45
يسري اللواتي-
في تونس، قد تستوجب بعض المواقف أو الحوادث التي يواجهها التونسيون في حياتهم اليومية، الاستنجاد بأقوال أوحكايات من الموروث الشعبي، للتعبير عن حالات نفسية مختلفة كالانفعال أو القلق أو الضجر أوحتى السعادة والابتهاج، ما قد يضفي نوعا من المصداقية المفترضة لأي سجال أو نقاش بين مجموعة من الأشخاص.
"سيب صالح" عبارة شعبية كثيرا ما تتردد على ألسن التونسيين في إشارة إلى بلوغ الشخص حالة من الضجر القصوى تستوجب تفادي مزيدا من الحديث أو ترك الشخص في حاله، كما يمكن أن تعبر عن حالة من الغضب والتذمر ويمكن أن يرادفها باللهجة المشرقية "حل عنا".
ارتبطت عبارة "سيب صالح" وفق روايات تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي، بعجوز اسمه صالح أو "العم صالح" الذي عاش وسط مدينة تونس العتيقة وبالتحديد بربط باب سويقة خلال ثلاثينيات القرن الفارط.
لم تستفض الروايات أو ما تنقالته الأجيال في نقل تفاصيل حياة العجوز صالح، إلا أن أغلبها تجمع على أنه كان مختلا عقليا ما دفع بعسكر الباي في ذلك الوقت الى الحجر عليه تفاديا لأي مشاكل قد تحدث، إلا أن من عرفوا هذا العجوز طالبوا بالافراج عنه مرردين عبارة "سيب صالح" التي نتناقلها اليوم.
تتطابق هذه الرواية في كثير من التفاصيل مع الشهادة التي قدمها الباحث في التراث عبد الستار عمامو الذي أكد أن عبارة "سيب صالح" تعود لعجوز اسمه صالح قامت عائلته بالحجر عليه بمنزلها بحكم أنه كان مختلا عقليا وذلك بأمر من القاضي.
ويتابع عبد الستار عمامو نقلا عما سمعه من كبار السن"كان العجوز المقيد صالح ينادي ويصرخ عند شباك الدار التي تم الحجر عليه فيها "سيب صالح.. سيب صالح " .
يقول المتحدث لــحقائق أون لاين عن بعض تفاصيل حياة "صالح"، إنه عاش بربط باب سويقة في حي الحدادين من المدنية العتيقة وذلك في بدايات القرن العشرين.
ومنذ ذلك الوقت توسع استعمال عبارة "سيب صالح" من النقاشات والسجالات اليومية للتونسيين الى التعبير والاحتجاج، علاوة الى استغلاله في مجال الفن أي المسرح تحديدا.
وخلال سنة 2010 أطلق الصحفي أيمن الرزقي حملة بمسمى "سيـِّب صالح"، احتجاجا على الرقابة التي تفرضها الحكومة في ذلك الوقت على مواقع الإنترنت المختلفة، وحجب الكثير من المواقع والمدونات الإلكترونية على المستخدمين في تونس.
كما استُغلت هذه العبارة في المجال الفني ليتم سنة 2017 اطلاق مسرحية سيب صالح"وهو عمل مسرحي كوميدي خفيف ذو تأليف جماعي، بطولة الممثلين رياض النهدي، ومحسن بولعراس، وسفيان الشاهد وسامي المزغني..