حاوره: بـسام حمدي
تمنع بعض أحكام الدستور التونسي ثلث أعضاء مجلس نواب الشعب من تقديم لائحة لوم لرئيس البرلمان للتصويت على سحب الثقة من الحكومة خلال هذه الفترة وفي المقابل يمكن لرئيس الجمهورية ان يطالب بالتصويت على الثقة للحكومة ولا يمكنه اقالة رئيس الحكومة بصفة مباشرة، حسب تأكيد استاذ القانون الدستوري قيس سعيد.
وقال قيس سعيد في حوار مقتضب مع حقائق أون لاين، إنه لا يمكن اعتماد آلية لائحة اللوم ضد الحكومة في هذه الفترة نظرا لأن تونس في حالة طوارئ مبرزا أن الفصل 80 من الدستور ينص على أنه لا يمكن لثلث أعضاء مجلس نواب الشعب تقديم لائحة لوم ضد الحكومة عندما تكون البلاد في حالات استثنائية على غرار حالات الطوارئ والحصار أو اعتبار المنطقة منكوبة.
وأشار أستاذ القانون الدستوري الى أن الدستور ينص على امكانية تقديم لائحة لوم ضد الحكومة وذلك في الفصل 97 مبرزا أن لائحة اللوم يجب ان تقدم مرفوقة بطلب معلل لرئيس مجلس نواب الشعب من قبل ثلث أعضاء البرلمان على الأقل ولا يقع التصويت على لائحة اللوم الا بعد مضي 15 يوما من ايداعها لدى رئاسة مجلس نواب الشعب.
وذكر سعيد أن التصويت على لائحة اللوم يستوجب كذلك توفر الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس، مضيفا أن لائحة اللوم هي لائحة لوم بناءة كما تعرف في بعض الأنظمة السياسية تستوجب ترشيح شخصية أخرى لخلافة رئيس الحكومة ويصادق على ترشيحه في نفس اليوم.
وذكّر قيس سعيد بأنه لا يمكن لأعضاء مجلس نواب الشعب اعتماد هذه الآلية للتصويت على سحب الثقة من الحكومة نظرا لأن تونس في حالة استثنائية وهي حالة الطوارئ.
وفي نفس الشأن، قال قيس سعيد “لا يمكن لرئيس الجمهورية أن يقيل رئيس الحكومة من منصبه لأن رئيس الحكومة ليس وزيرا أول أو كاتب دولة للرئاسة كما كان الشأن في تونس الى حدود سنة 1969”.
وتابع قوله “رئيس الجمهورية يمكنه عملا بالفصل 99 من الدستور أن يطلب من مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها مرتين على الأكثر خلال كامل المدة الرئاسية”.
ويتم التصويت على طلب رئيس الجمهورية في مجلس نواب الشعب في التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لعملها واذا لم تحصل الأغلبية المطلقة على مواصلة عملها تعتبر الحكومة مستقيلة.
ويتضمن الدستور التونسي آلية ثالثة لسحب الثقة من الحكومة وينص عليها الفصل 98 اذ يمكن لرئيس الحكومة أن يستقيل فتعتبر بذلك الحكومة مستقيلة برمتها اذ يمكن لرئيس الحكومة أن يطرح على رئيس مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها كما حصل ذلك بالنسبة لرئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد وان لم تتوفر الأغلبية المطلقة فالحكومة تعتبر مستقيلة، حسب قول قيس سعيد.
التنكيل بالشعب التونسي يزداد ساعة بعد ساعة
وفي قراءته لإثارة مسألة سحب الثقة من رئيس الحكومة بعد الحوار التلفزي الذي أجراه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، اعتبر أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد، الذي أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة، أن هذه المسألة تتعلق بصراع داخل السلطة القائمة وتتعلق بالتهيؤ والاستعداد للانتخابات الرئاسية القادمة، مشددا على ان الصراع يحتد بين الحين والحين وليس حول برامج.
ولاحظ أن الأزمة السياسية الحالية هي أزمة على الحكم وليست أزمة حول اختيارات الحكم ، والتونسيون ملوا اليوم من الشعارات وازداد فقدانهم للثقة في الطبقة السياسية، التونسيون اليوم يفتقدون الماء والدواء والكهرباء والسياسيون يرتبون اوضاعهم كما يشاؤون.
وقال إن التحالفات تتغير بين اليوم والآخر وتنقلب بين الساعة والأخرى في وقت يزداد فيه التنكيل بالشعب التونسي ساعة بعد ساعة.
وبشأن تعالي بعض الأصوات المطالبة لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بكشف ملفه الصحي والمشبهة الوضع الحالي بالوضع السياسي لسنة 1987، قال قيس سعيد ان “كشف الملف الصحي لا يمكن اختصاره في رئيس الجمهورية وإنما يتعلق بمنظومة الحكم كاملة والنظام السياسي هو الذي يحتاج تشخيصا ودواء”.
وأضاف ان “نظام الحكم مريض بالفعل ويحتاج الى تصفية دم والأمر لا يتعلق بالسبسي”.
وشدد ذات المتحدث على أنه لا يمكن المقارنة بين الوضع السياسي سنة 1987 معتبرا أن هناك أطرافا لديهم الحنين للزمن الماضي ويقارنون الوضع الحالي بذلك الوضع للتخويف ولترتيب أمورهم، معتبرا أن “من يفكر في الرجوع إلى الوراء لا يمكنه كتابة التاريخ”.
قيس سعيد لا يسعد بمنصب رئيس الجمهورية
وعما إذا كانت هناك أحزاب سياسية قد اتصلت به اثر إعلانه الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، قال سعيد انه لم يتلق اتصالا من أي حزب سياسي “وسأكون مرشحا مستقلا انطلاقا من الشعور بالمسؤولية تجاه هذا الوطن وسأكون في منأى عن كل التوازنات السياسية التي لا أثر لها”.
وشدد على أن ترشحه للانتخابات الرئاسية لن يقع الا وفق تصور معين لبناء جديد وانطلاقا من شعور عميق بالمسؤولية.
وقال محدثنا “من يرى ترشحي للرئاسة هو من قبيل الطموح فهو قد أخطأ العنوان لان الأمر لا يتعلق بالمنصب وإنما فقط بالواجب الذي لا أتخلى عنه إذا دعاني ، وبالنسبة لي المنصب هم و غم وبلاء وابتلاء وان كُتب لي وكنت رئيسا للجمهورية لن أكون فرحا بهذا المنصب وسأكون مثقلا بالشعور بالمسؤولية لانني أعرف انني سأكون محل محاسبة أمام الوطن وأمام الله”.
وكشف سعيد عن رفضه لبعض المناصب التي اقترحت عليه مرجعا قرار الرفض الى كونه يرفض أن يكون مجرد أداة لتنفيذ سياسات ليس مقتنعا بها.