شيّعت حشود من الفلسطينيين في غزة، الإثنين، جثامين ستة صحفيين قضوا في غارة إسرائيلية، بينهم خمسة من طاقم قناة الجزيرة، حيث انطلقت الجنازة من مستشفى الشفاء وسط دمار المباني، مرورًا بالأزقة الضيقة وصولًا إلى مقبرة الشيخ رضوان.
وتجمع العشرات وسط المباني التي تحولت إلى أنقاض في باحة مستشفى الشفاء لتكريم أنس الشريف، مراسل الجزيرة (28 عاما)، وزملائه الأربعة الذين سقطوا ليل الأحد.
وحمل المشيعون وبينهم من كان يرتدي سترات الصحافيين الزرقاء، الجثامين الملفوفة بالأكفان ووجوهها مكشوفة عبر الأزقة الضيقة إلى مقبرة الشيخ رضوان.
ونددت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بـ”خرق صارخ للقانون الإنساني الدولي” وقال المفوض فولكر تورك على إكس إن “على إسرائيل احترام وحماية جميع المدنيين بما في ذلك الصحافيين”.
ونددت منظمة “مراسون بلا حدود” الإثنين “بشدة وغضب بالاغتيال الذي أقر به” الاحتلال الإسرائيلي لأنس الشريف الذي وصفته المنظمة بأنه كان “صوت المعاناة التي فرضتها قوات الاحتلال على الفلسطينيين في غزة”، داعية “الأسرة الدولية إلى تحرك قوي لوقف الجيش الصهيوني”.
وأكدت المنظمة أن “على مجلس الأمن الدولي أن يجتمع بصورة عاجلة بناء على القرار 2222 الصادر في 2015 والمتعلق بحماية الصحافيين في زمن النزاعات المسلحة” لتفادي “جرائم القتل المماثلة خارج إطار القانون للعاملين في مجال الإعلام”.
وفي موقع الضربة، تشهد آثار الشظايا على جدار أبيض وفرش مبعثرة أرضا على الضربة فيما لم يبق من خيمة الصحافيين سوى هيكلها الحديدي.
وكان الشريف، وهو من مواليد العام 1996، من أبرز وجوه القناة التي تنقل ميدانيا الأحداث في غزة عبر تقديم تقارير يومية ضمن تغطية منتظمة. وفي جويلية، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، مقتطفات من تغطية مباشرة له من باحة مستشفى الشفاء، وقد بدا عليه التأثر الشديد أثناء حديثه عن معاناة السكان في غزة من الجوع.
“عشت الألم بكل تفاصيله”
وعقب استشهاده، نُشِرت عبر صفحة الشريف على منصة إكس رسالة تحمل تاريخ السادس من أفريل 2025، مع تعليق “هذا ما أوصى بنشره الحبيب الغالي أنس عند استشهاده/إدارة الصفحة”.
وجاء فيها “إن وصلَتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي”.
ويضيف في رسالته “عشتُ الألم بكل تفاصيله، وذُقت الوجع والفقد مرارا، ورغم ذلك لم أتوانَ يوما عن نقل الحقيقة كما هي، بلا تزوير أو تحريف، عسى أن يكون الله شاهدا على من سكتوا ومن قبلوا بقتلنا، ومن حاصروا أنفاسنا ولم تُحرّك أشلاء أطفالنا ونسائنا في قلوبهم ساكنا ولم يُوقِفوا المذبحة التي يتعرّض لها شعبنا منذ أكثر من عام ونصف” منذ اندلاع الحرب.
وتحدث الشريف عبر صفحته خلال الليل عن القصف. وكتب “قصف إسرائيلي عنيف ومركز بأحزمة نارية يستهدف المناطق الشرقية والجنوبية من مدينة غزة”، قبل أن ينشر فيديو قصيرا مع تعليق “قصف لا يتوقف… منذ ساعتين والعدوان الإسرائيلي يشتد على مدينة غزة”.
ويعد هذا الهجوم الأحدث في سلسلة استهدافات طاولت صحافيين ومصورين خلال الحرب، حيث قتل في القطاع نحو 200 إعلامي، وفقا لمنظمات غير حكومية.