بين اختلاف الآراء وشذوذ بعضها: حملة “المتحرّش ما يركبش معانا” تفرض وجودها في ولاية صفاقس

 حقائق أون لاين-

17 أكتوبر 2018، كان تاريخ انطلاق الحملة التوعوية ضدّ التحرّش المسلّط على النساء في وسائل النقل العمومي بولاية صفاقس والتي أطلقها مركز البحوث والدراسات والتوثيق والاعلام حول المرأة "الكريديف" بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA)، تحت شعار "المتحرش ما يركبش معانا".

ومع اقتراب انتهاء هذه المبادرة التي من المبرمج أن تمتد إلى غاية 2 نوفمبر القادم، حاولت "حقائق أون لاين"، بصفتها شريكا فاعلا في التغطية الالكترونية للحملة، تقصّي مدى تأثيرها على المواطين، وما إذا لاقت رواجا لديهم على مدى الأسبوعين الفارطين من جهة، إضافة إلى معرفة آرائهم بخصوص ظاهرة التحرّش المسلط على النساء في وسائل النقل العمومي.

الحملة التي ارتكزت على الملصقات التوعوية بالدرجة الأولى والتي انتشرت بين مختلف محطات الحافلات لاقت صدى إيجابيا لدى الأغلبية، إذ يرى الشاب "ياسين" أن اهميتها تكمن في تعرية حقيقة وجود ظاهرة التحرّش بالنساء في وسائل النقل العمومي، المسكوت عنها عموما، في المجتمع، مشددا على ضرورة الوعي بأنه آن الأوان لفضح مثل هذه الممارسات سواء ممن يتعرّضن لفعل التحرّش ماديا أو لفظيا أو من قبل الشاهد على هذا الفعل.

كما اعتبر "ياسين" أن التبليغ عن جريمة التحرّش أصبح واجبا مجتمعيا، غير أن آلياته مازالت مجهولة وهو ما يبرز قيمة الحملات التوعوية في هذا الإطار في تغيير العقلية والوقوف على أن المتحرّش هو المذنب لا الضحية، وفق تقديره.

اختلاف لا يفسد للودّ قضية

تلميذة المرحلة الثانوية "فاطمة"، ورغم ترحيبها بمثل حملة "المتحرّش ما يركبش معانا"، إلا أن في تعريفها لفعل التحرّش راي خاص بعض الشيء، إذ ترى أن التحرّش اللفظي لا يرتقي إلى مستوى الجريمة التي تستوجب العقاب ماذام الأمر لا يتعدّى مجرّد الكلام، أما التحرّش المادي فهو ما يتطلّب مزيدا من الوعي بخطورته وضرورة التبليغ عنه.

زميلة لـ"فاطمة" قاطعت حديثها وأصرّت على كون جريمة التحرّش بنوعيه اللفظي والمعنوي جريمة كبرى ولا بدّ من غيقاف نزيفها في جهة صفاقس وفي المجتمع التونسي بصفة عامة بتظافر جميع الجهود سواء من خلال الحملات التوعوية أو الرقابية والتي تتطلب تدخّل السلطات الامنية والقضائية لإنصاف النساء اللواتي تتعرّضن يوميا للتحرّش في وسائل النقل العمومي، مقابل زجر المتحرّش وجعله عبرة لغيره، حسب قولها.

سيدة أخرى لم يختلف رأيها كثيرا بخصوص ضرورة ردع المتحرّش وإنصاف السيدات اللواتي يتعرّضن لجريمة التحرّش في وسائل النقل العمومي، إلا أنها لا ترى جدوى من الحملات التوعوية المشابهة لحملة "المتحرّش ما يركبش معانا"، متعللة بكون الأمر يتجاوز عدم العلم بالشيء أو سوء فهمه ليحتاج إلى التوعية وأصبح عقلية يصعب تغييرها، على حدّ قولها.

السيدة "سعاد" وهي في الخمسين من عمرها، عبّرت عن اشمئزاز كبير مما أصبحت تعايشه النساء في جهة صفاقس من مضايقات وأفعال تحرّش لا في وسائل النقل العمومي فقط بل حتى في مؤسسات عمومية أخرى على غرار المستشفيات ومكاتب البريد وغيرها، مشيرة إلى أن هذه الجريمة ليست حكرا على الرجال صغار السن بل أصبحت رائجة حتى لدى الكبار منهم وهو ما يستوجب ردعهم سواء بتوعية المواطنين بضرورة فضحهم أو بتطبيق القوانين المنصوص عليها لإيقاف جرائمهم.

الشاذ يحفظ ولا يقاس عليه

الاختلاف في الآراء أمر مشروع ومستحبّ خاصة إن كان لا يفسد للودّ قضية، ولكن حملة "المتحرّش ما يركبش معانا" أتاحت لنا فرصة الاصطدام بشهادة "مضحكة مبكية" في آن، إذ صادفنا من بين المستجوبين على كهل أربعيني في إحدى محطات الحافلات وسط مدينة صفاقس عبّر عن رفض قطعي لمثل هذه الحملات إذ قال حرفيا وهو يصرخ: "آش يهمكهم فيهم يتحرّشو بالنساء وإلا يبزنسو وإلا يعملو اللي يحبو إنتم آش مدخلكم.. يزيكم مالرويّق".

وبسؤاله عما إذا كان يقبل بممارسة جريمة التحرّش على إحدى قريباته مثلا وهي تستقل الحافلة، اكتفى بالقول: "ما عليها كان تاخو تاكسي وإلا تتصرّف"، وهو ما يعكس وجها آخر من الآراء كان في الحقيقة شاذا مقارنة بالعينة العشوائية التي اعتمدناها في التقصي.. والشاذّ يحفظ ولا يقاس عليه.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.