منها قرار العمل بنظام 12/12: قراءة في أسباب ضعف مشاركة الأمنيين في الانتخابات البلدية

هبة حميدي

بقدر الـوقفات الاحتجاجيّة والتحركات التصعيديّة التي  نظّمتها مختلف النقابات الأمنيّة من أجل الضغط  على مجلس نواب الشعب لتمرير قانون يسمح بمشاركة القوات الحاملة للسلاح من أمنييّن وعسكرييّن وأعوان سجون وحماية مدنيّة في المسار الانتخابي وتمكينهم من حق الانتخاب، بقدر ما كانت نسبة اقبالهم على المشاركة في الاقتراع ضعيفة.

هذه الدعوات بالمشاركة في الانتخابات دافعت عنها القيادات الأمنية بشدذة وأثّثت المنابر الاعلامية المسموعة والمرئيّة وأسالت الحبر على أعمدة الصحف، وأخيرا  وبعد الجدل الذي رافق هذه الدعوة بين رافض ومؤيّد، ظفر الأمنيون بحق دستوري هو حق الانتخاب، وصادق البرلمان بتاريخ 31 جانفي 2017 بالسماح للأمنيين والعسكريين بالمشاركة في الانتخابات البلدية والجهوية دون سواهما.

غير أنّ اللاّفت للانتباه أنّه بعد الهرج والمرج وسياسة التصعيد لم تكن مشاركة الأمنيين في الانتخابات البلديةّ في مستوى عملية التجييش والدعوة الى سن قانون يمكنهم من ممارسة هذا الحقّ!

فقد بلغت نسبة مشاركة الأمنيين والعسكريين في الإنتخابات البلدية 12 بالمائة وفق ما أعلنت الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات خلال مؤتمر صحفي أمس الأحد 29 نوفمبر 2018، وشارك في عملية الإقتراع 4492 من حاملي السلاح من جملة 36495 مسجّلا.

وأمام هذه المشاركة الضعيفة للأمنيين، لسائل أين يسأل أين هي تلك الحماسة وعمليات الشحن ورصّ الصفوف التي رافقت الدعوة إلى  ممارسة هذا الحقّ، لماذا لم تتمظهر من خلال الاقبال الكثيف على مراكز الاقتراع يوم أمس؟

يبدو أنّ عدة أسباب أدّت الى ضعف الاقبال الى الانتخابت أولها دعوة النقابات الأمنية إلى مقاطعة العملية الانتخابية، حيث دعت النقابة الوطنية لقوات الامن الداخلي كافة الأمنيين في جميع الأسلاك من حرس وشرطة وسجون وإصلاح وحماية مدنية إلى عدم المشاركة في الانتخابات البلدية، وذلك إطار بقاء الأمنيين محايدين وبعيدين عن التجاذبات الحزبية التي من شأنها تعطيل العمل داخل المؤسسة الأمنية، هذا التحول المفاجئ في قرار النقابات الامنية لم له تقدم له مبررا ربّما تماهى قراراها مع مبد مبدأ “خالف تعرف”.

ضف إلى ذلك غياب الحملات التوعويّة والتحسيسيّة المتوجّهة لرجال الأمن سواء من المؤسّسة الأمنية أو غيرها من المكونات المتداخلة في العملية الانتخابيّة.

سبب آخر ربما يعود إلى نسبة الاقبال الضعيف على الانتخابات، وهو قرار تجميع الأمنيين في دائرة واحدة، إذ كان بإمكان الهيئة المستقلة  اللانتخابات أن تجتهد قليلا وتترك كل أمنيّ ينتخب في المدرسة القرييبة من عنوان سكناه على غرار المواطن المدني، فحتّى لو كان عددهم قليلا لابأس أن تضحّي الهيئة لوجستيّا حتى يترسّخ هذا الحقّ لدى الأمنيين وتترسّخ لديهم قيم المواطنة، وبذلك فإن عامل القرب كان سيلعب دوره.

قرار محوريّ كانت له تداعياته في ضعف الاقبال على الانتخابات وهو دعوة الامنيين يوم ممارسة حق الانتخاب الى العمل بنظام 12/12، قرار السلطة التنفيذية هذا يمنع بذلك الامني من الخروج والالتزام بهذا التوقيت، وتدعم بعمليات تفقّد لعديد الأقليم الامنية لمراقبة مدى الالتزام بالحضور!

ةاللافت للانتباه في عملية أمس أنّ عديدين من اللّذين نادوا بحق الأميين في اختيار مرشّحيهم باركوا ضعف الاقبال على الانتخابات البلديّة واعتبروا أنّ الأمنيين أكّدوا “أنّ لا ولاء إلاّ للوطن”، وبذلك اصبح حسب هؤلاء ممارسة حق الانتخاب المدستر حسب هؤلاء، بمثابة “العيب”.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.