حاوره: يسري اللواتي
شكّل سقوط نظام الرئيس السابق بن علي، لحظة فارقة لجل الناشطين في الشأن السياسي من مختلف المشارب الفكرية والايديولوجية، لبعث تنظيمات وحركات سياسية أصرت أجهزة النظام السابق على منع تأسيسها حفاظا على تواصله على رأس السلطة ودرءا لأي محاولة للمنافسة في الاستحقاقات الانتخابية.
وتباعا تنامى عدد الأحزاب السياسية في تونس بشكل كبير ليتجاوز المائتين ينتمون إلى مرجعيات مختلفة، من ذلك حزب "آكال" ذو المرجعية الأمازيغية والذي تم الاعلان عن بعثه رسميا يوم الاثنين 6 ماي 2019، خلال ندوة صحفية بالعاصمة.
ويعد الحزب الذي يحمل شعار "سيادة – عدالة – تنمية" أول حزب ذو مرجعية "أمازيغية" يتم بعثه في تونس.
وتعرف حركة "آكال" نفسها وفق ما ورد في صفحتها على موقع فايسبوك، أنها ”حركة سياسية أمازيغية ديمقراطية تقدمية تنهل من التاريخ التونسي والإنساني المتنوع لصياغة رؤاها في شتى المجالات".
وفي حوار أجرته معه حقائق أون لاين، تحدث رئيس الحزب سمير النفزي باستفاضة عن أهداف تأسيس الحركة وبرنامجها ووضح هويتها، اضافة الى عرضه لتصوره بشأن مشاركتهم في الانتخابات المقبلة بشقيها التشريعي والرئاسي.
وفي ما يلي نص الحوار:
أعلنتم رسميا عن تأسيس حزبكم "آكال"، هل تحصلتم على التأشيرة؟
بالفعل لقد عقدنا يوم الاثنين 6 ماي 2019 ندوة صحفية أعلنا أثنائها عن تأسيس حركة "آكال" ذات المرجعية الأمازيغية، وبخصوص التأشيرة لقد قدمنا طلبا الى رئاسة الحكومة استوفينا فيه كل الشروط المنظمة لتأسيس الأحزاب ومازلنا بصدد انتظار قرار الهياكل المعنية، ونحن لا ننتظر ردا بالسلب أو الايجاب بل ملاحظات حول مدى انسجام طلبنا مع الشروط التي وضعها القانون لبعث التنظيمات السياسية.
هل تتوقعون أن يلاقى طلبكم بالرفض نظرا لاستناد الحزب الى مرجعية عرقية؟
نحن لسنا حزبا عرقيا ولا سلوكنا ولا وثائقنا تدل على ذلك، نحن لا نتحدث عن الأمازيغية كعرق بل كثقافة وتاريخ ووحدة أرض وكعمق أصيل للشعب التونسي الذي ينتمي الى شمال افريقيا الأمازيغية بالأساس. وعموما نحن نعتبر أن حصولنا على تأشيرة امتحان كبير للمشاركين في صياغة دستور الجمهورية الثانية والمؤسسات الوطنية والرئاسة في مدى التزامها بالاختلاف وسنعرف حينئذ هل أن التزامهم مجرد شعارات أو عقيدة ثابتة.
طيب، في صورة عدم منحكم التأشيرة، كيف ستتحركون لمحاولة نيلها؟
نحن مصرون على النشاط في الساحة السياسية، ووقتها سنتوجه إلى القضاء أي المحكمة الادارية وسنحاول بالتوازي الضغط بكل الوسائل القانونية الميدانية ومن المرجح أن نتوجه الى القضاء الدولي خاصة وأن تونس قد أمضت في وقت سابق على اتفاقيات تضمن حقوق الانسان وتمكنه من ممارسة نشاط سياسي.
هل تعتقد أنه من اليسير على الشعب التونسي قبول خطابكم، خاصة وأنه قد يطرح جدلا حول الانتماء والهوية؟
نحن نمثل المجتمع ونحن كذلك جزء من التونسيين، والتوانسة في الأصل أمازيغ تعرضوا لتزوير تاريخهم وطمس هويتهم الأمازيغية التي تم اختصارها في البرابرة.
لقد وقع افراغ الشعب التونسي من هويته الاصلية واستيراد هوية أخرى من الشرق وقع مزجها بالدين، وما أقوله ليس من باب التفرقة والمعادات.
اذن لديكم برنامج وآليات عملية للاقناع والتصحيح؟
أكيد لنا برنامج للاتصال بالشعب، والتونسيون لم ينسوا التاريخ الأمازيغي وكثيرا ما يستحضرون وقائع تاريخية وقيادات أمازيغية على غرار القائد اكسل والحرب ضد عقبة ابن نافع. علاوة على ذلك لقد قامت الجمعيات بدور كبير ونالت حظها في التعريف بالثقافة الأمازيغية، وفي المحصلة هناك عشرون جمعية ناشطة في هذا الأطار، وقد رأينا أنه الوقت المناسب للقطع مع العمل الجمعياتي والتوجه نحو النشاط السياسي.
أضف الى ذلك أن حوالي مليون تونسي يتحدث الأمازيغية في عديد الجهات والقرى في شمال البلاد وجنوبها، لذلك نحن نريد أن نعطي للتونسي معنى لأنه حاليا لا يحمل معنى في ظل انتمائه المشرقي والعربي، وبالأمازيغية سيصبح للتونسيين أيضا اسناد للاعتداد بالنفس وقدرة على مواجهة عديد المظاهر السلبية كالهجرة غير الشرعية والانخراط صلب المجموعات الارهابية.
