8 مارس.. تتويج عالمي لنساء صرخن نضالا من أجل مجتمع أكثر إنسانية

دنيا الزغيدي –

هي صانعة الحب وصانعة الفكر وصانعة الخبز.. هي الأم والحبيبة.. الأخت والرفيقة.. هي الوطن.. هي الحياة.. هي التي تتغنى بها حروف اللغات بحثا عن أوصاف تليق بها وبعظمتها وبجلال تكوينها.

فكيف أصبح 8 مارس من كل سنة عيدها العالمي؟

كُتب أول سطر في حكاية اليوم العالمي للمرأة سنة 1856م حين شهد المجتمع الأمريكي لأول مرة خروج آلاف النساء في شوارع مدينة نيويورك للاحتجاج على الظروف غير الإنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها والمطالبة بتقليص ساعات العمل من 16 الى 12 ساعة والمساواة في الأجور بين النساء والرجال، وقد عملت الشرطة على تفريق المظاهرات، ما أدى الى استشهاد 129 عاملة واعتقال المئات منهن ومع هذا نجحت المسيرة في دفع المسؤولين والسياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية، لتبرز كقضية تتطلب النظر فيه.

“الخبز والورد”

راكمت النساء الأمريكيات النضالات وعدن لاحتلال الشوارع مع إضفاء لمسة فنية تتقنها النساء بامتياز، “الخبز والورد”، هكذا لقبت مسيرة عاملات النسيج في 8 مارس 1908 حين تظاهرن للمطالبة بتخفيض ساعات العمل وإيقاف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع وهن يحملن الخبز اليابس رامزا للحق في العمل وباقات الورد رامزة للحق في حياة كريمة، لتشكل حركة “الخبز والورد” بداية الحركة النسوية داخل الولايات المتحدة طالبت بكافة الحقوق الأساسية للمرأة بما في ذلك الحق السياسي إضافة إلى مساواتها مع الرجل.

أول الغيث قطرة…

توجت النضالات النسوية بإعلان الحزب الاشتراكي الأمريكي يوم 8 مارس من سنة 1909، “يوما قوميا للمرأة في الولايات المتحدة الأمريكية”، تخليدا لذكرى اضراب عاملات صناعة الملابس في نيويورك الذي كان رفضا لسوء ظروف عملهن وضعف أجورهن، وجاء الاعلان دعما لحقوق النساء ورفضا لكل أشكال التمييز بين الرجال والنساء في العمل والحياة المدنية.

وفي كوبنهاغن أقر اجتماع أكثر من مائة من النساء من 17 دولة أوروبية وغيرها عقد في عام 1910 بينهن مناضلات عالميات وعضوات برلمانات وأحزاب ضرورة تحديد يوم خاص بعيد عالمي للدفاع عن حقوق المرأة الكاملة وخاصة حقها في التصويت والترشح للمناصب السياسية.

وفي عام 1917 بينت سجلات ضحايا الحرب العالمية الثانية بعد انتهائها مقتل مليوني امرأة روسية مما حدا بنساء روسيا إلى التظاهر تحت شعار”من أجل الخبز والسلام” وبالرغم من محاولات النظام القيصري آنذاك قمع المسيرات وإيقافها إلا أنه فشل أمام التضامن الكبير لنساء روسيا وكذلك تضامن نساء أوروبا معهن في مسيرات مماثلة ما أجبرالقيصر على الموافقة على إعطاء المرأة حقوقها الإنتخابية وفسح المجال أمامها لتكون عنصراً فعالاً في المجتمع إلى جانب الرجل.

وانتظر المنتظم الأممي إلى حدود سنة 1977، لتعلن منظمة الأمم المتحدة اعتمادها لأول مرة هذا التاريخ للاحتفال بنضالات النساء في العالم أجمع و يتحول بذلك الى رمز في حد ذاته تستمد منه الحركات النسوية في سائر دول العالم العبر و التجارب لنحت مسارهن من أجل افتكاك المزيد من حقوقهن.

شعار المنتظم الدولي لسنة 2018

منذ سنة 1996 تختار الأمم المتحدة شعارا لهذا اليوم ووقع الاختيار لسنة 2018، على شعار “الضغط من أجل التقدم”، معتبرة أن الموضوع الرئيسي لهذه السنة هو “حان الوقت.. الناشطات من الريف والحضر يغيّرن حياة المرأة”.

في توصيفها لاحتفالات هذا العام أكدت أنه “الآن، أكثر من أي وقت مضى، هناك دعوة قوية للعمل على المضي قدما وتعزيز المساواة بين الجنسين”.

واعتبر المنتظم الأممي أن احتفالية 8 مارس هذه السنة “تأتي في أعقاب حركة عالمية غير مسبوقة تنادي بحقوق المرأة والمساواة والعدالة”مشيدة بكون التمييز ضد المرأة “قد استحوذ على العناوين الرئيسية والخطاب العام، مدفوعا بعزم متزايد على التغيير”.

وتعتبر المنظمة أن احتفالية هذه السنة فرصة “لتحويل هذا الزخم الى عمل، لتمكين المرأة في جميع البيئات،الريفية و الحضرية، والاحتفال بالناشطين الذين يعملون بلا كلل للمطالبة بحقوق المرأة”.

الإجابة دائما.. تونس

تونس.. هذا البلد الصغير من حيث مساحته وعدد سكانه طالما كان سباقا في محيطه العربي والإسلامي والافريقي في مستوى التشريعات المميزة إيجابيا للمرأة، حرّة تونس التي تغنى بها شاعر الخضراء الراحل محمد الصغير أولاد أحمد بقوله: “كتبت كتبت فلم يبق حرف.. وصفت وصفت فلم يبق وصف.. أقول إذن باختصار وأمضي.. نساء بلادي نساء ونصف”.

هذه السنة تحيي نساء تونس اليوم العالمي للمرأة والعيون متجهة لافتكاك حق طالما ناضلت من أجله الحركة النسوية والتقدمية التونسية منذ عقود وهو “المساواة في الميراث”، حيث ينظم التحالف التونسي من أجل المساواة في الميراث والذي يضم حوالي 75 جمعية ومنظمة من كبار الجمعيات المناضلة في تونس أمثال الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والاتحاد العام التونسي للشغل والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ومركز البحوث والدراسات والتوثيق والاعلام حول المراة والجمعية التونسية للنساء من اجل البحث والتنمية وجمعية مواطنات ورابطة الناخبات التونسيات وأوكسفام تونس وتحالف من أجل نساء تونس والشبكة الأورومتوسطية من أجل حقوق الانسان وغيرها، مسيرة وطنية يوم 10 مارس 2018 للمطالبة بالمساواة في الميراث.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.