آلية لحماية النباتات قد تعزز تطوير محاصيل أكثر مقاومة للجفاف

اكتشف فريق من العلماء، آلية خلوية جديدة تحمي النباتات من الانهيار عند تعرض جدران خلاياها للتلف، عن طريق عملية تُشبه الالتهام الذاتي عند البشر.
يلعب هذا النظام دوراً رئيسياً في منع تمزق الفجوة العصارية، وهي حجرة خلوية مملوءة بالماء تمنح النباتات صلابتها، وقدرتها على النمو بشكل مستقيم.
وكشفت الدراسة، المنشورة في دورية “نيتشر بلانيت” Nature Planet، أن تلف الجدار الخلوي يؤدي إلى إعادة توجيه جزيء يُعرف باسم ATG8 إلى غشاء الفجوة العصارية لحمايتها من التمزق.
ويفتح هذا الاكتشاف الباب، لفهم أعمق لكيفية مقاومة النباتات للضغوط البيئية، ما قد يسهم في تطوير محاصيل أكثر تحمّلاً لمشكلات الجفاف والأمراض.
عملية الالتهام الذاتي
والالتهام الذاتي هو عملية بيولوجية تلعب دوراً حاسماً في حماية الخلايا النباتية من التلف، خاصة عند تعرض الجدار الخلوي للضرر. تعتمد هذه العملية على بروتين ATG8، الذي يُعد عنصراً رئيسياً في نظام الالتهام الذاتي، وهي آلية خلوية تساهم في التخلص من الأجزاء التالفة داخل الخلية.
عندما تعاني النباتات من الجفاف، تذبل أوراقها وتتدلى سيقانها، ولكن بمجرد ريّها تستعيد حيويتها بسرعة، مما يعكس توازناً دقيقاً على المستوى الخلوي يمنح النبات صلابته وقدرته على الوقوف منتصباً. يعتمد هذا التوازن على العلاقة بين الجدار الخلوي القوي والمرن، والفجوة العصارية، وهي حجرة خلوية كبيرة مملوءة بالماء تعمل مثل البالون، حيث تضغط على الجدار الخلوي، وتمنح النبات صلابته.
لكن هذا التوازن يصبح هشّاً عند تلف الجدار الخلوي؛ إذ قد يؤدي ذلك إلى تمزق الفجوة العصارية وإطلاق محتوياتها، مما يتسبب في موت الخلية. ورغم أن آليات إصلاح الجدار الخلوي معروفة جيداً، إلا أن كيفية حماية الفجوة العصارية من التمزق عند تغير الضغط المفاجئ لا تزال غير مفهومة بالكامل.
وعندما يتعرض الجدار الخلوي للضرر، مثل التمزق أو الانهيار نتيجة الضغوط البيئية أو العدوى المرضية، تستشعر الخلية هذا الخلل بسرعة، وتطلق إشارات تحذيرية داخلية.
في الظروف الطبيعية، يوجد بروتين ATG8 داخل حويصلات صغيرة داخل الخلية مسؤولة عن عملية الالتهام الذاتي. ولكن عند حدوث التلف في الجدار الخلوي، يتم تحفيز بروتين ATG8 للانتقال إلى غشاء الفجوة العصارية، مما يؤدي إلى تفاعله مع مكونات الغشاء في عملية تُعرف باسم ATG8ylation.
والفجوة العصارية، هي حجرة مملوءة بالماء تلعب دوراً رئيسياً في الحفاظ على صلابة الخلية النباتية، وتوازن الضغط الداخلي. عند تلف الجدار الخلوي، قد تتعرض الفجوة لخطر التمزق نتيجة فقدان التوازن في الضغط. وهنا يأتي دور تلك العملية، حيث يعمل بروتين ATG8 إما على تقوية غشاء الفجوة لمساعدته على التمدد واستيعاب التغير في الضغط، أو على عزل وإزالة الأجزاء التالفة من الغشاء لمنع حدوث تمزق كارثي.
العوامل البيئية القاسية
إذا لم تعمل هذه الآلية بشكل صحيح، فإن الفجوة العصارية قد تتمزق، مما يؤدي إلى إطلاق محتوياتها داخل الخلية والتسبب في موتها. ولذلك، فإن تلك العملية تمثل آلية دفاعية أساسية تحافظ على سلامة الخلايا النباتية، خاصة في مواجهة العوامل البيئية القاسية مثل الجفاف، أو العدوى الفطرية.
وأظهرت الدراسة، أن أي تغييرات تعيق هذه العملية تؤدي إلى فشل انتقال ATG8 إلى غشاء الفجوة العصارية، مما يتسبب في تمزقها وموت الخلايا.
ويسعى الفريق، إلى فهم كيفية استشعار الخلية لتلف الجدار الخلوي، بالإضافة إلى آلية عمل ATG8 في حماية الفجوة العصارية.
ويقول الباحث المشارك في الدراسة، خوسيه جوليان، إن فهم هذه العملية سيكون ضرورياً لمعرفة كيفية حماية الخلايا النباتية من التأثيرات البيئية القاسية، مثل العدوى الفطرية والضغوط المناخية.
وأضاف: “سندرس ما إذا كان ATG8 يساعد غشاء الفجوة العصارية على التمدد لاستيعاب التغير في الضغط، أو ما إذا كان يساعد في عزل وإزالة الأجزاء التالفة من الغشاء”.
يمثل هذا الاكتشاف خطوة مهمة نحو فهم كيفية استجابة النباتات للضغوط البيئية، مما قد يساهم في تطوير نباتات أكثر مقاومة للجفاف والأمراض، وهو ما يحمل تأثيرات كبيرة على الزراعة وإنتاج المحاصيل في ظل التغيرات المناخية المتسارعة.
(أخبار الشرق- محمد منصور)

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.