف لندرك مدى الأوجاع التي عبروا عنها. وكان لقاؤهم مع الرئيس مناسبة للتذكير بمدى الفساد الذي تفشّى في البلاد وتحديدا في قفصة..
 
كان مناسبة للتذكير بـ"الرشوة" المقدمة للعمال الوهميين في أكذوبة البستنة حيث يتقاضى الواحد منهم نحو 800د شهريا وهو قابع في بيته أو في المقهى..
 
وكان مناسبة للتذكير بالفساد الذي كانت نتيجته اقتناء عربات قاطرات يقتضي استعمالها تغيير السكة الحديدية مما حكم عليها بالبقاء للصديد..
 
وكان مناسبة للتذكير بنزيف المال العام منذ سنوات بسبب تعويض القاطرات بالشاحنات لنقل الفسفاط مما جعل كلفة نقل الطن الواحد تقفز من 9د إلى 30د خدمة لأصحاب تلك الشاحنات من كبار الحيتان..
 
وكان مناسبة للتذكير بأن عدد العمال بشركة فسفاط قفصة الذي كان في حدود 9 أو 10 آلاف عامل قفز إلى نحو 30 ألفا والحال أن الإنتاج تقلص منذئـذ..
 
أعود وأقول إن بعض الحركات التي قد تبدو شعبوية لابد منها أحيانا لما لها من أبعاد رمزية جد ضرورية في أحيان كثيرة..
 
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.