هيئة الحقيقة والكرامة…وشريفة بنت الفاضل! (رأي)

لم أكن أسمع عن "شريفة بنت الفاضل" حتى سنوات الجامعة…فقد تناهى مرّة الى مسمعي حديث احدى الطالبات عن صديقها مفاده "اذا جا خطبني فبها..ما جاش 1.200 دينار نولّي شريفة بنت الفاضل وناخو غيرو". وأدركت ساعتها أن تلك التسمية تطلق على من تخضع لعملية ترقيع غشاء البكارة. 

وعلى الرغم من كوني لا أفتي في العلاقات الجنسية خارج اطار الزواج فلا أحثّ عليها ولا أنهى عنها، فانني أعارض حتى النخاع ذلك الغش والخداع المتمثّلين في الضحك على ذقن زوج ليلة عرس…وأرى أنه على الفتاة المعنية أن تتحلّى بالجرأة وتخبر خطيبها بعدم عذريتها، بدل أن تجعله "يغرق في العسل" ظانا نفسه قد عقد قرانه على "شريفة بنت الفاضل"…

أنا ضدّ العملية لأنها مشهد رخيص في فيلم ساقط، بل هي نعمة من نعم التطور الطبي والعلمي لا تتمتّع بها غير "المقتدرات" من الفتيات فيما تحرم منها أخريات بسبب قلّة ذات اليد… فاذا عدّ افتضاض البكارة سقوطا، لم يسمح منطق الأمور للثريات بترقيع "شرفهن" وتمنع الفقيرات من ذلك؟ بل لم يكتب على الفتاة المغتصبة المعوزة أن تحمل "عار الاغتصاب" (كما يراه المجتمع) بقية حياتها فيما تمسح الميسورة نفس الأثر عن جسدها بقوة الرصيد البنكي؟

لست أكتب مقالي اليوم لأتحدث عن البكارة التي يعبدها العرب من المحيط الى الخليج، بل عن بكارة جديدة صارت عيون التونسيين تحجّ اليها منذ ثلاث سنوات… هي المصداقية التي لا يختلف اثنان على ضرورة تزيينها جسد كلّ هيئة يتمّ انتخابها أو تعيينها أو تركيزها في تونس…

وللمصداقية في جسد هيئة الحقيقة والكرامة غشاء رفيع أغلب الظنّ أنه افتضّ قبل دخول "التصويت عليها" بها…فقد تحرّش بها المتحرّشون وواقعها كثيرون واغتصبها من الحبر السائل والالكتروني ما كان حريّا بأن يزهق روحها قبل اليوم الذي يوعدون… 

قيل ان تركيبة الهيئة الجديدة التي ستتمتّع بصلاحيات مطلقة تشوبها شوائب وتلفّها حسابات وتتجاذبها محاصصات…ورفع البعض عقيرته بالبكاء والشكوى من هذا المترشّح أو ذاك… وتوعّد آخرون بأنه لن يكتب للهيئة في تركيبتها تلك أن تبصر النور… 

لكن الهيئة المتخبّطة في بطن "الحقيقة والكرامة" خرجت الى الدنيا وتعمّدت في موكب دولي مشهود وكبرت كما لو كانت بنيّة نجت بفضل السماء من الوأد في عهد الجاهلية… وهي تستعدّ اليوم استعداد العروس لاستقبال ملفّات انتهاك حقوق الانسان منذ عام 1956، دون أن تبدأ بمصارحة التونسيين حول حقيقة الاتّهامات التي طالت عذريتها السياسية والحزبية…

ولأن العدالة الانتقالية في تونس عرس لا يتمنّى له أي تونسي أن ينتهي الى الطلاق، فقد وجب على أعضاء الهيئة الموقّرة أن يحفلوا بالشارع التونسي وأسئلته الحائرة وأن يتحلّوا بالشجاعة والجرأة على مصارحته بكلّ ما من شأنه أن يمسّ من شرف الهيئة وسمعتها… 

ذلك المثل المصري الذي يقول "شرف البنت زي عود الكبريت ما يولّعش غير مرّة واحدة" ، والذي ثبت بطلانه بدليل الألف ومائتي دينار السحرية، يمكن تطبيقه على شرف الهيئات والمجالس التي لو أدّى أي عامل الى خدشه أو التعدّي عليه، فلن تعيده ملايين الدينارات ولا ملايين الملايين…لأن شرف الهيئات المنتخبة كعود الكبريت يشتعل مرّة واحدة!

بعد التهنئة بالتركيز، أتوجّه لهيئتنا المصون بالنصيحة فأقول: كوني مثالا للصوت الصّادح بالحق ولا تكوني ممثّلة على فراش زوج مغدور…وأضيف : خبّرينا دون مواربة ، هل أنت "شريفة" أم …"شريفة بنت الفاضل"؟!

 

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.