ما انعكاسات أسعار السلع الأساسیة على عدم الیقین الذي یكتنف التوقعات الاقتصادیة العالمیة؟

 

ظل عدم الیقین سائداً في الأشھر الأخیرة على خلفیة الانتخابات الوطنیة في الولایات المتحدة، والتي تحدد مصیر أكبر اقتصاد في العالم وأولویاتھ السیاسیة. وفي حین توقع معظم المحللین تراجعاً كبیراً في عدم الیقین بعد الانتخابات الأمریكیة في نوفمبر، إلا أنه لا یزال سائدا.ً وبعد الفوز الكبیر لترامب مع تحقیق الجمھوریین “لنصر كاسح”، حیث سیطروا على مجلسي الشیوخ والنواب،

ھناك الآن تساؤلات حول ما إذا كانت ولایة ترامب الثانیة ستتبنى نھجاً “متشدداً” في التعامل مع المقترحات المثیرة للجدل، مثل التعریفات الجمركیة، والموقف المالي، والھجرة. وقد تكون لھذا

الأمر تداعیات كبیرة على النمو العالمي والتضخم.

وبما أنه من الصعب جداً استقراء الكثیر من معطیات السیاسة الأمریكیة، وخاصة قبل أن تبدأ ولایة ترامب، فإننا نحول تركیزنا إلى أسواق السلع الأساسیة لتحلیل انعكاسات حركة أسعار السلع الملموسة الرئیسیة على الاقتصاد العالمي. توفر السلع الأساسیة رؤى مھمة حول سلامة الأوضاع العامة للاقتصاد العالمي، نظراً لأھمیتھا في البناء والنقل والتصنیع والمواد الغذائیة. ویتضمن

ذلك المعلومات ذات الصلة باتجاھات المعنویات والتضخم، حیث تقود أسعار السلع الأساسیة في كثیر من الأحیان أو تؤكد نقاط التحول الدوریة.

تحلیل دینامیات أسعار السلع الأساسیة

 

ϲ Ϩδ όέϨμάϐϰΘό.6δϋϣτϳ0 90 3.3ϊϴϳϠϗϴϨ 33.0 88 57 0.3 39.5) نسبة التغیر منذ ذروة الأسعار في مایو 2022 وفي السنة حتى تاریخھ)

المصادر: ھیفر، تحلیلات QNB

 

من وجھة نظرنا، یبدو أن الأسعار في مجمع السلع الأساسیة ككل تحافظ على رؤیة كلیة داعمة لاستقرار النمو مع تراجع مستمر في معدلات التضخم، على الرغم من المخاوف الأخیرة بشأن

احتمالیة زعزعة ولایة ترامب الثانیة لتوقعات التضخم. وھناك ثلاثة عوامل تدعم ھذا الموقف.

أولا،ً لا تزال أسعار السلع الأساسیة بشكل عام أقل بكثیر من الذروة التي بلغتھا مؤخراً في مایو ،2022 ولكنھا تعتبر مستقرة تقریباً في السنة حتى تاریخھ. ویبدو أن ھذا یناقض الروایات بشأن إعادة تسارع الاقتصاد العالمي أو ارتفاع التضخم وحدوث تباطؤ حاد وشیك. في الواقع، تشیر عملیة تصحیح الأسعار بعد الذروة التي بلغتھا في مایو ،2022 دون حدوث تقلبات كبیرة أو عودتھا للارتفاع في الأشھر الأخیرة، إلى أن اتجاه تراجع التضخم لا یزال سلیما.ً ومن ناحیة أخرى، یشیر استقرار الأسعار منذ بدایة العام إلى مرونة الاستھلاك والاستثمار العالمیین. وتجدر الإشارة إلى أن الزیادة المعتدلة في أسعار المعادن الصناعیة في السنة حتى تاریخھ، وخاصة النحاس، تنبئ بتحسن أوضاع النمو في آسیا الناشئة والصین على وجھ الخصوص، التي تعتبر مستھلكاً كبیراً للنحاس.

نسبة أسعار النحاس إلى الذھب.

)2010-2024(

0.35678 0.9 Ϣ0Ϩπ Θν ϭ

المصادر: ھیفر، تحلیلات QNB

ثانیا،ً یبدو أن نسبة أسعار النحاس إلى الذھب، وھي مقیاس تقلیدي لتوقعات النمو والتضخم، وكذلك لمعنویات المخاطرة، تشیر إلى بیئة معتدلة خلال الأرباع القادمة. وھذا یتناقض مع الرأي القائل بأن ولایة ترامب الثانیة قد تزید من الناتج المحلي الإجمالي المحتمل والتضخم، مما یعزز بقوة “الرغبة في المخاطرة” لدى المستثمرین. ولو كان الأمر كذلك، لارتفعت أسعار النحاس بوتیرة أسرع من أسعار الذھب، مما یؤدي إلى زیادة نسبة أسعار النحاس إلى الذھب. بدلاً من ذلك، حدث العكس. ویشیر ھذا الأمر، إذا نظرنا فقط إلى أسواق السلع الأساسیة ودینامیاتھا، إلى توقعات بانخفاض الضغوط التضخمیة مع نمو معتدل.

ثالثا،ً من المرجح أن یكون ارتفاع أسعار المعادن الثمینة انعكاساً لارتفاع علاوة المخاطر الجیوسیاسیة وزیادة الطلب المؤسسي على الأصول غیر المرتبطة بولایة قضائیة معینة، ولیس ناتجاًعن أي عامل أكثر أھمیة یتعلق بالنمو أو التضخم. أسعار الذھب قریبة من أعلى مستویاتھا على الإطلاق، حیث ارتفعت بنسبة 42% منذ مایو 2022 لتقترب من 2,650 دولار أمریكي
للأونصة. ومع ذلك، فإن أسعار الفضة، التي تعد عنصراً أساسیاً في الاقتصاد الجدید (صناعات التكنولوجیا والطاقة النظیفة)، أقل بكثیر من مستویاتھا المرتفعة الأخیرة، ویعتبر أداءھا بشكل عام
أقل قلیلاً من أداء الذھب. ولو كان ھناك اتجاه كبیر نحو ارتفاع النمو والتضخم، لارتفعت أسعار الفضة بسرعة أكبر من أسعار الذھب. بشكل عام، وعلى الرغم من المخاوف من تسبب ولایة ترامب
الثانیة في نمو وتضخم غیر متوازنین، فإن أسعار السلع الأساسیة تشیر إلى سیناریو أكثر إیجابیة یتسم باعتدال النمو واستمرار انخفاض التضخم. أصبحت معظم السلع الأساسیة الدوریة مستقرة
الآن وتعتبر أسعارھا أقل بكثیر من الذروة الأخیرة، وتستمر نسبة أسعار النحاس إلى الذھب في الانخفاض، مع تفوق أسعار الذھب على أسعار الفضة، مما یشیر إلى عدم وجود ضغوط من الطلب
الكلي الزائد أو النشاط الاقتصادي المفرط.

إخلاء مسؤولیة: تم إعداد المعلومات الواردة في ھذه المطبوعة (“المعلومات”) من قبل بنك قطر الوطني (ش.م.ع.ق) (“QNB (“ویشمل ھذا المصطلح فروعه وشركاته التابعة. یُعتقد بأن ھذه المعلومات قد تم الحصول علیھا من مصادر موثوقة، ومع ذلك فإن QNB لا یقدم أي ضمان أو إقرار أو تعھد من أي نوع، سواءً كان صریحاً أو ضمنیا،ً فیما یتعلق بدقة المعلومات أو اكتمالھا أو موثوقیتھا كما لا یتحمل المسؤولیة بأي شكل من الأشكال (بما في ذلك ما یتعلق بالتقصیر) عن أي أخطاء أو نقصان في المعلومات.
یُخلي QNB بشكل صریح مسؤولیته عن كافة الضمانات أو قابلیة التسویق فیما یتعلق بالمعلومات أو ملاءمتھا لغرض معین. یتم توفیر بعض الروابط لمواقع إلكترونیة خاصة بأطراف ثالثة فقط لراحة القارئ، ولا یؤید QNB محتوى ھذه المواقع، ولا یعتبر مسؤولاً عنھ، ولا یقدم للقارئ أي اعتماد فیما یتعلق بدقة ھذه المواقع أو ضوابط الحمایة الخاصة بھا. ولا یتصرف QNB بصفتھ مستشاراً مالیاً أو خبیراً استشاریاً أو وكیلاً فیما یتعلق بالمعلومات ولا یقدم استشارات استثماریة أو قانونیة أو ضریبیة أو محاسبیة. إن المعلومات المقدمة ذات طبیعة عامة، وھي لا تُعتبر نصیحةً أو عرضاً أو ترویجاً أو طلباً أو توصیةً فیما یتعلق بأي معلومات أو منتجات مقدمة في ھذه المطبوعة. یتم تقدیم ھذه
المطبوعة فقط على أساس أن المتلقي سیقوم بإجراء تقییم مستقل للمعلومات على مسؤولیتھ وحده. ولا یجوز الاعتماد علیھا لاتخاذ أي قرار استثماري. یوصي QNB المتلقي بالحصول على استشارات استثماریة أو قانونیة أو ضریبیة أو محاسبیة من مستشارین محترفین مستقلین قبل اتخاذ أي قرار استثماري. الآراء الواردة في ھذه المطبوعة ھي آراء المؤلف كما في تاریخ النشر. وھي لا تعكس بالضرورة آراء QNB الذي یحتفظ بحق تعدیل أي معلومات في أي وقت ودون إشعار. لا یتحمل QNB أو مدیروه أو موظفوه أو ممثلوه أو وكلاؤه أي مسؤولیة عن أي خسارة أو إصابة أو أضرار أو نفقات قد تنجم عن أو ترتبط بأي شكل من الأشكال باعتماد أي شخص على المعلومات. یتم توزیع ھذه المطبوعة مجاناً ولا یجوز توزیعھا أو تعدیلھا أو نشرھا أو إعادة نشرھا أو إعادة استخدامھا أو بیعھا أو نقلھا أو إعادة إنتاجھا كلیاً أو جزئیاً دون إذن من QNB.
وعلى حد علم QNB، فإنھ لم تتم مراجعة المعلومات من قبل مصرف قطر المركزي أو ھیئة قطر للأسواق المالیة أو أي جھة حكومیة أو شبھ حكومیة أو تنظیمیة أو استشاریة سواءً داخل قطر أو خارجھا، كما لم یقم QNB بطلب أو تلقي أي موافقة فیما یتعلق بالمعلومات.

آخر الأخبار

الأكثر قراءة

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.