على هامش أيام قرطاح الموسيقية: ما أجمل الإيقاظ الموسيقي في عيني “جيرار أوتلان”

يسرى الشيخاوي-
 
يولد الاطفال وفي أنفسهم شغف إلى الموسيقي، وإلا ما تفاعلوا مع تهويدات الامهات، وما أغمضوا اعينهم تدريجيا على وقع تلك الكلمات والألحان البسيطة التي لها تأثير ذهني وروحي عليهم.
 
قد تشدّهم أصوات بعينها وقد "تزعجهم" أصوات أخرى، ذلك أنّ الأطفال يحسّون الموسيقى، يرتشفون الأصوات الموسيقية بكل تمثّلاتها، ويمتصّون منها ما تتفاعل معه أدمغتهم ويلفظون البقية.
 
وعلى خطى الامّهات أو المربّيات اللاتي يلجأن إلى تقنيات موسيقية وصوتية، أولى المختصّون في الموسيقى أهمية لتعليم الأطفال الموسيقى في سن مبكّرة ، في إطار ما يسمّى بـ" الإيقاظ الموسيقي".
 
وعلى هامش أيّام قرطاج الموسيقية، أمّن المختصّ والمكون في مجال "الإيقاظ الموسيقي"، "جيرار أوتلان" دورة تدريبية في مدينة الثقافة موجّهة للموسيقيّين، نقل فيها عصارة تجربته في هذا المجال.
 
"جيرار أوتلان"،  ذلك السبعيني بروح طفل، تنقّل في قاعة التدريب كفراشة تختال بين الأزهار، كان رشيقا ومبتسما وكأنه اختزن داخله كل ضحكات الأطفال البريئة، بأسلوبه المرح، وقدرته على تمرير عدد من الرسائل في نفس اللحظة، يجعلك تشارك في التدريب الموجّه للصحفيين دون أن تكون لك دراية بالقواعد الموسيقية.
 
طيلة ساعتين، لم يجلس على كرسيّه إلا  مرّتين ليفتح ملفّا في حاسوبه، كان يهدي للحاضرين معارفه في علاقة بمجال "الإيقاظ الموسيقي"، تحدّث عن  المكان الذي يدرّس فيه الأكاديميون الموسيقى ودوره في سلاسة العلاقة التفاعلية بين  الدرّس والأطفال، وعن الارتجال  وما يضفيه من مرونة على سير العملية التعلمية.
 
"جيرار أوتلان"، أكّد أنّ "الإيقاظ الموسيقي" له انعكاس بيداغوجي هام في تعليم الأطفال ذوي الإعاقة، وأنّ الحركات التي ينشؤها المتعلّم ضرورية في عمليّة استيعابه للمقاطع الموسيقية والنوتات، ولأنّه ينتهج أسلوبا متفرّدا في نقل المعارف،  فإنّ "أوتلان" يستفز  الجانب الطفولي في شخصيتك، يجعلك ترقص وتدور حول نفسك فتكون الشمس والأرض في ذات الآن.
 
وهو يغنّي و يضرب بقدميه على الأرض تارة، ويصفّق بيده تارة أخرى، تسري الحركة في كل تفاصيل جسده، وهو يشرح طريقة تدريس الموسيقى للأطفال، كانت تعابير وجهه جدّ معبرة، وكان متمسّكا بابتسامته، يمرّر لك المعلومات في إطار تمرين تطبيقي يشرّكك فيه لا إراديا.
هل جعلك أحدهم تغنّي وأنت تعي جيّدا أنّ صوتك  نشاز؟ "جيرار أوتلان" بإمكانه أن يفعل ذلك سيجعلك تغنّي بلا عقد، ويبثّ فيك منسوبا من الثقة في النفس قد يكون كافيا لجعلك تغني بأعلى صوتك في الشارع، ويجعلك تؤمن بجسدك وإسهامه في تعليم الأطفال.
 
وقد يبدو للبعض أنّ عملية تعليم الموسيقى للأطفال عملية بسيطة ولكنّها في الحقيقة معقّدة إذ تتداخل فيها الجوانب الاجتماعية والنفسية والثقافية وهي عملية تتطلب زادا معرفيا وقدرة على مجاراة "المفاجآت" التي قد تصدر عن أطفال مازالوا يتحسّسون طريقهم في  هذا الكون، والأهم أن يكون لك تلك الروح  الطفولية وكثيرا من الصبر والمرونة التي تجعلك قادرا على أن تجعل كل جزء من جسدك يرقص من اجل أن تبلّغ الفكرة لطفل.
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.