غامض وغير معلن.. منير الشرفي يتحدث عن كواليس اللّقاء “المفاجئ” بين السبسي والغنوشي

مروى الدريدي-

التقى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي برئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بداية هذا الأسبوع، وهو لقاء غير معلن جاء بعد القطيعة بينهما والتي كان قد تحدث عنها السبسي في حوار تلفزي ذكر فيه أن العلاقة بينه وبين النهضة انقطعت بطلب منها (أي النهضة).

 رئيس مجلس شورى حركة النهضة، عبد الكريم الهاروني، علق على هذا اللقاء قائلا: "إنه تمّ افتتاح سنة 2019، بخطوة إيجابية وجيدة تتمثل في لقاء رئيس الحركة برئيس الجمهورية، مؤكدا في تصريح لإذاعة شمس أف أم أن التواصل بين الشيخين هدفه مصلحة البلاد العليا، وأنه كان بطلب من الغنوشي ومثّل خطوة إيجابية في إطار التوافق على إنجاح مسيرة البلاد"، وفق قوله، دون أن يشير صراحة إلى فحوى هذا اللقاء.

لقاء سريّ وغير منتظر

من جهته اعتبر الأستاذ الجامعي والمحلّل السياسي منير الشرفي، أنه بعد إعلان رئيس الجمهورية عن القطيعة التامة بينه وبين حركة النهضة وعن التخلّي عن سياسة التوافق التي انتهجها منذ تولّيه رئاسة الجمهورية، فها هو يُفاجئ الجميع باستقباله منذ بضعة أيام لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، مشيرا إلى أن هذه المقابلة غير المنتظرة استغرب منها الرأي العام، لا فقط لحدوثها، وإنما أيضا لما حام حولها من غموض، إذ لأوّل مرّة يخرج فيها ضيف رئيس الجمهورية دون التصريح لوسائل الإعلام وللرأي العام بفحوى المقابلة، ممّا يفتح الباب واسعا أمام التأويلات والإشاعات، على حدّ تعبيره.

 وقال منير الشرفي في تصريح لحقائق أون لاي: "إن الطابع السرّي لهذه المقابلة يُذكّرنا بمقابلة سرّية أخرى بين الرجلين المعروفة بـ"مقابلة باريس" والتي تمّت في صائفة 2013، حين لم تكن تُعرف عنهما أية صلة، وهي المقابلة التي سطّرت مًستقبل العلاقة بينهما، ومنها مستقبل تونس، متسائلا: "فهل سطّر الشيخان في هذه المقابلة مستقبلهما ومستقبل تونس لهذه السنة"؟

 وتابع محدثنا بالقول: "قد يكون الأمر كذلك، وقد يكون مجرّد بداية لعودة قريبة بين العلاقات، أما الاحتمال الثالث فهو أن الغنوشي، وهو الذي طلب المقابلة، قد يكون أراد طلب الصلح دون نتيجة، في حال أصرّ الباجي على المواصلة في نهج القطيعة".

 ولفت الشرفي أنه وبقطع النظر عن نتيجة اللقاء، فإن الواضح هو أن كلا الرجلين في حاجة إلى الآخر، ولكن حاجة الغنوشي للسبسي تفوق بكثير حاجة السبسي للغنوشي، مبينا أن الـرئيس يعتبر نفسه مُنهزما في المعركة التي خاضها بهدف الإطاحة بالشاهد، بعد أن خذله الغنوشي بتأييده لرئيس الحكومة، وقد يعتبر أن المعركة لم تُحسم وأن الأمل ما زال قائما لاستمالة النهضة من جديد واقناعها بالتخلي عن الشاهد".

موضوع الجهاز السري أربك النهضة رئيسا وكوادر

واستدرك منير الشرفي بالقول: "لكن الغنوشي أصبح، أكثر من أي وقت مضى، في حاجة إلى مساندة عاجلة ومُلحّة من رئيس الجمهورية بسبب ما يُنسب إليه وإلى حزبه من شُبهات على غاية من الخطورة، وأعني طبعا الجهاز السري وامكانية الضلوع في الاغتيالات السياسية".

 واعتبر أن هذه الاتهامات، التي ما فتئت هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي تمدّ الرأي العام بالبرهان تلو الآخر على صحّتها، أربكت بكل وضوح حركة النهضة، رئيسا وكوادر، ممّا جعلها تفقد توازنها وتُفكّر في حلول سياسيّة لتجاوز المحنة، موضحا أن رئاسة الجهورية تُمثّل العنوان الأفضل الذي يمكن أن تأمل الحركة في أن تجد فيه ضالّتها وغطاءها، خاصّة وأن الرئاسة أظهرت، قبل أشهر، عزمها على الدفع بملف الجهاز السري في اتجاه تجسيم المعاداة مع النهضة.

 ولفت منير الشرفي إلى وجود عنصر آخر قد يكون متداخلا في القضية، وهو العنصر الأجنبي، قائلا: "إذ من المعلوم أن دولتي قطر وتركيا ذُكر اسماهما بإلحاح في المساهمة المالية (بالنسبة للأولى) واللوجستية (بالنسبة للثانية) في تسفير الشباب التونسي للقتال في سوريا وفي ليبيا بالتنسيق مع حركة النهضة، حسب التقارير الواردة من سوريا، ولقد قامت دولة قطر، في أعلى مستوى، بمحاولة التقريب بين رئيس الجمهورية ورئيس النهضة، سعيا منها لغلق ملف الجهاز السري حتى لا تُدان بشكل رسمي قضائيّا".

 واستنتج الاستاذ والمحلل السياسي منير الشرفي أن سرّ مقابلة الشيخين يبقى غامضا إلى أن تُظهر الأيام والأحداث فحواها ومُخرجاتها، معتقدا أن السبسي لن يقبل بإعادة العلاقة مع الغنوشي دون أن يلتزم هذا الأخير بالكف عن مساندة الشاهد.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.