2013.. سنة الانكسارات والهزات وحمى التصريحات

هي سويعات وتأتي سنة جديدة بعد أن تكون قد انقضت أخرى كانت حبلى بالنكسات والانكسارات للرياضة التونسية وخاصة للعبة الشعبية الأولى كرة القدم التي كانت المبعث الأول على الخيبة والحسرة قياسا بما جلبه المنتخب الوطني من ألم لكل أنصاره منذ بداية السنة إلى آخرها ضمن حلقات قاسية ومخجلة.. هي سنة خفت فيها بريق الكرة التونسية وتخلفت عنها التتويجات لتنحصر في انجاز وحيد صنعه الصفاقسية بترويضهم لكأس الكنفدرالية للمرة الرابعة في تاريخهم. سنة 2013 ستظل محفورة في أذهان مهووسي الرياضة في تونس نظرا للخيبات المتتالية التي سجلها هذا الموسم ناهيك أنه يعد الأكثر ضعفا على مستوى التتويجات والأكثر تدوينا للهزائم في السنوات الأخيرة.

المنتخب الوطني لكرة القدم ودع سنة 2012 بآمال كبيرة بعد جمعه علامات الاستحسان عقب مشاركته في النسخة 28 من أمم إفريقيا التي احتضنتها غينيا الاستوائية بالاشتراك مع  الغابون. النسور انسحبوا بمردود مشرف وخسارة غير مستحقة في ربع النهائي أمام منتخب غاني أثار إعجاب كل متابعي تلك الدورة ليأمل أنصار النجمة والهلال في رؤية منتخبهم بوجه آخر في نسخة 2013 بجنوب إفريقيا.. آمال تبخرت سريعا بما أن المنتخب ودع الدورة من الدور الأول بعد اكتفائه بمركز ثالث خلف الكوت ديفوار والطوغو.

نسور قرطاج غادروا النسخة 29 من "الكان" بفضيحة كروية كانت كافية لتقيل المدرب سامي الطرابلسي وتأتي بنبيل معلول أحد أكثر الأسماء المثيرة للجدل خلفا له بعد سيناريو رديء الإخراج من وديع الجريء رئيس المكتب الجامعي. معلول قضى فترة قصيرة ولكنها كانت كافية لترمي المنتخب الوطني للمحليين خارج حسابات النسخة الثالثة من "الشان" وذلك قبل بلوغ مرحلة النهائيات رغم أن المنتخب كان المفترض أنه سيذهب للدفاع عن اللقب الذي أحرزه منذ موسمين في أرض السودان.

سقطات "الحاج" لم تكن لتتوقف بما أنه تسلم المنتخب متصدرا لمجموعته بفارق مريح عن ملاحقيه ضمن تصفيات كأس العالم قبل أن تنقلب المعادلة ويتواصل نزيف إهدار النقاط حتى كانت الطامة الكبرى حين انحنى زملاء بن شريفية بثنائية أمام منتخب الرأس الأخضر. هزيمة خيل للكثيرين أنها ستمثل منطلقا نحو تصحيح الأمور في المنتخب سيما بعد التخلي عن معلول لكن تأتي المفاجأة ويتأهل المنتخب إلى مباراة الباراج من تصفيات المونديال بفضل خطأ إداري ليلتقي النسور منتخب الكاميرون بقيادة رود كرول ثالث مدرب للنسور في أقل من 10 أشهر.

كرول صاحب الانجازات مع السي أس أس لم يكن قادرا على انتشال المنتخب من حالة الإفلاس ليكون شاهدا على فضيحة كروية سميت "برابعة الكاميرونية". النسور أهدروا فرصة الوصول إلى المونديال ولم يتشبثوا بالأمل الذي عاد إليهم بلعب المونديال ليؤكدوا عدم أحقيتهم بالتواجد ضمن الكبار فالمونديال عرس يحضر عن الصغار.

