“دشرة”: فيلم رجّح كفة الإخراج على السيناريو

 مريم مرايحي-

إذا ما توغلنا في تاريخ سينما الرعب العربية فلن نستطيع إيجاد تجارب حققت نجاحات كبيرة، فحتى السينما المصرية التي تعد أكبر سوق للإنتاج السينمائي في الوطن العربي "هوليود الشرق" لم تستطع صناعة فيلم رعب يستجيب إلى المقاييس المطلوبة بإسثناء فيلم الفيل الأزرق لأحمد مراد الذي لاقى إعجاب الجمهور العربي، فأغلبها كانت محاولات تعتمد على إحياء القصص التراثية القديمة بداية من فيلم "سفير جهنم" الذي يعد أول فيلم رعب عربي يعود إنتاجه إلى سنة 1945 من إخراج وتأليف الفنان يوسف وهبي مرورا بحقبة الثمانينات على غرار فيلم "الإنس والجن" و"التعويذة" وصولا إلى الألفيات مثل فيلم "كامب" و"الدساس".

وفي تونس أراد المخرج الشاب عبد الحميد بوشناق الحضور على خارطة سينما الرعب العربية بفيلم "دشرة" الذي يعد أول فيلم رعب في تاريخ السينما التونسية مما جعله حديث الساعة لتحقيقه أكبر الإيرادات المادية.

وعن أفلام الرعب يقول الناقد المصري طارق الشناوي: "أفلام الرعب لها جمهور نوعي جدا… داخل الفيلم عشان يترعب بجد ومرجعيته أفلام الرعب الأمريكية”، فهل استجاب فيلم "دشرة" لتطلعات هذا الجمهور "النوعيّ جدّا"؟

سيناريو ضعيف..

الفيلم يروي قصّة طلبة صحافة يقومون بإستقصاء حول مقتل إحدى السيدات منذ أكثر من 20 سنة فيعلقون في قرية غريبة، يسكنها أناس يأكلون لحم البشر، يمارس فيها سحر أسود، يذبح فيها أطفال لإستخراج كنوز مدفونة، وتتوالى الأحداث تباعا.

سيناريو الفيلم يعدّ الحلقة الأضعف فيه إذ كان بإمكان المؤلف تطوير الاحداث وجعل القصة أكثر تشويقا وتعقيدا فأغلب الأحداث في الفيلم متوقعة وهو ما أفقده جانب الإثارة الذي يعتبر الاهم في أفلام الرعب.

والمخرج عبد الحميد بوشناق لم يستطع تجاوز فكرة تمحور سيناريو فيلم الرعب حول قصة الأراوح والجن والشعوذة المستمدة من التراث المحلي والتي باتت فكرة نمطيّة، خاصة وأن الفيلم موجه لجمهور أفلام الرعب المتابع للأفلام الهوليودية التي تجاوزت بدورها مسألة التطرق لقصص رعب تتمحور حول الأشباح والسحر وآكلي لحوم البشر على غرار "the conjuring" و"poltergst"، وهي أفلام لم تعد تستهوي المشاهدين نظرا لتكرار تداولها.

وأكثر أفلام الرعب استحسانا من قبل الجمهور هي تلك التي تستند إلى أفكار مستحدثة وخارجة عن المألوف قائمة على إغراق المشاهد في قصة ترتكز على الفانتازيا لتأخذ المشاهد إلى عوالم موازية مثل "bird box" و"let’s be evil" و"don’t breath" وغيرها التي تمزج بين الرعب والتشويق اعتمادا على تقنيات ومؤثرات صوتية مستحدثة من جهة والإرتقاء بعقل المشاهد الذي سئم السيناريوهات المستهلكة لم يعد من جهة  أخرى.

إخراج محترم جدا واهتمام كبير بالجانب التقني.. 

والإخراج في فيلم "دشرة" يعدّ النقطة المضيئة، إذ تميز المخرج عبد الحميد بوشناق في الجانب التقني ما غطى على النقائص الكبيرة الموجودة في السيناريو والحوار.

والصورة متميزة وتحركات الكاميرا في غاية الاحترافية وتحاكي بشدة النسق التصاعدي للأحداث، مع توظيف مؤثرات صوتية وبصرية مستحدثة تخدم الجو العام للأحداث، إضافة إلى الاهتمام بالخدع الفنية والإضاءة وهو أمر يحسب للعمل.

أداء متواضع لكل الممثلين ولياسمين الديماسي على وجه الخصوص..

وبخصوص أداء الممثلين فهو متواضع بالنسبة لكل الممثلين ولياسمين الديماسي بطلة العمل على وجه الخصوص ذلك انّها ما تزال  متأثرة بأداء "الدوبلاج" لشخصية "كلثوم "في المسلسل التركي "قطوسة الرماد" الأمر الذي يعد تقاعسا منها في الخروج من الشخصية إذ كان عليها العمل على تغيير نبرة الصوت خاصة، وهو ما اثر على واقعية العمل إلى حدّ ما إذ لاحظ عدد من المشاهدين تشابه نبرة الصوت بين " كلثوم" و"ياسمين" إلى حدّ التماهي.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.