رمضانيات بيت الشعر: مسامرات على إيقاع الكلمات

يسرى الشيخاوي-
 
بيت منتصب في قلب المدينة العتيقة منذ سنة 1993، ينهل من سحر الأزقّة الضيّقة ويختزن حكايات الدائسين على الاسفلت، هو بيت الشعر التونسي، بيت العازفين على أوتار الحروف والراقصين على إيقاع الكلمات.
 
وفي هذا البيت، تتقاطع الكلمات والنغمات ويتزاحم الشعر والموسيقى في رحابه، وتتشعّب الاهتمامات احتفاء بالفن والثقافة وفتحا لآفاق التفكّر من خلال الأمسيات التي أعدّها البيت بإدارة الشاعر أحمد شاكر بن ضية ومديرة البرمجة القاصّة نجيبة الهمامي.
 
وهذه الامسيات تندرج في إطار فعاليات "رمضانيات بيت الشعر" التي ينظمها بيت الشعر التونسي والتي انطلقت في السادس عشر من ماي وتواصلت إلى حدود التاسع والعشرين من نفس الشهر.
 
فسيفساء من الموسيقى والشعر.
 
و"رمضانيات بيت الشعر" تظاهرة تتسم بفسيفساء من الموسيقى والشعر إذ تنوّعت القراءات الشعرية والعروض الموسيقية، وكانت البداية مع مجموعة "نوى" لموسيقى المالوف التونسي ومداخلات شعرية للشعراء ، ومنى الرّزقي، وأمين دمّق، وعبد الوهّاب الملوّح، وإيمان حسيون، وشاكر السيّاري وشمس الدين العوني.
 
وفي سهرة "جذور" التي تتنزّل في إطار شهر التراث بالاشتراك مع وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية، كان روّاد بيت الشعر على موعد مع الشعراء الشعبيين بلقاسم عبهول  وحنان العياري وحاتم الغرياني ومحسن الخماسي ومصطفى المدّوري والمولدي هضب، مع مرافقة موسيقية لعازف العود محمود علي أبو دربالة.
 
و"بيت القصيد"  كان عنوانا للسهرة التي انتظمت بالتعاون مع نادي سينما البيت ونادي سوناتا البيت، قدّمها الشاعرين معز الحامدي وبلال المسعودي، وكانت مساحة لمداخلات موسيقية للفنانة رانية الجديدي، وقراءات شعرية لكل من الشعراء  سليم الحاج قاسم، وخالد درويش، ونزار الكشو، وأسامة ونبيل نباوي، وإسمهان الماجري، وأيوب العمدوني، وثريا خلوط، ورائدة سويسي، ورميساء مرسني، وعماد الدين عطية، ومالك بن فرحات ونسرين المكي.
 
وبالاشتراك مع معهد تونس للترجمة، احتفى بيت الشعر في سهرة " الشعر يترجمنا" بشعراء تُرجمت اعمالهم إلى لغات أخرى أو ترجموا هم أعمالا شعرية، وحضر  هذه السهرة التي انسبات فيها أنغام ساكسفون العازف علاء الدين المكي في أرجاء نهج التريبونال، الشعراء منية بوليلة ومحمد علي اليوسف، وراضية الشهايبي، ومحمد الهادي الجزيري وصالح سويسي.
 
وفي سهرة "حقوق المؤلّف" التي انتظمت بالاشتراك مع المؤسسة التونسيّة لحقوق المؤلّف والحقوق المجاورة التي قدّمها الشاعر جليدي العويني، حضر شعراء وموسيقيون منخرطون في المؤسسة، ورواحت الفقرات بين الداخلات موسيقية للملحّنين يوسف الرياحي محمد أنيس المستاوي  ومداخلات الشعراء فوزية العلوي وعلي اللّواتي وفتحي النصري وحسن المحنوش ونور الدين بالطيب.
 
وأمّا الشعراء النقابيون فكان لهم نصيب من برمجة رمضانيات بيت الشعر في سهرة "بالشعر والساعد" بالاشتراك مع الاتحاد العام التونسي للشّغل، وشارك في هذه السهرة التي قدّمتها الشاعرتان فاطمة بن فضيلة وحياة اليعقوبي  شعراء نقابيّون، وتخلّلتها مداخلات موسيقية للفنان إحسان العريبي بمشاركة الشعراء سعاد الشايب، والسيّد التوي، وعلي بن فضيلة، وجمال الجلاصي، وخيرة العبّاسي، وسالم والشعباني ومحمد الخامس بن لطيّف.
 
