هنا تونس.. النفط يُـبـاع خـلسـة!

 بـسـام حـمـدي-

 

لا أحد يُنكر أن غموض المعطيات والمؤشرات والملفات المتعلقة بمجال الطاقة في تونس مسألة قد استبدت بالبلاد وعانقتها منذ قدم التاريخ انطلاقا من عهد الاستعمار الفرنسي وصولا الى دولة الاستقلال و دولة ما بعد الثورة والانتخابات والدستور الجديد .
 
ورغم توفر كل الظروف لبناء لبنة من التشريعات والقوانين في تونس ما بعد الاطاحة بنظام الدكتاتور زين العابدين بن علي، فإن ملف الطاقة ظل مرتهنا لكل أساليب الدكتاتورية متضاربا مع كل مؤشرات الشفافية وبقي نفقا مظلما يُحجّر التوغل في داخله والتمعن في تفاصيله لعوامل داخلية وخارجية.
لا يخفى على أي تونسي أن معظم العقود ذات الصلة بمجال الطاقة والنفط غير منصفة للبلاد ولشعبها، فتونس تهدر ثرواتها وتُصرف مواردها لشخصيات نافذة تضع أيديها عن كل الموارد الطاقية والنفطية دون حسيب ولا رقيب.
وفي تونس ما بعد الثورة، يصنف “خُنّاب” الدولة التونسية كل باحث وداع للكشف عن حجم الموارد الطبيعية بالراغب في اثارة الفوضى حتى أن دماء تونسيين في الجنوب أهدرت في احتجاجات شعبية مطالبة بالكشف عن كل الحقائق المتعلقة بالثورة النفطية في تونس.
ورغم أن في تونس وزارة وكتّاب دولة ومؤسسة للأنشطة البترولية لحصر كل ثرواتها الباطنية وضمان حقوق شعبها الواعي بكونه منهوب الحقوق ، فإن معدن المسؤولين التونسيين تفوق على كل هذه المؤسسات وجعلها تتستر على ملفات الفساد التي تهدر فيها الثروة النفطية.
وفي سجال سياسي بحت متلحّف بغطاء الحرب على الفساد، تعرّت حقيقة جديدة للشعب التونسي وتتعلق أساسا بـ”بيع النفط خلسة” وباهداء ثروة باطنية الى مستثمر تونسي وانكشفت حقيقة كون المتسترين عن الفساد ومديريه هم من يدعون محاربته.
ملف فساد يتعلق باستغلال مستثمر تونسي لامتياز تنقيب عن البترول في سواحل المنستير دون رخصة” رمى بوزير الطاقة خالد قدور وكاتب الدولة للمناجم هاشم حميدي وعدد من المسؤولين في الوزارة الى بهو المحكمة ومطرقة القضاء.
والافت للانتباه في هذا الملف، أن الكشف عن أوجه الفساد حصل بمحض الصدفة لا بعمليات تدقيق وتمحيص. فقد صادف أن طلب مستثمر تونسي من رئيس الحكومة ان يقوم بتدشين انطلاق استغلال حقل نفط “حلق المنزل” في سواحل المنستير لكن اتضح فيما بعد ان الرخصة التي يقوم باستغلالها منتهية الصلوحية منذ 2009″.
ويعود تاريخ هذا الملف الى سنة 2009، اذ لم تقم مصالح وزارة الطاقة في الفترة الممتدة بين 2009 و2018، بتنبيه المستثمر التونسي لحقل البترول “حلق المنزل” بانتهاء صلاحية الرخصة ولم تتخذ أي إجراء بل على العكس تمتع هذا الأخير بكل الإجراءات الجبائية التي تقرها مجلة المحروقات وتابع نشاطه طيلة هذه المدة بطريقة غير قانونية.
وكان مدى استغلال حلق المنزل (سواحل المنستير) 50 سنة، وفق اتفاقية استغلال أبرمت سنة 1979، لكن إثر المصادقة على مجلة المحروقات (سنة 1999) اختار صاحب هذه الرخصة، التي اقتناها سنة 2006 من مالكها الاصلي، الإنضواء في المجلة للتمتع بالعديد من الإمتيازات وخاصة منها الجبائية مما انجر عنه تقليص مدة الرخصة إلى 30 سنة كحد أقصى، وفق قانون هذه المجلة، لتنتهي سنة 2009 عوضا عن سنة 2029.
وتم طيلة الفترة الممتدة بين 2009 و2018 استغلال حقل “حلق المنزل”، بصفة غير قانونية علما وأن هذا الحقل يعتبر من اهم الحقول في تونس و يقدرمخزونه ب8,1 مليون برميل في الوقت الذي لا تنتج فيه تونس سوى 15 مليون برميل سنويا.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.