7
يسرى الشيخاوي-
هل أتاكم حديث الارتجال والفوضى التي وسمت الدورة الحالية لأيام قرطاج الموسيقية، هل أتاكم حديث "سبات" مكتب الإعلام والاتصال، هل أتاكم حديث إعراض مدير المهرجان عن الانتقادات؟
سيل من الانتقادات غمر فعاليات أيام قرطاج الموسيقية -عفوا- أيام قرطاج للفوضى والارتجال، ولكن أسمعت لو ناديت حيا لا حياة لمن تنادي إذ يبدو أن قنوات التواصل مع إدارة المهرجان منقطعة.
لا أحد يعلم إن كان تكرار نفس الأخطاء منذ انطلاقة المهرجان ناجم عن بلادة في أذهان المسيرين أم عن عدم فهمهم للغة المنتقدين، أو ربّما هم يعتبرون أنهم فوق النقد وأنهم نجحوا في مهامهم، فعلا لقد كانوا عنوان إبداع في الفوضى والارتجال.
وإبان الإعلان عن موعد "بعثرة" أيام قرطاج الموسيقية، انطلقت رحلة البحث عن المكلفين بالإعلام والاتصال، عفوا "الأشباح"، ربما يستغرب البعض التشبيه ولكن أن يتصل بهم الصحفي مرارا وتكرارا ولا يلقى جوابا إلا بعد حين وأن لا تطالعك وجوههم في كواليس العروض إلا لماما فهذا يعني أنهم إما "أشباح" يظهرون في أوقات تحددها طبيعتهم أو أناس قذفتهم الصدفة في مدينة الثقافة.
نفس الصدفة، قد تكون في صالح الصحفيين ويرد أحد "الأشباح" على اتصاله، دقيقة واحدة على الهاتف تجعلك قادرا على تمييز "جهله" بثقافة التواصل مع الصحفيين، وأنت إن زرت مكتب الإعلام فستزداد يقينا من ذلك، والا لما كُتب على الباب، "ممنوع الإزعاج".
لما كتبت العبارة والمغزى منها، يقف وراءه ذكاء خارق لا يتحمله عقلنا "الصغير" كحيز رؤية مكتب الإعلام، ألا يعلمون أن هذا الفضاء يتوجّه إليه الصحفيون الباحثون عن المعلومة بامتياز، عند مشاهدتها انزعجت، ولكن بعد مواكبة بعض العروض اكتشفت ان ممنوع الإزعاج تعني "لا تزعجون بنقدكم إنا خطّاؤون".
هذا دون الحديث عن تحيين صفحة أيام قرطاج الموسيقية على الفايسبوك، تتغير العروض والبركات ولا يصلك النبأ إلا في وقت متأخر، ناهيك عن إلغاء بعض العروض دون تقديم أسباب واضحة للجمهور.
ولأن الفوضى آفة تسري بشكل لا يمكن مجاراته، فإن تأخير العروض بات سمة من سمات المعرجان، تأخير دام في عرض "تريو بوليود" ساعة كاملة.
والحفل الثاني للفنان طارق العربي طرقان كان فصل المقال في فوضى الايام، إذ "تأرجح" الجمهور بين البلاغات المتعلقة بمكان تنظيم الحفل، من قاعة الاوبرا بمدينة الثقافة إلى مأوى السيارات إلى الفضاء الخارجي لتحسم وزارة الثقافة الأمر ويحضر الجمهور العرض في قاعة الاوبرا.
وقبل انطلاق العرض مُنع الصحفيّون من دخول قاعة الاوبرا بمدينة الثقافة لمواكبته، ويبدو أنّ تلك الفترة تتزامن مع موعد اختفاء "الأشباح" المكلّفين بالإعلام، الامر الذي استدعى تدخّل مكتب الإعلام والاتصال بمدينة الثقافة لتمكين الصحفيّين من مواكبة العرض.
وغياب سياسة اتصالية واضحة، يجعل ختام سهرة طارق العربي طرقان فرصة للإعلان عن دخول عرض "دجي فانديتا" مجّانا، هل هي اللحظة المناسبة حسب علمهم، ولكن هل يستوي اللذين يعلمون واللذين لا يعلمون.
لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تنجح تظاهرة ثقافية في ظل غياب رؤية اتصالية واضحة تحيد عن الفوضى والارتجال، فالجانب التنظيمي من شأنه أن يطمس كل ما هو جميل في التظاهرة.
والحال في أيام قرطاج الموسيقية أن اختيار العروض كان موفّقا في أغلبه والورشات أيضا ولكن الأخطاء الإتصالية والتنظيمية التي لا تكاد تنتهي كانت عنوان الدورة الحالية.
