“27”.. النية في مهب التجسيد

 يسرى الشيخاوي- 

ما نيل المطالب بالتمنّي لكن تؤخذ "الدراما" غلابا، مقولة تنطبق على العمل الدرامي "27" للمخرج يسري بوعصيدة، هو الإنتاج الأوّل الذي يتطرّق إلى إلى بطولات الجيش التونسي في دحر الإرهاب والتهريب.

فكرة العمل لاقت استحسانا منذ الإعلان عنها خاصة لانحياز فئة من الشعب عاطفيا للمؤسسة العسكرية ذلك يعود إلى عديد المواقف من بينها على سبيل الذكر لا الحصر تلك الصور التي ترسّخت في المخيال الجمعي والتي يظهر فيها عسكري وهو يحول دون تعنيف أمني لأحد المتظاهرين خلال أحداث الثورة.

وإن كانت الانتاجات الدرامية التونسية قد جسّدت جهود المؤسّسة الأمنية في مكافحة الجريمة المنظمة وآخرها "ناعورة الهواء" فإن المؤسسة العسكرية ظلّت غائبة عن الدراما التونسية، الأمر الذي جعل كل الأعناق تشرئب لـ "27".

مع تصريحات مخرج العمل يسري بوعصيدة علا سقف الانتظارات خاصة وأن العمل من إنتاج مؤسسة التلفزة التونسية ودعم وزارة الدفاع الوطني ولكن يبدو أنّ رياح الواقع جرت بما لا تشتهي سفن المخرج.

وفق حديث المخرج وصاحب السيناريو في وقفات إعلامية سبقت التصوير، كان من المنتظر أن يكون المسلسل مغايرا لبقية الأعمال الدرامية على مستوى النص والتصوير وأداء الممثلين وذا بصمة خاصة نابعة من تكوينه في الولايات المتّحدة الامريكية.

في الواقع كان العمل الدرامي مغايرا للانتظارات ولكن يُحسب له أنّه صوّر بعضا من يومي القوات العسكرية التي تواجه تلوينات مختلفة من الإرهاب والتهريب وألقى الضوء على علاقاتها فيما بينها ومع محيطها وإن كان هذا الضوء خافتا.

قصّة العمل لا تخلو من الجدّة والطرافة ولكن الحوار يفتقر إلى العمق الذي يخاطب في المشاهد العاطفة أو العقل على حدّ سواء فيدفعه إلى التأويل والتفكير وربّما يعود ذلك إلى سرعة تنفيذ الفكرة وعدم اختمارها في قريحة السيناريست كما ينبغي.

واستنادا على نفس فكرة " 27" يقوم المسلسل المصري "الاختيار" وهو ما دفع إلى المقارنة بين العملين وإن كانت المقارنة تبعث على الضحك فيما يتعلّق بالميزانية إلا أنّها مشروعة في علاقة بتنفيذ الفكرة وبالحوار وبإدارة الممثل.

إن أفلح المخرج في بعض مواضع الكاستينغ إلا أنّه خاب في مواضع أخرى، وفي بعض المشاهد كان البرود والجمود عنوان الأداء وربّما يعود ذلك إلى استئناف التصوير بعد انقطاع انضباطا لإجراءات مجابهة انتشار فيروس كورونا.

 والمسلسل دعمته وزارة الدفاع الوطني ببعض المشاهد التصورية لتقليد التفتيش ولعمليات إنزال وتحيّة العلم، وهي مشاهد مشحونة بالحماسة التي أجّجتها الموسيقى التصويرية المصاحبة لها وعبارة "بالروح بالدم نفديك يا علم".

موسيقى الجينريك أيضا نقطة مضيئة في العمل الدرامي الذي أثار جدلا واسعا حتّى إن صفحات التواصل الاجتماعي غصّت بتعليقات متابعين كانت أحداث المسلسل دون سقف تطلعاتهم فلم يتوانوا عن نقده وانتقاده.

والهالة الإعلامية التي أحاطت بالمسلسل مع انطلاق العمل على تنفيذه كانت سببا لري الحلم بمسلسل تفتح له الأفواه فاغرة للأسلوب الاخراجي والحبكة الدرامية وعمق الحوار ولكن ميزانية العمل والحجر الصحي وأشياء أخرى حالت دون ذلك وتظلّ الأعمال بالنيات. 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.