هل تنوون المشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية؟
طبعا نحن نطمح لأن نكون في السلطة، ومنذ أن فكرنا في تأسيس الحزب وقطعنا مع المطلبية إلى التحرك الفعلي والنشاط السياسي أقررنا ضرورة أن نكون فاعلين في الشأن السياسي عبر ضمان مشاركتنا في الاستحقاقات الانتخابية.
ولقد أفضت النقاشات التي عقدناها منذ شهرين تقرييا إلى خوض التجربة مهما كانت النتائج والتحديات، لذلك نعتقد أننا سنربح أو نفاجئ الساحة السياسية.
بم ستفاجئون الساحة السياسية؟
سنفاجئ السياسيين بأن حزبا حديث التأسيس 80 بالمائة من منخرطيه شباب، سيشارك في تركيبة البرلمان خلال الانتخابات القادمة بعدد محترم من النواب وذلك دون تمويل أجنبي ولا ارتباطات خارجية.
أنتم حزب حديث النشأة، هل بحوزتكم آليات عمل وهياكل ومصادر تمويل تمكنكم من ضمان تمثيليتكم بمؤسسات السلطة؟
صحيح، لكن في المقابل تنشط في الساحة السياسية أحزاب كبيرة وعريقة لكنها ضعيفة التأثير والمردودية على كل الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية، وبالنسبة الينا فنحن نعول على الانتشار وهذا جزء من العمل السياسي، لذلك سنعمل على اقناع الناس بالانخراط في حركتنا.
أما بخصوص مصادر التمويل فنعد الشعب بأننا سنكشف عن ذلك للعموم وحتى قبل دائرة المحاسبات.
ماهي الخطوط العريضة لبرنامجكم الانتخابي؟
عموما يتلخص برنامجنا الذي سنقدمه للتونسيين في 3 مسارات كبرى تعمل بالتوازي وفيها الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي. في ما يخص الجانب السياسي مثلا نرى أن أكبر مشكل تعاني منه البلاد هو الدستور الحالي الذي يفهم من توطئته أنه يخص جماعة أو فئة من الشعب وليس الشعب كله.
في العالم، كل الدساتير لاتتحدث عن الدين واللغة وهذا خطأ كبير، فمثلا اليهود في تونس ممنوعون من الانتداب بالجيش الوطني ووزارة الداخلية وغيرهم وحتى تعيين وزير السياحة روني الطرابلسي كان مجرد ذر رماد على العيون لأنه لو وجدت محكمة دستورية لرفضت هذا التعيين منذ البداية لأنه غير قادر على آداء اليمين الدستورية.
على غرار ذلك نحن نقترح برنامجا دراسيا يهتم بالتاريخ والثقافة الامازيغية، وسنسعى لأن نضمن ضمن فصول الدستور أن تكون الأمازيغية لغة وطنية في مرحلة أولى، وبناء على هذا الاجراء سيكون له انعكاس على المناهج التعليمية والدراسية ما سيمثل وفق تقديري سدا منيعا ضد الارهاب والتطرف.
اذن تطمحون لتغيير الدستور؟
أجل لنا مشروع دستور مدني علماني نقترح فيه نظاما سياسيا جديدا مخالفا للحالي الذي تداخلت فيه السلطات بين رئيسي الحكومة والجمهورية.
لديكم مرشح لرئاسة الجمهورية؟
نعم، لكننا سنعلن عنه في الوقت المناسب.
هل ترى أن حظوظه وافرة؟
بالنسبة الينا الفارق ليس في عدد الأصوات، لذلك نحن نعتقد أنه سيحدث الفارق بمجرد مشاركة مرشح امازيغي بعد 15 قرنا من طمس التاريخ، وهذا فارق محترم بالنسبة لحركتنا.
من هي الأحزاب التي من الممكن أن تتوافقوا معها على خوض الانتخابات التشريعية بقائمات موحدة؟
في الحقيقة هناك نقاط مشتركة مع عدد من السياسيين وليس التنظيمات السياسية، لأنه في تونس نعاني من تقسيم كلاسيكي للأحزاب وفق منطق اليمين واليسار، لذلك الالتقاء معهم غير وارد.
ولكن مستقبلا قد نجد صيغة اتفاق مع أحزاب شريطة أن تحمل القواعد الموحدة المترشحة للانتخابات التشريعية، حرف من حروف "التيفيناغ" وهي الأحرف الهجائية الأمازيغية بهدف التمييز لا غير.
هل تفتحون باب الترشح والانخراط لمن يشارككم حصريا نفس الأفكار والرؤى؟
حزب ”آكال” وطني تونسي أمازيغي لن يستثني أي تونسي عن الانخراط فيه، حزبنا في المجمل مفتوح لكل من يؤمن بمشروعنا.
ماهو عدد المنخرطين بحركتكم؟
عدد المنخرطين محترم جدا مقارنة بأحزاب أخرى سبقتنا في العمل السياسي، ولاحظنا أن للحركة جاذبية كبرى ونتلقى يوميا عشرات مطالب الانخراط وكل هذا مشجع جدا.
انضمت تونس منذ استقلالها إلى منظمات عربية مختلفة لعل أبرزها جامعة الدول العربية ما عزز انتماءها الى المحيط العربي ككل، ما موقفكم من ذلك؟
مما لا شك فيه أنه تم تحويل وجهة تونس منذ نيلها الاستقلال عن فرنسا وتم حشرها في جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي ما جلب الينا الكثير من المشاكل خاصة وأن تونس وقعت في لعبة المحاور، علاوة على ذلك لم ننل من علاقاتنا مع الدول العربية سوى بعض العقود ولا يوجد تبادل تجاري محترم، لذلك أرى أنه من مصلحة تونس أن تخرج من هذه الجامعة وتعود إلى وسطها الحقيقي وهو شمال إفريقيا وحوض المتوسط.