الحملات الانتخابية… ونشاز “الكرنفالات” الدعائية

يسري اللواتي-

لم تشفع رمزية الانتخابات البلدية في تونس، للمشاركين فيها من مستقلين وخاصة أحزاب سياسية، الابتعاد عن الحملات الدعائية الكلاسيكية التي امتزج فيها الواقع بالخيال، في محاكاة “غبية” وممنهجة كان الهدف منها حشد أكبر عدد ممكن من الأصوات للقائمة المترشحة.

ومنذ انطلاق الحملات الانتخابية في 14 أفريل الفارط، بدت جل الحملات، مستهلكة جدا من حيث التقنيات والأساليب، في غياب واضح لأي سياسة اتصالية هادفة ومستجدة، قد تدفع المواطنين للمشاركة في الاستحقاق الانتخابي، ما قد يعطي مشروعية “للنكسة” التي حدثت منذ أشهر خلال الانتخابات التشريعية الجزئية عن دائرة ألمانيا وفي الجزء الأول للانتخابات البلدية الخاص بالأمنيين والعكسريين.

عموما، حافظت جل المكونات السياسية في تونس، منذ انطلاق الحملات الانتخابية على نفس أساليب وتقنيات الدعاية السياسية التي طُبقت خلال انتخابات 2014 بتشريعيتها ورئاسيتها مع بعض التغييرات التي كانت ذات صدى سلبي على عكس ما خططت له الأحزاب.

لم يكن الأمر عسيرا على الكتلة الانتخابية في تونس تقييم الحملات الدعائية لجل الأحزاب بحكم أنها بدت مستهلكة جدا ومتطابقة الى حد كبير مع حملات سابقة ضمت نفس الوعود الانتخابية رغم أن للانتخابات البلدية صدى أكثر ارتباطا بالمشاغل اليومية للمواطنين، فبرزت أغلب الاحزاب محاطة بحزام المنتمين اليها ، في عجز واضح على استقطاب وجوه جديدة قد تساهم في انجاح هذا الاستحقاق.

ولعل المفارقة الأبرز خلال الحملات الانتخابية اهتمام كبرى الاحزاب المشاركة بالخروج عن نطاق الصورة المتداولة في المخيال المواطني، فسارعت النهضة الحزب المحافظ الى ضم وجوه متحررة وغير منتمية الى الحركة ولا تشاركها نفس المبادئ والأفكار، بينما روج الحزب المنافس “النداء” صورا لمترشحين محافظين، كان الهدف منه ربما تصحيح الصورة المتداولة للحزب كونه قاطرة “للتحرر المبالغ فيه” في مجتمع اغلبه من المحافظين.

في الأغلب، ارتكزت هذه المفارقات على هدف انتخابي مرحلي وهو كسب أكبر قدر من الأصوات من جهة وربما تغيير الصورة النمطية للحزبين كمبتغى أقل اهمية، لكن مخلفات هذه “التناقضات”، كان لها صدى سلبي جدا، خاصة لما بدا عدد من المترشحين عاجزين على تقديم برامجهم الانتخابية في أبسط الأساليب، والمقصود هنا هم المستقلون بشكل أساسي.

على المستوى الجماهيري والاحتكاك المباشر مع المواطنين وهي الوسيلة الأكثر “نجاعة” في الدعاية السياسية، تشبث الحزب الحاكم ببعض الممارسات الكلاسيكية، التي بدت “كالكرنفالات” الشعبية الخارجة عن سياق الحملات الانتخابية الهادفة، والبعيدة كل البعد عن أي مضمون قد يدفع بالمواطنين للتصويت لقائمته او حتى المشاركة في الانتخابات بصفة عامة.

هذه “الأساليب والكرنفالات” المُفرغة من المضامين، التي اقترن فيها استحقاق بلدي مهم مع فوضى من الزهو الحيني، لم تكن ذات صدى ايجابي واسع، بل مجرد فسحة خارجة عن السياق الانتخابي، ومصدرا للتندر.

وعلى مستوى الخطب الدعائية، أوقع حزب النهضة نفسه مؤخرا في وعود انتخابية مجانية “أقرب الى الخيال منها الى الواقع”، بعد أن وعد الغنوشي المصوتين لقائمات النهضة في البلديات بالانترنات أو “الويفي” المجاني.

هذا الوعد قد يُقرأ في الظاهر، خاصة لدى القيادات النهضوية ، على أنه وسيلة ناجعة وهادفة لجلب الناخبين، إلا أنه يحمل مضامين مقايضة ارتكزت على “الانتخاب المشروط”، أي التصويت للنهضويين مقابل الحصول على نعمة الانترنات المجاني في المنطقة البلدية.

وقد يكون مطلب الانترنات المجاني المتاح في البلديات مهمّا لدى البعض، إلا أنه قد يكون ثانويا لدى فئة أخرى كانت تنتظر وعودا انتخابية أكثر عمقا وتطرقا الى مشاكل المواطنين خاصة في علاقة بالبنى التحتية.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.