في بلد الاختلاف والتنوع: حفل كينجي جيراك يكشف عن وجه جديد للجمهور التونسي (صور)

أمل الصامت –

الجماهير الغفيرة التي أقبلت على المسرح الأثري بقرطاج مساء الأربعاء 1 أوت 2018، عددها بدا مألوفا فهي ليست السهرة الأولى التي تسجل حضور أكثر من 8 آلاف متفرج منذ انطلاق المهرجان وعلى مدى 12 حفلا أثثه مغنون وراقصون ومسرحيون بينهم تونسيون وأغلبهم أجانب، ولكن اللافت للانتباه ربما هو نوعية الحاضرين والفئة العمرية التي ينتمون إليها.

كانت الساعة لم تتجاوز التاسعة مساء لحفل ينطلق بعد ساعة أو أكثر، عندما بدأت الهتافات باسم “كينجي” تتعالى منطلقة من حناجر الفتيات المراهقات كرضع يطلبون من أمهاتهم الحليب ليملؤوا بطونا خاوية من أي طعام، فمناجاتهم لهذا المغني الفرنسي الذي لم يتجاوز الثانية والعشرين من العمر مختلفة عن تلك التي شهدها حفل كاظم الساهر قبل ليلة مثلا، ولكن بين عشق وعشق تختلف المذاهب.

ولم تهدأ فتيات “جيراك” عن الهتاف باسمه حتى بعد أن أطل على المسرح إثر خروج أعضاء فرقته المتكونة من عازفي “غيثار” وعازف على “الأورغ” الكهربائي وآخر على آلات “الدرمز” الإيقاعية، لتتعالى الصيحات مع أدائه أول أغنية “كونميغو” (Conmigo) والتي تعد من أشهر أغاني بداياته وعرفت نجاحا كبيرا على الساحة الفنية الفرنسية والعالمية عموما، بعد أن استطاع الفوز بلقب أحلى صوت في النسخة الفرنسية لبرنامج “ذو فويس” في موسمه الثالث سنة 2014، وحقق ثاني أعلى نسبة مبيعات لالبومه الأول في فرنسا في نفس السنة.

كل هذا النجاح والقدرات الفنية والصوتية التي يكتسبها الفنان الشاب لا يمكن إنكارها، وليس عيبا أن تكون معجباته من الفتيات والمراهقات مهووسات به لدرجة عدم التوقف عن الهتاف باسمه والصراخ لدى تاديته كل اغنية وعند كل كلمة يخاطب بها جمهوره وفي كل مرة يغادر فيها الركح ليغير ملابسه ويعود، كل ذلك يمكن تفهمه. فمن لم تغرم فترة السبعينات بالوسيم “باتريك برويال”، إلا أن جمهور كينجي كشف على الملإ الوجه الآخر للمجتمع التونسي ألا وهو الوجه الفرونكوفوني.

فتيات وصبيان لم يتجاوزوا الخامسة عشر يحفظون كل العناوين التي أداها جيراك عن ظهر قلب، فكنجي النجم الفرنسي الصاعد المولع بموسيقى الفلامنكو جمع في اعماله بين الكلمات والإيقاعات الفرنسية والاسبانية واستطاع بالكاشف أن ينقلها إلى جمهوره لا الغربي فقط بل العربي عموما وخاصة التونسي الذي يثبت في كل مرة تنوعه ووجوده في أكثر من لون مثلما كان الامر في عرض “الشهيلي” المخصص لعشاق الروك في ذات الدورة من مهرجان قرطاج.

غنى كينجي ورقص وعزف على غيتاره وغيّر ملابسه أكثر من مرة وما انفك يسأل الحضور هل انتم بخير؟ (est-ce que ça va) وكأنه لا يصدق هذا النجاح الجماهيري الذي يفخر به أي فنان يطل لأول مرة على مسرح قرطاج العريق ويصافح جمهوره المتنوع والمختلف في كل مرة، فهذه هي تونس الاختلاف والتنوع النابضة بالحياة التي نريدها مهما أراد صانعو الظلام تشويهها.

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.