مالك الزغدودي-
“النشظاء المهرجون”،هم هذه الحركة الفنية العالمية الناشطة التي تحتج عن طريق شخصية المهرج، وتتخذ بعدا فنيا يناسب القضية المتعلق بها العرض .
المهرج تلك الشخصية التى ترسم في ذكريات كل طفل صغير شاهده بحركاته البهلوانية الرشيقة وزيه المزركش بالألوان الزاهية هو ليس المهرج الذي نتحدث عنه أبدا ،فهؤلاء المهرجون الغاضبون هدفهم ليس الكومديا بمعنى الضحك، بل الكومديا الساخرة السوداء التى تحمل خطاب سخرية عميقا حول قضية أو وضع ما قد يعبر هذا المثل من موروثنا الشعبي التونسي عن هذه الصورة “كثر الهم يضحك “.
من رحم هذه العبارة ومن قلب الهم والغم يحاول المهرجون الناشطون صناعة ابتسامة واعية تكون مثل الشرارة التى تقدحُ عقولنا :”فكر وأنت تبتسم” وحسب الناشط ضمن المجموعة وهو المخرج والممثل أيوب جوادي : “أفكار العروض تكون وليدة الواقع ، تخرج من خلال ورشة تفكير مشترك مع كامل أفراد المجموعة . المهرجون الناشطون هم الفن في نضاله من أجل الحق والسعادة أو سأقول تلك الابتسامة التى تفتح بعدها ألف باب وألف سؤال”.
خرج المهرجون الناشطون في عديد المظاهرات ذات الصبغة الاجتماعية، في مظاهرات الشتاء المحتجة على غلاء الأسعار وقانون الميزانية وقتها ضمن حملة “فاش نستناو “، وتفاجأ وقتها الشارع التونسي بوجود هؤلاء المهرجين وسط جموع المتظاهرين .
وها هي نفس المجموعة تحضر في مدينة قابس (…) التى احتضنت أول محاكمة في مسار قضايا العدالة الانتقالية لتقدم عرضا حول العدالة الانتقالية مذكرة فيه من خلال الإيحاءات بالتعذيب الوحشي والماضي الديكتاتوري للنظام السابق .
هو عرض صامت كبقية عروض “المهرجون الناشطون” ،أو هو ضمن سياقهم الابداعي وأسلوبهم التمثيلي: الصمت المعبر. لغة الصمت التى تجعل الجمهور هو مصدر النطق والنص .
مثل العرض رسالة بحث ونداء من ذلك الانسان التائه الفاقد لإنسانيته ، الجلاد الذي يعذب وينتهك الحرمة الجسدية والنفسية. للآخر الإنسان بذنب واحد أنه معارض .
ولم يقف العرض عند الفقرة المقدمة أمام المحكمة. فقد واصل “المهرجون الناشطون” السير في المدينة بصمت، أمام أعين الناس المبتسمة والمتفحصة في هؤلاء الغرباء عن المدينة .
تضم المجموعة كذلك مهرجات فكسرت بذلك الصورة النمطية حول كون المهرج عليه أن يكون من جنس الذكور . فيكون “المهرجون الناشطون” أول مجموعة ثقافية مسرحية وسط الشارع وبين الناس وأمام المحكمة على ركح الحياة.
صور لـ: نور الدين أحمد