أزمة الدواء في تونس بين تنصّل معتليي العروش من مسؤولياتهم وتضامن أفراد الشعب الواحد

أمل الصامت –

أن تشتد الأزمات في بلد مرّ بثورة وأطاح بنظام سياسي برمته هو أمر طبيعي قد تشهده أي مرحلة انتقالية خاصة في ظل الإطاحة بالانظمة المستبدة والمنظومات الفاسدة، إلا أن الوضع في تونس مختلف حيث لم تنفك الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية تتوالى منذ اندلاع ثورة 14 جانفي 2011، إلى درجة العبث بالأخضر واليابس فلا الانجازات القديمة بقيت ولا ما سعى الشعب إلى نيله بثورته تحقق.

ولعل أزمتي التعليم والصحة اللتين برزتا في السنوات الأخيرة، أكثر ما يندى له الجبين في جمهورية راهن مؤسسوها، وعلى رأسهم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، على المستوى التعليمي لشعبها ومجانيته إلى جانب الحق في الصحة وما رافق ذلك من جعل تونس منارة فكر وثقافة.

وبالانطلاق من هذه النقطة قد نتساءل إذا كان وزير الصحة الحالي عماد الحمامي ينتمي إلى ذلك الجيل الذي أسس له بورقيبة، جيل الفكر والثقافة، خاصة بالنظر إلى تصريحاته الأخيرة بخصوص تراجع مخزون الأدوية في تونس وفقدان العديد من الأنواع الحيوية سواء من الصيدليات الخاصة أو العمومية.

فالحمامي الذي نادى بالبحث عن الأدوية دون هلع وأصرّ على أنّ القائمات التي يتم تداولها والمتعلّقة بالأدوية المفقودة غير صحيحة ومهوّلة وعلى أن الدواء الوحيد المفقود (القافيسكون) غير حيوي، خرج علينا بتصريح مبك مضحك في آن، عندما قال إن الدواء موجود بدليل أنه طلب في مناسبتين من سائقه البحث عن دوائه فوجده في أول صيدلية، مما أثار سيلا من التعليقات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

في المقابل لا تستطيع أن تنفي تصريحات الوزير قيام أزمة نقص الأدوية وفقدان العديد من الأنواع حتى الحيوية منها، بشهادة عدد من المتدخلين في القطاع، آخرها شهادة رئيس نقابة جراحي القلب نجيب الزرقوني الذي أكد نفاد مادة البروتامين المخصصة لإجراء عمليات القلب المفتوح من مخزون الأدوية بالمسشتفيات والصيدليات منذ الأسبوع الماضي.

هذا غيض من فيض، فبمجرّد الاطلاع على صفحة حملة “وينو الدواء” تجد روايات وشهادات عن مآسي أخرى أثارتها هذه الأزمة التي لم تشهد لها تونس مثيلا ربما حتى في عهد الاستعمار، إلا أنها في المقابل تجدد التأكيد على أن رهان بورقيبة على روح التضامن والتآزر بين أفراد الشعب الواحد لم يذهب سدى، وحتى إن تنصل معتلو العروش من مسؤولياتهم، يبقى رجال البلاد وشبانها أحياء على عهدها.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.