على صعيد الأندية كان النادي الصفاقسي الوحيد الذي يرفع الرأس في المسابقات الخارجية فالسي أس أس نجح في أن يكون الفارس الأوحد للكرة التونسية بعد إحرازه على لقب كأس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم فيما عجز الترجي الرياضي عن بلوغ النهائي الرابع على التوالي في دوري أبطال إفريقيا بعد أن غادر المسابقة من نصف النهائي أمام فريق مغمور هو أرولندو بيراتس الجنوب إفريقي.

سنة 2013 ستبقى محفورة في أذهان الكثيرين لما حفلت به من أحداث مؤسفة إذ لأول مرة يتم الحديث علنا عن التلاعب بنتائج المباريات وذلك بعد كشف سليم الرياحي رئيس النادي الإفريقي عن تسجيلات صوتية لعملية بيع وشراء مزعومة بين لاعب ومسؤول من النادي البنزرتي (مروان الطرودي وأمير الجزيري) من جهة ومحمود الدريدي لاعب الشبيبة القيروانية من جهة أخرى وذلك خلال لقاء الجولة الأخيرة من بطولة الموسم المنقضي.

حادثة استأثرت باهتمام الرأي العام واستدعت تدخل الفيفا التي أمرت بمدها بكل جديد في هذه الملف الذي يبدو أنه قد وقع تسييسه بما أنه يدخل شهره السابع دون جديد بل أن الجامعة التونسية قدرت تأهيل اللاعبين بتعلة تواصل الأبحاث القضائية ليدخل الملف طي التجميد بعد أن نال حظه وأدى مهامه..

وتبقى حرب التصريحات والملاسنات بين الرباعي طارق ذياب ووديع الجريء ونبيل معلول ومختار التليلي أسوأ ذكريات الموسم الحالي فقد نزل المستوى بين الرباعي المذكور إلى الدرك السفلي حيث كنا مضطرين على احتمال تصريحات غير مسؤولة خاصة من قبل الوزير الذي أطلق نار تصريحاته في كل حدب و صوب حيث خون وأفشل من أراد غير عابئ بما قد يناله لتتهاطل القضايا المرفوعة ضده تباعا علها تعيد إليه رشده وتضع حدا لمهاتراته.

ولئن أمطرنا الرباعي المذكور بوابل من التصريحات البغيضة فإن رسالة وديع الجريء إلى راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التي سأله فيها أن يرد عنه تدخل وزير يمثل حركته في الحكومة أو قيام الوزير بتوجيه خطاب إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" لاستشارتها قبل حل المكتب الجامعي يعدان من أسوأ التجاوزات في حق الكرة التونسية. رسالة الجريء إلى الغنوشي كانت خطوة سياسية بامتياز وهو ما وضعه في موقف سيء حيث ناله النقد من كل حدب وصوب عقب إصراره على دمج السياسي بالرياضي. أما ما فعله طارق ذياب فكان تهديدا حقيقيا للكرة التونسية على الصعيد الخارجي بما أن تدخل سلط الإشراف في عمل الجامعات المحلية تعده الفيفا تعديا على سيادتها الأمر الذي يحركها دائما لاتخاذ قرارات راديكالية بتجميد نشاطات الاتحادات وممثليها في حالة ثبوت التدخل.

طارق قال أنه لا يهتم لقرارات الفيفا بتعلة أنه ينوي الإصلاح لكن حقيقة ما فاح من هذه الحرب غير الأخلاقية هو المستوى المتدني لمسؤولينا الرياضيين الذين تفرق بينهم الأحقاد والحسابات الشخصية ليكون مآل الكرة التونسية على قدر ما في أنفس مشرفيها وبالتالي فسواد الحصاد لهذا السنة لا يمكن إلا أن يكون امتدادا لما يعتصر الساحة الرياضية من علاقات تكسوها الأحقاد والضغائن وتصفية الحسابات.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.