حـقائق أون لاين-
تعددت المقاربات التي أخذت على عاتقها دراسة الظاهرة الاحتجاجية في سياق الربيع العربي؛ ففي حين اختار بعض الباحثين دراستها من مداخل تتصل بالاحتجاج وأشكال ارتباطه السببي بالعوامل الاجتماعية في مختلف أبعادها، اتجه البعض الآخر نحو رصدها بناءً على إستراتيجيات الفاعلين في الفضاء والزمن الاحتجاجيَيْن. وهكذا يبدو الاحتجاج في شتى تجلياته كجبل الجليد العائم الذي يخفي التخوم الفارقة بين الظاهرة وعواملها، أو الفعل وسياقاته.
يندرج كتاب دنيا الرميلي ضمن الصنف الثاني من المقاربات؛ إذ يمثل واحدًا من المحاولات القليلة المتخصصة والجادة التي استأنفت النظر في الانتحار بوسيلة حرق الذات لدى فئة العاطلين عن العمل من الشباب التونسي باعتباره إستراتيجيةً احتجاجية وميكانيزمًا دفاعيًا اتخذ شكلًا جماعيًا منذ أن أقدم عليه محمد البوعزيزي في 17 ديسمبر 2010.
ومع أن الدراسات المتعلقة بظاهرة الانتحار كثيرة في حقلَي علم النفس وعلم الاجتماع، فإنّ أهمية هذا الكتاب لا تكمن في دراسته ظاهرة الانتحار في سياقٍ احتجاجي مميز يتمثل بالحالة التونسية، وفق منهج يزاوج بين النفسي والاجتماعي، ولكن في كونه أيضًا تجاوز منطق الربط الميكانيكي بين السبب في الإقدام على الانتحار ونتيجته، ليسائل المطمور في كثافة أسلوبٍ انتحاري بعينه يتمثل بإحراق الذات، اتخذ نمطًا مترددًا في الزمان والمكان بالشكل الذي صار معه ظاهرةً تمسّ فئةً كثيرة من الشباب التونسي العاطل عن العمل.
الكاتبة: دنيا الرميلي.
العنوان: الانتحار بحرق الذات لدى الشباب التونسي العاطل عن العمل
العنوان الأصلي: Le suicide par auto-immolation chez les chômeurs tunisiens
مكان النشر: تونس.
الناشر: منشورات أرابيسك Arabesques Editions.
تاريخ النشر: 2016.
عدد الصفحات: 224 صفحة.
* نشرت هذه المراجعة في العدد 23 (شتاء 2018) من دورية “عمران” وهي مجلة فصلية محكمة متخصّصة في العلوم الاجتماعيّة، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات.