من النظرة “الدونية” للواقع إلى التسفير فالتدريب على القتال: هكذا يتم استقطاب الشباب الى التنظيمات الارهابية

جواهر المساكني-

يقبع بالسجون التونسية، عناصر ارهابية تونسية التحقت ببؤر التوتر في ليبيا و العراق و سوريا وحملوا السلاح وتورّطوا في هجمات ارهابية ثمّ عادوا منها، فكيف أصبحوا متطرفين؟ وكيف يعيشون داخل السجن؟ وكيف يمكن التعامل معهم حاضرا ومستقبلا؟، هي جملة من الأسئلة وغيرها بحث فيها المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية وتوصل الى الاجابة عليها في أول بحث ميداني تونسي تم انجازه بباحثين تونسيين.

شملت دراسة “العائدون من بؤر التوتر في السجون التونسية” التي تم الاعلان عن فحواها اليوم الاربعاء 9 ماي 2018 خلال ندوة صحفية،  محاورة 82 ارهابيا منهم 8 من الاناث حوكموا جميعهم حكما باتا وأعربوا عن رغبتهم في كشف الأسرار و الاطلاع على محاضر لاستنطاق، حسب ما أكّدنه رئيسة البحث آمنة بن عرب.

مراحل استقطاب الشباب للتنظيمات الارهابية..

بينت الدراسة، ان الارهابي يمر عبر عدّة مراحل قبل التسفير الى بؤر التوتر والانضمام الى الجماعات الارهابية، مشيرة الى ان هناك مرحلة تسبق الاستقطاب وتتميز بالنظرة الدونية التي يحملها الفرد لواقعه ولشخصه ويصبح الفرد كثير التردد على المساجد ومنتظم الحضور في حلقات الدروس الدينية  وتلي هذه المرحلة مرحلة الاستقطاب التي ترتكز على مرحلة اصطياد الضحية ثم تنفيذ حصار نفسي واجتماعي عليه.

وتلي المرحلتين، حسب الدّراسة ذاتها، المرحلة الأخطر وهي التّسفير، وذلك عبر تمكين العناصر الارهابية من هواتف جوالة ومال وشرح الوسائل والطرق المعتمدة للهجرة ليتحول بعد ذلك الى تركيا وتحديدا، حسب محاضر الاستنطاق، الى مدينة “شانلياورفة” المعروفة بمقام ابراهيم التي تقع على الحدود التركية السورية ، ثم يلي استقبال الوافدين الجدد وايواؤهم وتلقينهم دروسا مدّة أسبوعين.

واشارت الدّراسة، الى ان الجماعات الارهابية تقوم باقحام العناصر فور وصولهم في تنفيذ عمليات ارهابية لبث الرعب في نفوسهم والسيطرة عليهم، ثم اعدادهم بدنيا وتكوينهم عسكريا في مجال استعمال الاسلحة والذخيرة وفنون القتال.

الطبقة الاجتماعية التي ينتمي اليها المقاتلون..

كشفت الدّراسة ان 87.9% من المستجوبين اكدوا انهم يمتهنون العمل اليومي و6.9% منهم عاطلون عن العمل و3.4% منهم طلبة 36.2 %يتجاوز دخله الشهري الـ700 دينار غير انهم يعملون بالاقتصاد الموازي ويعانون من عدم الاستقرار المادي 63.8% كما أكدوا مرورهم بفترات بطالة متكررة.

كما أقر 63.8% باستهلاك المواد المخدرة والمواد الشبيهة في فترة ما قبل التطرف.

خاصيات السجين الارهابي..

تطرقت الدّراسة المذكورة الى ان الارهابيين في السجون يسعون بشكل دائم  لابراز اختلافهم عن بقية نزلاء الوحدات السجنية من خلال المظهر الخارجي كاطلاق اللّحي وتقصير الملابس واستعمال اللغة العربية الفصحى باللكنة الشرقية لهدف التفرد عن بقية السجناء واضفاء نوع من القداسية على وضعيتهم، مشيرة الى ان المقاتلين يعتبرون السجن مرحلة من مراحل “الجهاد”.

وكشفت الدّراسة، أن العناصر الارهابية تحاول فرض نمط اخلاقي محدّد على بقية السجناء برفضهم لبعض البرامج التلفزية ودخولهم في مشاحنات سببها الكلام البذيء او التدخين وتصل احيانا الى تبادل العنف ، فهم ينصبون أنفسهم “حماة الأخلاق”.

ويتلقى الارهابيون من الذكور زيارات بطريقة منتظمة ومتواصلة من قبل عائلاتهم بما ان علاقة العناصر بعائلاتهم وطيدة جدّا ويصفونها بالمساندة والدّعم على عكس علاقة عائلات الارهابيات فهي تقاطعهن..

أما عن طبيعة علاقة الارهابيين بأعوان السجون، فقد وصفتها الدّراسة بالتّوتّر لأن العناصر تعمد الى عدم الامتثال للضوابط السجنية كرفضهم تحية أعوان السجون.

مخاطر عودة المقاتلين..

أكدت الدّراسة، انه على الرغم من الفطنة الأمنية، فان عودة هذه الجماعات تمثل خطرا كبيرا لأنهم اكتسبوا قدرات قتالية عالية وأبجديات ايديولوجيا التطرف كما يمكن ان يتفاعلوا مع الخلايا الارهابية النائمة.

التوصيات..

واقترحت الدّراسة توصيات للتعامل مع الظاهرة، مشيرة الى ان التعامل مع العائدين من بؤر التوتر يمر حتما عبر اجراءات استباقية والتعاون الاستخباراتي والتعاون الحتمي مع الدول المجاورة.  وما خلصت اليه الدراسة  يتمحور حول عدم وجود تعاون بين تونس وشركائها في مقاومة الارهاب، واعداد مراكز استقبال مختصة واجراءات ثقافية وتربوية متكاملة و التثقيف الديني و اعادة النظر في المنظومة التربوية.

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.