يسرى الشيخاوي-
ردود افعال الجمهور، التعليقات على فيلم نصر الدين السهيلي كانت كلها توحي بأن الفيلم الوثائقي "لقشة من الدنيا" سيتوج في أيام قرطاج السينمائية.
ولكن جاء الواقع مغايرا للتوقعات إذ غاب الفيلم عن التتويج، وهو الفيلم الذي غاص في عالم الفقر والإدمان، هو الفيلم الذي جعل من الهامش مركزا.
نصر الدين السهيلي احضر العنف واليأس وجانب الحياة المظلم إلى السينما، سلط عليها النور وربما أعطى معنى آخر لحياة أبطال الفيلم وهو مدمنون رمى بهم القدر على أعتاب الهامش.
في حديثه عن الفيلم، يقول نصر الدين السهيلي إن الفيلم يعري حقيقتنا التي نخجل منها، ويبدو أن القائمين على مهرجان أيام قرطاج السينمائية خجلوا من هذه الحقيقة حتى أنهم لم يسندوا الفيلم أية جائزة.
نصر الدين السهيلي مخرج مارق عن المنظومة السائدة، خلق فيلما ليس كغيره من الأفلام، من قلب الفقر والإدمان صنع أبطالا، هو خارج عن ثقافة البرج العاجي، هو ملتحم بقضايا الحياة الجوهرية، هو الذي فتح بابا في القاع ولجنا منه إلى حقيقتنا الموجعة.
ألا يستحق "رزوڨة" و"فانتا" أبطال الفيلم أن يصعدا على الركح في تتويج الفيلم، ألا يستحق السهيلي تتويجا على مغامرته التي عرت حقيقتنا، ألا يستحق الفيلم التتويج أم أن طريق أيام قرطاج السينمائية لا تمر عبر الهامش و"سوبيتاكس " السهيلي لا يغري مثقفي البرج العاجي؟
لم يتوج " لقشة من الدنيا " ولكن ذلك لن يخفي حقيقة أن السهيلي مخرج مختلف يغرد خارج السرب ويضع أصابعه على جراح يحاول النظام تغليفها، هو فتح نافذة في قبو المهمشين.
