هل وجد تنظيم داعش الارهابي موطئ قدم في تونس؟

عاشت تونس خلال الأيام الاخيرة على وقع الجريمة الارهابية البشعة التي راح ضحيتها الراعي الشاب مبروك السلطاني ذو الـ16 ربيعا على يد مجموعة ارهابية مسلحة قامت بقطع رأسه وتسليمها لابن عمه الذي لم يتجاوز الـ14 عاما لينقلها في كيس بلاستيكي إلى المنزل تاركا وراءه بقية الجثة.

فظاعة المشهد قد توحي بان الفاعلين ليسوا من معشر البشر ولكنهم للاسف كذلك، خاصة وأنهم ينتمون إلى الجماعات الارهابية التي تتحصن في جبال تونس منذ سنوات، فهم أنفسهم -على سبيل الذكر لا الحصر- اولئك الذين قاموا بذبح الجنود في الشعانبي منذ سنتين وأعدموا راعي الأغنام نجيب القاسمي منذ شهر في القصرين وقبله الراعي سامي العياري في الكاف، وقد تبنت جلّ هذه العمليات ما يعرف بكتيبة عقبة ابن نافع.

ولعلّ الطريقة التي قُتل بها الشهيد مبروك السلطاني نهاية الأسبوع الفارط جديدة على المستوى النوعي للجماعات الارهابية في تونس رغم انها ليست بالغريبة على ما ارتكبه ويرتبكه كل يوم تنظيم "داعش"، حتى ان كتيبة عقبة ابن نافع التي عودتنا على التفاخر بكل عملية ارهابية تقوم بها أعلنت اليوم عدم مسؤوليتها عن الجريمة وهو ما يبعث على التساؤل : هل وجد أخيرا تنظيم داعش الارهابي موطئ قدم في تونس؟

في هذا الإطار يرى الصحفي والباحث في شؤون الجماعات الجهادية أحمد نظيف أنه، لو صح فعلاً نفي كتيبة عقبة بن نافع حول وقوفها خلف استشهاد الشاب مبروك السلطاني، الذي نُشر على حسابها في موقع تويتر، فإن ذلك يعزز فرضية وجود انقسام داخل التيار الجهادي التونسي بين موال لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وموال لتنظيم القاعدة بقيادة الظواهري، مضيفا أن ذلك ليس أمراً مقتصراً على الساحة التونسية بل متجاوزاً لها حيثما وجدت جماعات جهادية في ليبيا ومصر والجزائر وسوريا والعراق.

وذكّرنظيف في تصريح لحقائق أون لاين اليوم الاثنين 16 نوفمبر 2015، بما حصل العام الماضي من اقتتال بين تنظيم جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا، من جهة وتنظيم الدولة الإسلامية، مشيرا إلى أن آثاره لم تتوقف حينها على الساحة السورية بل تجاوزتها لبقية الساحات الساخنة، وظهر جلياً في المنطقة المغاربية، خاصة بعد الظهور المتكرر لزعيم القاعدة أيمن الظواهري ووصفه للدواعش بالتكفيريين ودعوته لقادة وعناصر التيار الجهادي بالانسلاخ عنهم.

وأوضح محدثنا أن هذا الصراع بين القاعدة وداعش تجلى في الساحة التونسية على شكل انقسام داخل التيار الجهادي الذي كان متوحداً في تنظيم أنصار الشريعة وّذراعها العسكري "كتيبة عقبة بن نافع" ثم انقسم إلى مجموعة بايعت داعش ومجموعة ثانية حافظت على بيعتها القديمة لتنظيم القاعدة، مؤكدا انه لا يمكن النظر لهذا الانقسام في الساحة التونسية بمعزل عن الانقسامات التي وقعت في الساحتين الليبية والجزائرية اللتين يعمل عناصرهما بتنسيق كامل مع نظرائهم في تونس. 

وعما إذا كانت هذه الانقسامات يمكن ان تفتح الأبواب على مصراعيها أمام "داعش" للدخول إلى تونس، يرى أحمد نظيف الأمر كالتالي: "في ليبيا حافظت القيادات التاريخية للتيار الجهادي على ولائها للقاعدة وتوحدت في "مجلس شورى مجاهدي درنة" وأسست نظيراً له في بنغازي وأجدابيا، ثم دخلت في صراع عسكري مع داعش وتمكنت من إخراجها من مدينة درنة معتمدةً على حاضنة شعبية واسعة وعميقة لها هناك. أما في الجزائر فقد كونت العناصر المنسحبة من القاعدة تنظيماً جديداً أطلقت عليه اسم "جند الخلافة" وبايعت داعش علناً ونفذت عمليات اختطاف طالت سياحا أجانب".

وتابع نظيف : "ما يهمنا على المستوى التونسي أن هذا الانقسام وفي كل الحالات هو عامل سيزيد من إضعاف هذه الجماعات ويقلص من مساحة تحركها في المنطقة الحدودية حيث ستضطر، نظراً لخلافاتها ، إلى اقتسام مناطق النفوذ. لكن يبقى ذراعها الضارب والقوي هو وصول أفكارها إلى عناصر جديدة يمكن أن تأخذ بزمام المبادرة منفردةً في المدن، وهذه هي المعضلة الكبرى".

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.