جنازة السبسي: الوداع الكبير والنجاح الأخير

 بسام حمدي-

بشوارعها الخالية و أنهجها الصامتة، وبسمائها المغيمة وتحت أصوات المروحيات ومكبرات المساجد والقرآن، ودّعت قرطاج وقصرها الرئاسي، مناصر الحريات ومهندس مراحل استكمال المسار الانتقالي، الزعيم المناضل وأول رئيس منتخب في تونس بشكل حر وديمقراطي محمد الباجي قائد السبسي، وعيون التونسيين تملؤها الدموع وقلوبهم يأسرها حزن الفراق ويعتمرها فرح الرضا عن رئيس دولة أحب شعبه وأحبه شعبه.

جنازة وطنية كرّمت الرئيس الراحل وتوّجت مسيرة ما قبل الثورة وما بعدها، وهي بمثابة ختم لمسار ديمقراطي انطلق بكتابة دستور الجمهورية الثانية وانتهى بتفعيل بنوده في تبادل سلس للسلطة.

 شعب يبكي رئيسه ويرثيه، ورئيس يخلفه بعيون تملؤها الدموع، ورئيس سبقه ينعاه، أجيال عديدة تمجد خصاله يوم فراقه، نجاح أخير يُحسب للسبسي بعد وفاته فمثل من جديد شخصية وطنية توافقية تجمع الفرقاء السياسيين حول ضرورة استكمال المسار الديمقراطي بأسس ديمقراطية سلمية.

 وداع كبير، رافقه نجاح أخير للباجي قائد السبسي، نجاح في توحيد الصفوف بين التونسيين ولم الشمل بين الفرقاء التونسيين حول فكرة أن بلادنا نجحت في تجاوز المرحلة الانتقالية ووصلت الى مرحلة الديمقراطية السياسية من خلال تفعيل لكل بوادر الأحكام الدستورية، ونجاح أخير حققه السبسي اثر وفاته باعلامه كل دول العالم كون بلاده دولة مدنية لا فوضوية ولا رجعية تميزت في محيطها الاقليمي والعربي بنفسها الثوري.

 وقبل وفاته، أرسى السبسي أول تجربة ديمقراطية عربية تمثلت في تسلم السلطة اثر وفاة أول رئيس عربي على رأس السلطة دون أية مشاكل أمنية أو دستورية، وانتظمت جنازته كأول جنازة رسمية لرئيس عربي توفي أثناء توليه مهام الرئاسة وسط حضور رؤساء دول أوروبية وعربية.

 نجاح أخير في يوم وداع كبير لرئيس دافع عن الحريات العامة والفردية، تقمّص أدوار الحكومة والمعارضة، أحبه خصومه مثلما أحبه رفاق دربه في مسيرته السياسية والمهنية، قد يكون عبرة لمن سيخلفونه في كرسي الرئاسة.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.