وبالاشتراك مع اتحاد الكتّاب التونسيين، انتظمت سهرة قدمتها الشاعرة سوف عبيد، أثثتها موسيقى عازف العود أمين مقني ومداخلات شعراء منخرطين في الاتحاد وهم عائشة المؤدّب، والسيّد التابعي، والمختار المختاري، ومفيدة بلحودي،وفاطمة سعد الله، وبوراوي بعرون، وفاروق الصياحي والحبيب المرموش.
 
وفي سهرة بالشراكة مع اتحاد الناشرين التونسيين قدّمها الكاتب سمير بن علي المسعودي، كان روّاد بيت الشعر على موعد مع مداخلات موسيقية لعازف الناي محمد بن صالحة ومشاركان لشعراء ناشرين.
 
أي دور للإعلام في بناء ثقافة وطنيّة؟
 
ولأنّ الإعلاميين والصحفيين هم أيضا عازفون على الكلمات، فإنهم كانوا حاضرين في "رمضانيات بيت الشعر" إذ قدّمت إعلاميات عددا من السهريات وهن أماني بولعراس وسماح قصد الله وأمل الجربي وحنان مبروك، وفيما حضرت أخريات وآخرون سهرة الإعلام الثقافي التي بحثت سؤال أي دور للإعلام في بناء ثقافة وطنية ، وهم الصحفيون ريم قاسم وإيناس عمري ومكي هلال ويونس سلطاني.
 
واللقاء التفاعلي بشأن الإعلام الثقافي أثار العلاقة الجدلية بين الإعلام والثقافة في ظل بروز عدّة تحدّيات من قبيل نسب المشاهدة أو عدد الزيارات التي تضرّ بجودة المنتوج الإعلامي الثقافي.
 
وكان هذا اللقاء فسحة للحديث عن وظائف الإعلام وتحديدا التثقيف ودورها في تعزيز الأدوار الثقافية من خلال إعلاء مفهوم الديمقراطية الثقافية الذي يضمن حق الجميع في الثقافة.
 
ومتن بين النقاط التي أثيرت في هذا النقاط دور الإعلام الثقافي في التوليف بين ثقافة النخبة والثقافة الشعبية، وتجاوز التحديات على غرار " سلعنة" المادة الإعلامية الثقافية لأغراض تجارية إشهارية بحتة وهو ما من شأنه ان يجعل الدور التثقيفي لوسائل الإعلام سطحيا وسطحيا جدّ.
 
عن سهرة الاختتام.. 
 
وفي سهرة اختتام رمضانيات الشعر التي قدّمتها الصحفية حنان مبروك الصويعي، كان فضاء بيت الشعر مجالا تعانق فيه الشعر والموسيقى من خلال مداخلات شعرية للشعراء صديق الرحموني وفاطمة عكاشة ومكرم الصويعي ومبروك السياري وماجدة سباعي إلى جانب عرض موسيقي لمجموعة " Dislexye" بإدارة الفنان محمود التركي.
 
وإثر كل قراءة شعرية، تتناثر الالحان التي تخلقها انامل العازفين في المجموعة الموسيقية لتغمر الأثير، ويؤنسها صوت الفنان محمود التركي إذ أصدح بأغان من "قاع الخابية".
 
محاكية إيقاع الحروف والمقاطع والكلمات، تضرب العازفة إيمان المورالي بأصابعها على آلة الدربوكة لتبعث الروح في تفاعلات موسيقية تطرب الأذن، ويداعب العازف الطيّب فرحات أوتار "الباص" فتنساب النغمات كأنفاس حبيبة استمعت للتوة لقصيدة غزل، وإذا ما لامست أنامل محمد أنيس المستاوي وجه " الغيتار" تسرّبت منها رسائل الحب والهيام وبعض من المناجاة.
 
وفي اختتام "رمضانيات بيت الشعر"، كان البيت نابضا بالفن من موسيقى وشعر ومفعما بالحب الذي بثّه القائمون على البرمجة في كل تفاصيل العروض، حبّ للكلمة ترجمته الابتسامات التي تسكن أعينهم قبل أن ترتسم على شفاههم.
 
*صورة: صامد ميعادي
 
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.